روسيا تعيش في دوامة من الأزمات من مستنقع الشيشان,, إلى تجارة وتصدير الأطفال أي نكسة عسكرية في الشيشان ستسقط بوتين في الانتخابات,, ويلتسن خلط أوراق بريماكوف كلينتون يزور موسكو نهاية يناير لدعم الرئيس بالوكالة |
* موسكو الوكالات
تعدد المآسي والمصاب واحد,, هذا ما ينطبق حالياً على روسيا التي اجتاحتها العديد من الأزمات المتتالية سواء على الصعيد السياسي او الاقتصادي اوالاجتماعي، فمنذ انهيار الشيوعية وتفكك ماكان يعرف بالاتحاد السوفيتي وضح ضعف روسيا على كافة الصعد وهو ماضعضع مركزها الدولي وماجعلها تتوارى أمام الولايات المتحدة التي باتت القوة العظمى الوحيدة في عالمنا اليوم,.
وروسيا التي عانت أزمات سياسية متتالية منذ العام 1989م تضعضع اقتصادها الى حافة الانهيار مما شكل عبئاً ثقيلاً على القيادة الروسية التي تحاول الخروج منها بافتعال أزمات داخلية أو الدخول في نزاع مع أحد أركان مايسمى بالاتحاد السوفيتي سابقاً كما هو نزاعها مع الشيشان حالياً ومن قبل عام 1994م 1996م,, هي ايضاً تعيش الآن أزمة سياسية بعد استقالة يلتسن من منصبه وتعيين رئيس الوزراء فلاديمير بوتين رئيساً لروسيا بالوكالة وتقديم الانتخابات الرئاسية الى شهر مارس القادم بدلا من يونيو كما كان مقرراً لها قبل استقالة الرئيس يلتسن.
وتعيش موسكو حالياً ازمة سياسية ايضاً تتعلق بالوضع المأساوي للقوات الروسية في مأزق الشيشان حيث يسعى بوتين حالياً الى الخروج من هذا الوضع بما يحفظ ماء الوجه حتى لايخسر الانتخابات الرئاسية, فعدم تحقيق روسيا نصرا عسكرياً في الشيشان وهذا مايستبعده أغلب المراقبين السياسيين نظراً لمحاصرة الشيشان للجنود الروس في المدن التي دخلوها سيشكل نكسة له في الانتخابات الرئاسية لأنه سيشكل فرصة سانحة لمنافسية للتشكيك في مقدرته على قيادة روسيا والخروج بها من الوضع الذي تعيشه سياسياً واقتصادياً.
على الصعيد الاجتماعي تعيش روسيا ظاهرة مأساوية تتعلق بتجارة وتصدير الأطفال.
الصراع على الفوز بالرئاسة
مازال الجدل يدور في روسيا حتى الآن حول الاسباب الحقيقيقة الكامنة وراء استقالة الرئيس الروسي بوريس يلتسين المفاجئة من منصبه يوم الواحد والثلاثين من ديسمبر الماضي قبل ساعات معدودة من بداية سنة 2000م الجديدة.
ويتوقع المراقبون ان هذه الخطوة اتخذت بايعاز من عائلة يلتسين الكبرى ولو بصورة طوعية والمقصود ليس بأسرة يلتسين بمعنى الكلمة المألوف بل وتلك القوى المحيطة به التي كانت تحدد نهج سياسته وحتى تتصرف باسمه في الاونة الاخيرة.
