بيننا كلمة أعظم شاعر في القرن العشرين د , ثريا العريّض |
ونحن نودع القرن العشرين نتساءل عن أهم الشخصيات التي تركت تأثيرا واضحا وملموسا في مجالاتها المتخصصة ولعل اسم تي اس إليوت يبرز متفرداً بأنه ترك أكبر تأثير في حركة الثقافة والادب والنقد الغربي الحديث,, وبالتالي في كل الساحة العالمية متأثرة بتجديداته الحيوية النافذة.
وفي حين ان استخدام أفعل التفضيل في تصنيف الأدباء والفنانين قد يكون من غير المتفق عليه غير انه في حالة تي أس إليوت قد لا يختلف اثنان في أنه ترك التأثير الأعظم, قصيدته الارض اليباب يعرفها وتأثر بها كل شعراء العالم منذ نشرها في الاربعينات, وهي أطول قصائده، وظهرت فيها بأقوى صورة آثار التمزق الفردي والمجتمعي وانفصام القيم والمبادئ الذي سببته الحرب العالمية الأولى، وتعد بإجماع النقاد أروع أعماله الشعرية على الاطلاق، وهي تنم عن خيبة كبيرة بالقيم الروحية المعاصرة، وتظهر هذه القصيدة أيضاً ما كان يتمتع به إليوت من الثقافة وسعة الاطلاع وجمالية اللغة، وقد تميّزت بسلاسة الانسيابية والرقة الغنائية.
خمسة وثلاثون عاما مرت منذ وفاة الشاعر والناقد والكاتب المسرحي الانجليزي الامريكي توماس ستاينز إيليوت الذي ولد في 26 ايلول سبتمبر 1888م بمدينة سينت لويس ولاية ميسوري في الولايات المتحدة، وتوفي في لندن اوائل يناير 1965م، بعد ان رسم خارطة الوجهة القادمة للشعر والمسرح والنقد لمئات المبدعين في العالم.
درس اليوت في جامعات هارفارد وباريس وأوكسفورد متخصصاً في الفلسفة كاهتمامه الرئيسي, في عام 1915م تزوج من فرجينيا وود واستقر في لندن وصار يكتب في المجلات الادبية ويسهم في تحريرها، وفي عام 1927م أصبح رئيسا لتحرير مجلة كرايتيريون وهي مجلة فصلية ذات مكانة عالمية تعنى بشؤون النقد الادبي، وحصل على الجنسية البريطانية، انفصلت عنه زوجته فيفيان وود بعد ان اصيبت بمرض عقلي سنة 1933م، ولم يتزوج بعدها حتى مطلع عام 1957م، حين بنى بزوجته الثانية فاليري فلتشر التي عاش معها سعيدا حتى وفاته، وهو في السابعة والسبعين.
وكان من اشهر الشخصيات الادبية في زمانه، وحصل بشعره على جائزة نوبل للآداب لعام 1948م.
تأثر بتجديدات تي أس إليوت شعرا ونقدا كثير من أدباء وشعراء العالم وبين من تأثروا به في العالم العربي نازك الملائكة والسياب والبياتي وبلند الحيدري الذين ابتدأ بهم عصر الشعر الحر عربيا، ومن ثم تأثر بهم مئات الشعراء العرب اللاحقين منهم سعدي يوسف وأمل دنقل وحتى محمود درويش.
والواضح ان تجديدات الرؤية النقدية والتطبيق في الحداثة الشعرية التي ابتدأت بتي أس اليوت انتقلت عبر الحدود الجغرافية واللغوية الى كل العالم, ولكن ما تراكم بعد ذلك من ضعف التفهم لرؤيته المتفردة ومن تهميش للرؤية الانسانية وانصراف عن العمق الثقافي والفلسفي هو ما انتهى بالشعر الى ضحالة التركيز الذاتي لم يكن ما نافح عنه تي أس اليوت في دفاعه عن التجديد الإبداعي.
وسننظر الى المزيد من مسيرته الادبية غداً.
|
|
|