شدو وتمضي الحياة! الدكتور: فارس الغزي |
كما يعلم الجميع، فقد مرت ألفية الغرب بسلام ولم ينتج عنها ما توقعه العاقل والمجنون منهم، سواء فيما يخص مشكلة الكومبيوتر التي كلفت هذا الكوكب الفقير ما يقارب من 600 بليون دولار، أما شاع من احتمالية انصهار البشر، أو ذوبانهم، أو حتى كما زعمت بعض الفرق من قيام قيامتهم! والتي استعد لقيامها البعض منهم ولكن بأعمال دنيوية شملت تخزين الأغذية، أو الهجرة إلى مناطق معزولة كالغابات، أو مواجهتها بنية الانتحار وعلى غرار: لاق الصياح بالصياح تسلم! .
ما علينا، حيث إن كل شيء توقعه خيالهم اللامحدود قد وقف عند حده، ومر اليوم طبيعياً مثله مثل أي يوم آخر في منظومة تلك الحياة.
الطريف أنك لن تعدم في ثنايا وسائلهم الاعلامية نوعا من الحرج نتيجة لعدم تحقق ما أثارته تلك الوسائل من توقعات واحتمالات حاولت جاهدة زرعها في عقول الناس، وخصوصا البسطاء منهم.
وعلى ضوء ما انبلج في صباح ذاك اليومالموعود! وبينما كنت أتصفح بعضا من الصحف الأمريكية الصادرة في ذلك اليوم وجدت فيها العديد من الموضوعات ذات الصلة بالألفية الثالثة وتعجبت أيما عجب لقدرة هؤلاء البشر على الغوص في تفاصيل التفاصيل إلى درجة الابتذال والسفه: فهناك تخرصات بشأن كنه إله الألفية الجديدة، تعالى الله عما يصفون,, ومواقف مؤمني! الديانة المسيحية في حال تمكن العلم من إثبات فرضية وجود مخلوقات أخرى في الفضاء مما سوف يلقي بعض الشكوك على قصة خلق هذا الكون وساكنه Creation الموجودة في كتبهم الدينية,, وكنه مصير تلك المخلوقات الفضائية في الآخرة إضافة إلى مواضيع تخص بعض السلوكيات الجنسية المتعارف عليها ومدى تطور بعضها أو اضمحلاله كنتيجة لتأثير تكنولوجيا هذا القرن الجديد، إلى درجة أن واحدة من تلك الصحف الرزينة! قد استضافت علماء مبرزين في العلوم الانسانية لاستطلاع كنه القُبلة بضم القاف في ردهات القادم من أيام هذا القرن المنبلج!
ومما لفت نظري، أيضا، هو ما قامت به صحيفة المال والأعمال الأمريكية the wall street journal من إبراز ما توقعه المنجمون من الأمريكيين منذ القرن التاسع عشر، إضافة الى توقعات بعض كتّاب الصحيفة أنفسهم ومحاولتهم سبر ظواهر ألفيتهم الجديدة سواء ما صح منها أو لم يصح.
ومن أبرز تلك التوقعات هو ما توقعه البعض في عام 1900م من أن العالم سوف يشهد وضعا تكنولوجيا يمكن الناس من التحدث من خلال شاشات بل رؤية بعضهم البعض بغض النظر عن قرب أو بعد مواقعهم الجغرافية، الأمر الذي من خلاله يمكن القول بتحقق هذا التوقع والمتمثل بالانترنت.
طبعا، لا بد من الاشارة هنا إلى أن هناك فرقا شاسعا بين التوقع المبني على أمنيات شخصية وبين التوقع المعتمد على ارهاصات علمية يعضدها بدهية تراكمية المعرفة الإنسانية، ولذا نجد أن تلك الصحفتعود إلى الرزانة مرة أخرى لتناقش علمياً الأشياء التي لم ولن تتحقق على هذا الكوكب، إلا أن يشاء الله,, فطبقا لتلك الصحف فإن هناك أربعة أشياء من المستحيل التوصل إلى معرفة حقيقتها تتمثل في: معرفة كيف تكوّن هذا الكون، ومتى بدأت الحياة، وما هو الضمير الانساني، وهل سوف تتوقف حروب إنسان هذا الكون؟! أخيرا، أعجبني أيما إعجاب ارتداد بصر أحد محرري تلك الصحف عندما قال،وهو حسير! مانصه: باستطاعتنا القول إننا قد استوعبنا، وكنتيجة لتوقعاتنا على مدى ثلاثة عقود، درسا عظيما يتمثل في أنه لا مناص للانسانية من قبول قدرها الذي يحتم عليها التعايش مع التناقض والفوضى واليقين والشك واليأس والتفاؤل صدق,, فالحق أحق أن يتبع !.
|
|
|