ويستند هذا الاستنتاج الى عدة اعتبارات منها ان الحالة الصحية ليلتسين كانت تسمح له بالبقاء في السلطة حتى يونيو 2000 وهو موعد الانتخابات الرئاسية الجديدة وان اخذت تظهر بوضوح ولم يتسبب عدم تدخل الرئيس في شؤون الدولة في اي ازعاج بالنسبة لحاشيته بما في ذلك فلاديمير بوتين رئيس الحكومة الروسية المعين في منصبه منذ 9 أغسطس الماضي بل ان ابتعاد يلتسين عن القيادة عمليا يفسح المجال واسعاً امام بوتين لترسيخ مواقعه وبسط نفوذه واستمالة المسؤولين في ديوان الرئاسة وقادة مختلف المناطق والأقاليم الروسية الى جانبه, مع ذلك كان بوتين مثل الآخرين الكثيرين قلقاً من احتمال اقدام يلتسن فجأة في حالة تدهور صحته الى حد خطير على اتخاذ خطوات غير متوقعة مثل تلك التي قام بها في الماضي,, ولم يكن ممكنا استبعاد مثل هذا التطور إلا من خلال الية انصراف يلتسن من الساحة قبل انتهاء فترته الرئاسية.
من الاعتبارات ايضا ان الرئيس يلتسين اتخذ خطوته الانفة الذكر في صالح روسيا لان الانتخابات الرئاسية المبكرة ليست مفيدة بالنسبة للبلاد من وجهتي النظر السياسية والاقتصادية على حد سواء ويعود سبب ذلك الى ان الحملة المكثقة الجارية خلال ثلاثة اشهر متواصلة في اعقاب الانتخابات البرلمانية من شأنها ان تنزل ضربة شديدة باقتصاد روسيا بكل مايترتب عليه من العواقب السلبية بعيدة المدى.
ومايحرك الأمور على صعيد تقديم موعد الانتخابات الرئاسية في المرحلة الحالية هو مصلحة العائلة الكامن في اجرائها في ظل الحفاظ على آليات التأثير على العمليات السياسية والعمليات الاقتصادية ايضا في البلاد وانعكس هذا الى حد كبير في البنود الخاصة بالضمانات المقدمة للرئيس المستقيل من المرسوم الاول الصادر عن الرئيس بالوكالة وكانت هذه الضمانات محورا أساسياً بالنسبة للعائلة الكبرى في آلية تسليم السلطة من يلتسين الى بوتين.
الروس يجدون في بوتين تجسيداً لمصالحهم
وقد قبلت روسيا بوتين من منطلق تطلعاتها وأمنياتها في ان تكون اليد القوية الجديدة قادرة على تصحيح أخطاء الماضي وتحقيق الازدهار الموعود.
وتكمن في ذلك فرصة بوتين الكبيرة اذ سترشد المجتمع الروسي اليوم بالجانب الظاهري وليس بالمضمون مثلما حصل عام 1989م في بداية قصة حبه مع يلتسين.
ومن وجهة النظر هذه وجد بوتين نفسه في وضع مريح للغاية, ومن مصلحته الان ان يبقى شبحا بلا تخوم محددة لمعتقداته ونمط سلوكه.
ويرى المراقبون ان رئيس الدولة بالوكالة يحظى بقبول الكثير من الروس اذ يمكن لمختلف شرائح الناخبين ان تجد فيه تجسيدا لمصالحها بدءاً بأقصى اليسار وانتهاء بأقصى اليمين والمتطرفين القوميين,ولا ادل على ذلك من انتقال داريا ميتينا مع منظمتها الشبابية التقدمية المؤيدة سابقا للشيوعيين الى حظيرة حركة الوحدة الاقليمية الموالية لبوتين.
ويكفي ايضاً التذكير بآيات المديح التي قالها مؤخراً مهندس سياسة الخصخصة في روسيا اناطولي تشوبايس لرئيس الحكومة وقتذاك فلاديمير بوتين.
كما ان الكسندر باركاشوف زعيم حركة الوحدة القومية الروسية ذات التوجيه المتعصب اعرب عن تأييده الكامل لرئيس الدولة بالوكالة.
ولابد ان يستفيد بوتين من وحدة الزعيم والشعب في صراعه الانتخابي.
