عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد: تساءلت الدكتورة خيرية السقاف في زاويتها لما هو آت بعدد جريدة الجزيرة رقم 9946 في 14/9/1420ه عن سب انقاص الحصص في المرحلة الابتدائية من 177 الى 135 حصة في الأسبوع, حيث ينص الخبر الذي تناقلته الصحف المحلية بان الحصص في المرحلة الابتدائية خاصة ستكون 135 حصة بدلاً من 177 حصة وهذا يعني حذف 42 حصة في الأسبوع من 177 حصة، والدكتورة تتساءل عن المواد التي يشملها هذا التخفيض وعن دور المعلم ودور أولياء الأمور في هذا الموضوع, وهل أخذت الوزارة رأي المعلمين وأولياء الأمور في هذا الاجراء المقترح أم لا؟
وتعبيراً عن وجهة نظري الخاصة فإنني أرى وزارة المعارف عفا الله عنها تشير بالجيل الجديد الى تنجيح الطلاب والتقليل من الرسوب إلى اقصى درجة ممكنة مع غض النظر عن المستوى التحصيلي للطلاب بدءا من لائحة تنجيح الطالب اعني لائحة تقويم الطالب ومروراً بالتقديم المستمر لتلاميذ الصف الأول والثاني والثالث الابتدائي الأمر الذي يجعل مدارس التعليم العام محطات لبقاء الطلاب في كل مرحلة مدة معينة ثم يتجاوزها الطالب إلى المرحلة التي تليها حتى وان كان الطالب ضعيفاً في مستواه التحصيلي من المنهج وسيكون لهذا العمل من الوزارة نتائج سيئة جداً على جيل المستقبل حسب ظني.
وإذا استبعدنا الرسوب للطلاب فسيصاحب ذلك استبعاد الجد والاجتهاد والتحصيل العلمي للمواد التي يدرسها الطلاب.
وأقول: إن الشدة في سبيل العلم ولتحصيل العلم نافعة ومفيدة للطلاب وسوف تكون عاقبتها عليهم حميدة، أما اللين والتسهيل عليهم فضررهما أكثر من نفعهما.
إن الطالب اذا خاف من الرسوب جد واجتهد وبالتالي يستفيد من المنهج, أما إذا كان النجاح له مضموناً حتى وان كان مستواه ضعيفاً فإنه لا يبالي بالمقررات المدرسية ولا يستفيد منها ولا يحس بدافع إلى الجد والاجتهاد ما دام النجاح له مضموناً، وهذا يعتبر غشاً له حيث ينجح من لا يستحق النجاح ويعطى شهادة تشبه شهادة التزوير لانه لم يحصل على الدرجة العلمية التي تؤهله لهذه الشهادة بل أخذ الشهادة بحكم النظام أو بحكم لائحة تنجيح الطالب أعني لائحة تقويم الطالب الجديدة التي تتساهل كثيراً مع الطلاب في بعض المواد الى نسبة 27% اضف إلى هذا التقويم المستمر لتلاميذ الصف الأول والثاني والثالث الابتدائي والتي يصعب رسوب التلميذ فيها بل ينجح حتى وان كان لا يستحق النجاح.
أيها الاخوة: إذا لم يكن هناك نجاح ورسوب لم يكن للنجاح ثمرة ونفع وحلاوة في النفس, لا يمكن أن نميز بين التلاميذ إلا بالاختبار التحريري حيث تكون اجابة التلميذ حجة له أو عليه، صحيح ان المعلم يعرف مستوى التلاميذ والفروق الفردية بينهم من حيث المستوى لكل منهم ولكن المعلم يحتاج الى دليل يدعم تقويمه لكل طالب ومن الطالب نفسه وهذا لا يحصل إلا بالاختبار التحريري حيث تكون اجابة الطالب أو التلميذ في الاختبار شاهدة له أو عليه ومعبرة عن مستواه التحصيلي وتكون طرفا ثالث خارجا عن المعلم وعن الطالب أو التلميذ ومقياسا صادقا لمستوى التلميذ.
ما الهدف من تخفيض الحصص؟ وهل هذا التخفيض في صالح التلميذ أم لا؟
المهم اذا خالط الهدف التعليمي نظرة اقتصادية أو مادية أفسدت علينا التعليم وحرفته عن مساره النبيل.
وعلى أية حال فالأمر يحتاج الى مراجعة وتأمل في عواقب هذا الاجراء على التلميذ أو التلاميذ على المدى البعيد حيث ان هؤلاء التلاميذ هم جيل المستقبل وعدة الوطن، وأثناء اعدادي لهذا المقال قرأت موضوعاً يتعلق بهذه الحصص يوضح المقصود بمن يشملهم هذا التخفيض وهي المدارس الصغيرة ذات التشكيل الكامل في المرحلة الابتدائية والتي يكون عدد تلاميذها يتراوح بين 40 الى 60 طالباً وعادة تكون هذه المدارس في القرى والهجر.
فلا أدري هل الوزارة بدأت تميز بين مدارسها بحيث تنظر الى المدارس الصغيرة نظرة أقل من غيرها من المدارس الكبيرة وتعطي المدارس الصغيرة حصصاً أقل في الأسبوع لم تتجاوز هذه الحصص 135 حصة في الأسبوع وتنظر للمدارس الكبيرة وتعطيها حصصها المقررة كاملة؟ مع أن الوزارة مسؤولة عن الجميع أمام الله قبل غيره.
ولكن يتبادر إلى ذهني ان العدل واجب في كل شيء، وعلى هذا الأساس فلا نحذف من المدارس الصغيرة حصصها لأنها صغيرة لأن لها حقها علينا مثل المدارس الكبيرة سواء بسواء، والحذف عن هذا وتركه لهذا لا يتحقق معه العدل المطلوب، ويمكن عمل اجراء آخر غير الحذف من الحصص وهو تقليل زمن الحصص، حيث يكون زمن الحصة الواحدة ثلاثين دقيقة بدلاً من خمس وأربعين دقيقة في المرحلة الابتدائية ولظروف بعض المدارس التي يشملها حذف بعض الحصص عن طلابها.
فهذا الاجراء قد يكون أخف من حذف الحصة كاملة بحيث نحذف جزءاً من الزمن المقرر للحصة فقط ولعله لا يؤثر على المنهج اذا احسن استخدام الوقت.
نحن نعرف الجهود التي بذلتها وزارة المعارف في سبيل نشر العلم بين المواطنين كافة حتى مواطن البادية شملها التعليم على الرغم من صعوبة الوصول إليها وقلة الدارسين ولم تبخل هذه الوزارة على المواطنين في تلك الأماكن البعيدة واعطتهم قسطاً كبيراً من العلم ونتج عن هذا العمل تناقص الأمية في المجتمع السعودي سنة بعد أخرى حتى صارت المملكة العربية السعودية نموذجاً ناجحاً للقضاء على الأمية وحصرها في أقل عدد ممكن وهذا لم يحصل لولا توفيق الله تعالى ثم متابعة قادة هذه البلاد لمسيرة التعليم والعمل على نشره بين المواطنين فجزاهم الله عنا خير الجزاء وفق الله الجميع لما فيه الخير والصلاح والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سالم بن عبدالله العنزي
المدينة المنورة متوسطة عبدالله بن أم مكتوم