عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كثر الحديث حول تجربة طاش ما طاش في جزئه السابع، ففي حين اشاد البعض بتواصل التجربة وعدّوها خطوة ناجحة من ضمن خطوات هذا المسلسل، شحذ آخرون سكاكينهم بل وأعملوا فيه اسلحتهم ذبحاً وسلخاً وتقطيعاً!
والحقائق التي تغافل عنها البعض، وخصوصاً اولئك الناقمين، ان حلقات المسلسل جذبت اعداداً كبيرة جداً من المشاهدين، وساهمت بشكل كبير في ثبات درجة الاقبال على القناة السعودية رغم المغريات الفخمة التي حشرتها القنوات الفضائية الاخرى لجذب المشاهدين,
والمسلسل في جزئه السابع هو استمرار لاجتهادات القصبي والسدحان لترسيخ دراما سعودية قادرة على الاقناع والجذب والمنافسة، فالكثير من المعوقات ظلت تكبل خطوات السعي في هذا الاتجاه، والمساعي لم تتوقف لأجل ان يكون لنا دراما وطنية حقيقية,, والكثيرون كان لهم بصماتهم سواء في المشاركة بأعمال يتم انتاجها في بعض الدول الشقيقة او انتاج اعمال داخلية,, لكن اجتهادات وتجربة السدحان والقصبي عبر طاش ما طاش استطاعت في تقديري ان تزيل الشك عن مقدرة العمل الدرامي السعودي في فرض نفسه على اهتمام المشاهد، بل ان هذين الممثلين القديرين استطاعا بجهدهما ومشاركة فريق العاملين معهما ان يجبرا الكثيرين من المقيمين والمشاهدين من الدول الشقيقة على متابعة اعمالهما، واستطاع طاش ما طاش ان يجد لنفسه مساحة للتفاعل في ذهنية المشاهد,, واتسعت متابعته لتشمل فئات عُمرية متعددة، وحملت حلقاته كل وسائل الجذب عبر التعليق الضاحك، والموقف المحزن، واللقطة المثيرة للترقب، والنظرة الناقدة، كما اشتمل المسلسل على اضافات ثرية للعمل الدرامي السعودي عبر السيناريو واللقطات الخارجية والاخراج المقنع,, بالاضافة الى الكثير من فنيات الجذب مثل الخيال الممتع وتضخيم الحدث الدرامي الصغير ليصبح تحت مجهر التشريح,, الخ,
واذا كان البعض قد اخذ على طاش ما طاش نقده اللاذع لظواهر اجتماعية قد تكون صغيرة جداً، ففي رأيي ان ذلك كان من اهم مرتكزات النجاح لهذا العمل، فالدراما الخفيفة الممزوجة بالكوميديا هي التي تقتنص الموقف مهما كان صغيراً، وتوجه له سهام النقد لمعالجته قبل استفحاله، والمشاهد السعودي اصبح على درجة عالية من الوعي الذي يجعله عيناً راصدة للإيجابيات وناقدة للسلبيات، وممارسة نقد التراث ليس من قبيل نشر الغسيل كما قد يتوهم البعض، فمجتمعنا، ولله الحمد، يزخر بالإيجابيات من كل نوع، وبلادنا توفر اسلوب حياة للمواطنين والمقيمين فيها جعلها مطمعاً للكثيرين في كافة دول العالم ليزوروها ويقيموا فيها وينعموا بخيراتها,
لكن هذا لا يمنع من اننا ككل مجتمعات العالم نعاني من بعض السلبيات، ونملك شجاعة الاعتراف بهذه السلبيات إيماناً منا بأن ذلك يشكل الخطوة الأولى في العلاج، وهذا ما سعى اليه مسلسل طاش ما طاش الذي استطاع ان يعكس فكرة راقية عن المواطن السعودي وقدرته على التمحيص والمتابعة ونقد السلبيات دون شطط او تهويل,,
ان طاش ما طاش عمل كبير وجميل وجهد وطني واعد، وقد لا تخلو بعض حلقاته من هنّات هنا او هناك، لكن يظل التقييم النهائي لهذا العمل هو نجاح باهر حيث استمتعنا بكل الحلقات، وتفاعلنا مع كل التفاصيل، وانسجمنا مع المواقف، والاهم: استطعنا ان نقنع الآخرين بأن من الممكن للدراما السعودية
ان تنجح وأن تجذب المشاهدين وأن تنافس الكثيرين ممن سبقونا في هذا المجال وتكسب نقاطاً كبيرة لصالحها ولصالح تلفزيوننا العزيز,
عبدالله العربي
الرياض