ومن شأن غموض ملامح سياسة بوتين الاقتصادية والسياسية ان يمهد الارض للدخول في الحوار مع الجناح اليساري من الطيف السياسي الروسي حيث في مقدوره ان يطرح للاعتبارات التكتيكية على الاقل أفكارا ومقولات قد تلقى تأييدا لدى قسم لا بأس به من الناخبين الذين يصوتون عادة لصالح الشيوعيين, وبامكان بوتين ايضاً ان يقف نفس مواقف جينادى زيونمانوف زعيم الحزب الشيوعي من بعض المسائل المهمة ويتحالف معه علما بأن بوتين في حالة انتخابه رئيسا جديدا لروسيا الاتحادية سيبذل كل مافي وسعه من اجل ازاحة هذا الحزب كقوة ذات وزن كبير من الساحة السياسية بأسرع مايمكن.
وقد يستخدم الغموض نفسه في المرحلة الراهنة بشكل فعال في الأسواق الخارجية وبالدرجة الأولى في علاقات روسيا مع بلدان رابطة الدول المستقلة في الأشهر القليلة القادمة مع استثناء مسألة الاتحاد مع بيلاروسيا حيث التراجع الى الوراء ممنوع على بوتين بعد ان حدد موقفه بوضوح من ضرورة تحقيق الوحدة الروسية البيلاروسية عبر مراحل في المستقبل.
وتجدر الاشارة الى ان رئيس الدولة بالوكالة يمكن من منطلق موقعه القيادي الحالي ان يتخلى عن اجراء الحملة الانتخابية في مفهومها التقليدي بما في ذلك طرح برنامجه المحدد لخطواته المستقبلية.
وفيما يتعلق بموقف مجلس الدوما المنتخب الجديد الذي يبدأ اعماله في السابع عشر من يناير الجاري فستترك الحملة الانتخابية الرئاسية أثرها العميق على اوجه نشاطه خلال الفصل الأول من عام 2000م.
ويتوقع المراقبون ان تؤدي الانتخابات الرئاسية المبكرة الى تعطيل النشاط التشريعي في مجلس الدوما بسبب انشغال القوى السياسية المثمثلة فيه بملابسات الصراع الانتخابي مستخدمة منبره للاغراض السياسية الدعائية البحتة انطلاقا من مبادئها الثابتة, ثم ان تسليم السلطة لبوتين قد يسفر عن إعادة تكتل القوى النشطة داخل مجلس الدوما, ثمة كل المسوغات للاعتقاد بأن الحزب الشيوعي والتنظيمات اليسارية الأخرى الممثلة في المجلس بنواب مستقلين وتكتل الوطن كل روسيا وكذلك حركة يابلوكو ستشكل تحالفا تكتيكيا من اجل انتخابات الشخص غير المنتمي الى معسكر بوتين رئيسا للمجلس لمنع رئيس الدولة بالوكالة من استخدام امكانيات الهيئة التشريعية لخوض حملته الانتخابة من جهة ولوجود شخص مستقل عن بوتين على رأس مجلس الدوما من جهة أخرى خاصة وان رئيس الدولة بالوكالة لم يتطرق حتى الآن الى المسألة المحورية المتعلقة باستعداده لدعم ادخال تعديلات في الدستور الروسي الساري مفعوله.
ومايقلق النواب في هذا الصدد ان بوتين لمح في مناسبات عدة الى ان القانون الأساسي للبلاد لايحتاج في رأيه الى تعديل في الوقت الراهن مما يعني استمرار صيغة التحكم في روسيا بطريقة يلتسين القيصرية في حقيقة الامر.
ويؤكد المراقبون ان ديوان رئيس الدولة بالوكالة يدرس من الآن امكانية حل مجلس الدوما بعد انتخاب بوتين رئيسا جديداً للبلاد في حالة عدم رضوخ الهيئة التشريعية للحكم الرئاسي, وفي مثل هذه الظروف يتوقف الشيء الكثير على قوة شخصية رئيس مجلس الدوما وقدرته على التصدي لمثل هذه المخططات وضمان أداء الهيئة وفقاً لدستور روسيا وقوانينها.
ويرى المراقبون ان مجلس الدوما الجديد الثالث شأنه شأن المجلس الثاني في عهد الرئيس بوريس يلتسين لن يكون ركيزة للسلطة التنفيذية عند انتهاج سياستها بقدر مايعتبر ذلك الشر الحتمي الذي يجب على الحكم ان يحتمله لفترة ما.
وسيحاول الرئيس وحكومته بالمقابل استدراج المجلس الى المصادقة على المعاهدة الروسية الامريكية الثانية حول الحد من الاسلحة الاستراتيجية الهجومية المعروفة باسم ستارت 2 من اجل دفع العلاقات بين الدولتين الكبيرتين الى الامام.
وفيما يخص المشاركين في السباق الانتخابي فهناك جانب ايجابي في قرار تقريب موعد الانتخبات الرئاسية ولاول مرة خلال السنوات الاخيرة ستقتصر لائحتهم على شخصيات ذات وزن فعلا لان جمع مامجموعه 500 الف توقيع من المواطنين تأييدا لهذا المرشح او ذلك سيكون امراً يصعب تنفيذه للغاية في غضون 40 يوما تقريبا علما بأن الرهون النقدية ستكون ممنوعة هذه المرة بخلاف انتخابات مجلس الدوما الاخيرة.
الإعلام الحكومي يدعم بوتين
اما الجانب السلبي فيتمثل في عدم التكافؤ بين بوتين وبقية المشاركين في الانتخابات خاصة وان الأخير مدعوم بشكل كبير من جهاز الإعلام الحكومي الجبار الذي باشر عمله المكثف من الان لصالح رئيس الدولة بالوكالة وعلى حساب منافسيه الاساسيين وفي مقدمتهم فلاديمير جير بنوفسكي زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي وجريجوى يافلينسكي زعيم حركة يابلوكو وجيناجي زيوغانوف زعيم الحزب الشيوعي ويفجيني بريماكوف زعيم تكتل الوطن كل روسيا.
المرشح الاخير رئيس الوزراء الروسي الاسبق يفجيني بريماكوف وجد نفسه في وضع دقيق للغاية اثر المستجدات الاخيرة الناجمة عن نتائج الانتخابات البرلمانية واستقالة الرئيس يلتسين,, وكان بريماكوف قد أعلن جهارا عن عزمه على المشاركة في الانتخابات الرئاسية في النصف الأول من ديسمبر الماضي قبل اسبوع تقريبا من انتخابات مجلس الدوما ثم جاءت نتائج الانتخابات دون مستوى توقعات تكتل الوطن كل روسيا الذي فاز بحوالي 13,3 في المائة فقط من اصوات الناخبين بدلا من 25 الى 30 في المائة حسب ادعاءات قادته وتصريحاتهم المظفرة قبل بدء الانتخابات وحل التكتل من المرتبة الثالثة في الترتيب العام بعد الحزب الشيوعي 24,3 في المائة وحركة الوحدة الاقليمية 23,3 في المائة.
استقالة يلتسن تخلط أواق بريماكوف
وخلط قرار الرئيس يلتسين المفاجىء اوراق بريماكوف نهائيا لانه كان يراهن بكل تأكيد على انحسار شعبية بوتين حتى يونيو المقبل أي موعد اجراء الانتخابات الرئاسية المقرر في البداية وذلك تحت تأثير عوامل داخلية وخارجية مختلفة.
والآن يواجه بريماكوف خيارا صعبا لاسيما على ضوء قرار قادة حركة كل روسيا الداخلية في قوام التكتل وبالتحديد عمدة مدينة سانكت بطرسبرغ فلاديمير ياكوفليف ورئيس جمهورية تتارستان مينتيمير شايمييف بشأن تأييد فلاديمير بوتين في الانتخابات البرلمانية القادمة.
وتقول مصادر حسنة الاطلاع ان صفقة ماتطبخ الان بخصوص انسحاب بريماكوف من السباق الانتخابي الرئاسي مقابل انتخابه رئيسا لمجلس الدوما بمبادرة من تكتله ودعم كل الوحدة وتحالف القوى اليمينية وحزب جيرينوفسكى ومجموعة من النواب المنتمين الى حركة يابلوكو والنواب المستقلين وحتى النواب الشيوعيين.
وبإمكان بريماكوف في حالة جمع اصوات هؤلاء الفوز بأكثر من 225 صوتا خلال عملية الاقتراع على ترشيحه وانتخابه رئيسا جديدا لمجس الدوما علما بأن عدد النواب فيه يعادل 450 نائباً فيما تم انتخاب 441 منهم حتى الآن وسيكتمل انتخاب التسعة المتبقيين منهم حتى نهاية مارس القادم.
مع ذلك ثمة رأي آخر مؤداه ان بريماكوف سيفضل المشاركة في الانتخابات الرئاسية لاستخدام حملتها من اجل التحذير من مخاطر انزلاق روسيا لاحقا الى طريق التطور المماثل لذلك الذي قطعته اليونان في الستينات او شيلي في السبعينات في ظل النظامين العسكريين او في اطار الاصلاحات الراديكالية تحت فوهة البندقية الرشاشة على حد تعبير بعض انصار بوتين اليمنيين.
واشنطن تدعم بوتين
وسيتوقف الشيء الكثير على علاقات روسيا بالغرب خلال الشهرين القادمين من حيث ترجيح كفة بوتين او بريماكوف في الانتخابات الرئاسية في رأي المراقبين السياسيين الذين يتوقعون حصول بريماكوف على ما لايقل عن 20 في المائة من اصوات الناخبين حتى في ظروف استخدام التكنولوجية الانتخابية القذرة ضده.
اما فيما يتعلق بزعيم الشيوعيين جينادري زيواغانوف فمن واجبه الدخول في الصراع الانتخابي الرئاسي في حشد القوى اليسارية بعد ان تبين له ان الاحزاب والتنظيمات الشيوعية الاشتراكية الصغيرة التي منيت بهزيمة نكراء ماحققه في الانتخابات البرلمانية الاخيرة لامستقبل لها نهائياً.
والغاية الأساسية من مشاركة زعيم الشيوعيين في الانتخابات الرئاسية تتمثل حسب المراقبين في حفاظ الحزب على الدرجة العالية من تأثيره على حياة البلاد السياسية.
وتشير آخر التقديرات الى ان جنادى زيوغانوف بامكانه ان يفوز بما لايقل عن 27 الى 29 في المائة من اصوات الناخبين في الجولة الأولى ويدخل في الجولة الثانية الى جانب فلاديمير بوتين الذي في مقدوره ان يفوز بما بين 37 و39 في المائة من الاصوات.
وهناك رأي مؤداه ان ميزان القوى القائم في روسيا حاليا سيتضح كليا مع نهاية شهر يناير الجاري ومعه فرص نجاح بوتين في الانتخابات القادمة وذلك على ضوء توزيع الادوار والمناصب القيادية في مجلس الدوما وتحديد فريق من المشاركين في الانتخابات الرئاسية ونتائج زيارة وزيرة الخارجية الامريكية مادلين أولبرايت الى موسكو في نهاية هذا الشهر خصوصاً لجهة الاتفاق على موعد زيارة الرئيس الامريكي بيل كلينتون الى موسكو قبل الانتخابات في روسيا دعما للرئيس الروسي بالوكالة.
لقاء أمريكي شيشاني يوتر العلاقات مع موسكو
وتسببت الشيشان الجمعة الماضية في عودة اجواء التوتر بين موسكو والولايات المتحدة المتهمة بدعم فعليا المقاتلين الشيشان بعد لقاء بين مسؤول شيشاني ودبلوماسيين امريكيين.
وميدانياً، رفع الروس التدابير التي تمنع جميع الذكور الشيشان الذين تراوح اعمارهم مابين 10 الى 60 عاما من عبور الحدود الشيشانية الانغوشية في حين استمرت المعارك في غروزني وجنوب الجمهورية الانفصالية.
وكان هذا الاجراء الذي انتقده الغربيون، اتخذ الاربعاء الماضي اثر الهجوم الشيشاني المضاد المفاجئ في نهاية الاسبوع الماضي الذي الحق خسائر فادحة بالقوات الروسية.
وفي موسكو وجه وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف انتقادات شديدة اللهجة للقاء الذي عقد في واشنطن بين وزير الخارجية الشيشاني ايلياس احمدوف ودبلوماسيين امريكيين، واعتبره خطوة تشكل دعما فعليا للمقاتلين الشيشانيين.
وأكد الوزير الروسي ان المقاتلين الشيشان على علاقة ببن لادن الذي يعتبر في الولايات المتحدة الارهابي الأول مشيراً الى ان الذين يتصرفون على هذا النحو في الغرب يعقدون تسوية النزاع ويزيدون معاناة المدنيين.
واعرب ايفانوف عن الأمل في ان لايعني ذلك تغيرا في الموقف الرسمي للولايات المتحدة.
إلا ان وزارة الخارجية الامريكية حرصت على مراعاة روسيا، مؤكدة ان واشنطن لا تعترف باحمدوف + وزير الخارجية + الشيشان المستقلة بل كمواطن من اتحاد روسيا.
وذكرت تقارير صحفية ان قرار منع الذكور الشيشان الذين تتراوح اعمارهم بين 10 و60 عاما من عبور الحدود الى جمهورية انجوشيا المجاورة، والذي طبق الخميس الماضي قد الغي نظرا لتصاعد المعارضة لذلك في روسيا وعلى النطاق الدولي باعتباره انتهاكا لحقوق الانسان.
وكان القرار قد اتخذ كرد فعل للهجمات المضادة الموسعة التي نفذها المتمردون الشيشان في الاجزاء الشرقية من الجمهورية التي استولت عليها القوات الروسية، وكذلك للتقارير بقيام المدنيين من خلايا المقاومة السرية الشيشانية بعمليات خلف الخطوط الخلفية للقوات الروسية.
وفضلا عن حظر التجوال المفروض في الشيشان منذ يوم الاثنين الماضي فقد اعلن وزير الداخلية الروسي فلاديمير روشاليوا انه يحبذ استمرار العمل بنظام صارم لنقاط التفتيش للتحقق من هوية المدنيين في المناطق المحتلة.
وفي محاولة لسد كافة الطرق المؤدية الى جمهورية جورجيا المجاورة تم نشر المزيد من القوات الفدرالية على حدود المنطقة الجبلية الواقعة جنوبي الشيشان التي كان المتمردون يستخدمونها لتلقي امدادات وتعزيزات بشرية من متطوعين اجانب.
وأعلن مسؤولون ان الطريق الأساسي الذي يمر بممر آرجون تتناوب عليه وحدات حرس الحدود على مدار الساعة, وتتألف تلك الوحدات من جنود مسلحين بمدافع الهاون والمدافع المضادة للطائرات وقاذفات اللهب.
واضافوا ان تلك القوات تمكنت من احباط محاولات متفرقة لاختراق الطوق الأمني الروسي وانه يتم الاستعانة كذلك بطائرات الهليكوبتر المقاتلة لمسح المناطق المرتفعة تقصيا لفلول المتمردين.
تجارة وتصدير أطفال روسيا
وعلى خلفية ازمتها الخانقة وتردي اوضاع المواطنين المعيشية اجتاحت روسيا حاليا ظاهرة مأساوية اخرى اطلق عليها تصدير الأطفال .
وحسب بيانات ادارة الجوازات والتأشيرات لوزارة الداخلية الروسية نقل من روسيا في الفترة من عام 1996 الى منتصف العام الماضي 1999م ما مجموعه 16321 طفلاً وطفلة بعد تبنيهم من قبل مواطنين اجانب واستوردت الولايات المتحدة حصة الاسد منهم 11418 طفلا وتليها في ذلك ايطاليا 2307 وكندا 555 وفرنسا 530 واسبانيا 316 وفلندا 119 والسويد 208 ونيوزيلندة 180 والمانيا 134 وسويسرا 116 .
وبصورة عامة تم ترحيل الاطفال الروس الى ابائهم وامهاتهم الجدد في 30 بلدا من بلدان العالم.
ومما لاشك فيه ان تبني الايتام يعتبر تصرفا نبيلا ومحترما في نظر المجتمع إلا ان مثل هذا الاجراء يجب ان يتم بمراعاة القواعد الدولية وفي مقدمتها اتفاقية الامم المتحدة الخاصة بحقوق الطفل والتي يتفق معها القانون العائلي لروسيا الاتحادية, وتنص كل هذه المواثيق على ان ضمان حقوق اليتامى يجب ان يتحقق من خلال تهيئة كل الظروف الممكنة لتبنيهم في اوطانهم واذا تعذر ذلك بسبب من الاسباب يمكن اللجوء الى استغاثة دولية.
اما ما يجري في روسيا في السنوات الأخيرة فهو عكس ذلك وتعود بدايات اقامة النظام الحالي المعيب في مجال التبني الى عام 1991 عندما انشئت مؤسسة حق الطفل تحت رعاية وزارة التربية والتعليم الروسية وكان اختصاص هذه الهيئة الجديدة الرئيسي ينحصر في عقد صفقات تبني الايتام الروس من قبل الاجانب مقابل الف دولار عن كل طفل.
ولم تفعل المؤسسة شيئاً على صعيد البحث عن امكانية تبني الاطفال في وطنهم الأم رغم شعارها الجذاب.
وعندما اثيرت تساؤلات حول نشاطها في منتصف التسعينات اختفت الهيئة دون اثر وتبين ايضا ان صندوق المعلومات عن الاطفال الايتام المبرمج تحت اسم الأمل في اجهزة الكمبيوتر اصبح في متناول الاجانب من خلال شبكة الانترنت قبل ان يعرف أهل البلاد محتوياته.
واتضح من التحقيقات الصحفية ان هناك شبكة كاملة من العملاء الذين يشتغلون لصالح الأجانب في مجال تبني الاطفال مقابل مكافآت مالية وباستخدام الوثائق والاساليب القذرة منها مثلا تصوير اليتامى المتفق عليهم على انهم مصابون بأمراض يصعب العلاج منها في ظروف روسيا الحالية.
وسجلت عدة محاولات لتشخيص اعراض التخلف في النطق لدى المواليد حديثا او اصابات الجهاز العصبي المركزي غير المعروفة لدى الاطفال ابدا.
وثمة تجاوزات كثيرة عند وضع ملفات اليتامى الطبية والتشخيصية وتمريها عبر الاجهزة المختصة.
ووصل الامر الان الى حد ان 80 في المائة من مجموع الاطفال الذين تم تبنيهم في الآونة الأخيرة في مدينة سانت بطرسبيرج العاصمة الشمالية للبلاد كانت من نصيب الاجانب اما في موسكو فقد بلغت النسبة المماثلة 50 في المائة.
بل والأسوأ من ذلك ان السلطات الروسية تحاول استغلال حرية التبني المتاحة في البلاد لكسب التأييد لسياستها الخارجية بما في ذلك في مجال الدفاع عن حقوق الانسان وفقا للمعايير الدولية.
|
|
|