Friday 14th January, 2000 G No. 9969جريدة الجزيرة الجمعة 8 ,شوال 1420 العدد 9969



التقارب العمري بين الزوجين يقوي عوامل التوافق الأخرى
الطلاق وآثاره النفسية والاجتماعية على الرجل والمرأة والأطفال

* تحقيق: سعد الخرجي
الطلاق من المشكلات الاجتماعية التي يعاني من نتائجها كل مجتمع وهو من المشكلات التي يمكن تلافي وقوعها الى حد ما,, ويقع الطلاق لاسباب عديدة ومتنوعة منها الأسباب التي لامجال لتلافيها ويكون فيها هو الحل الوحيد لكن غالباً ما يقع الطلاق لاسباب تافهة يمكن ان تعالج، ويترتب على الطلاق عدة مشكلات اجتماعية تشمل الزوج والزوجة والاولاد وأسرتي الزوج والزوجة فتدمر الروابط الاسرية وتفرق الاولاد من ذويهم، فكثيراً ما نسمع عن اسباب وقوع طلاق هي اقرب الى الخيال منها الى الحقيقة، فمثلاً ان فلاناً طلق فلانة بسبب خلاف على توفير حاجات كمالية او مكالمة هاتفية او تأخر وجبة غذائية او خلاف على تلبية دعوة احد الطرفين لايمكنه تلبيتها فيحدث الشجار ثم الطلاق لاسباب تافهة كتلك وينتج عنه معاناة لجميع الاطراف غالباً لاتنتهي، وبالنظر الى الحالة الاجتماعية الراهنة سنجد ان ظاهرة الطلاق تفشت في كثير من المجتمعات ويرجح علماء الدين والنفس والاجتماع هذه الظاهرة الى عدم الاختيار الصحيح بين الزوجين منذ البداية وعدم فهم كل منهما للآخر بعد الزواج واستمرار التوتر بينهما لهذه الاسباب.
وهنا تعاود الجزيرة طرق وطرح هذا الموضوع للفائدة لما لمسناه من تفاعل وتجاوب من الاخوة القراء الذين لم يبخلوا علينا بأفكارهم ومرئياتهم حول ماسبق نشره حول هذه الظاهرة آملين مزيداً من التواصل.
الظاهرة في ازدياد
يقول الاستاذ خالد احمد الزهراني مدير ادارة الوقاية الصحية بأمانة جدة ان زيادة حالات الطلاق في المجتمع ماهي إلا خلل اجتماعي رهيب الى جانب العوامل المؤدية الى هذا الخلل سواء كانت اجتماعية او إعلامية او ثقافية.
كل ذلك يجعل الزوجين لا يضعان العلاقة الزوجية في موضعها الصحيح فيحدث الانفصال, وللحد من هذه الظاهرة لابد ان يكون هناك تقارب في المساحة الزمنية بين عمري الزوجين وان يكون هناك تقارب اجتماعي واقتصادي وثقافي وان يحرص كل من الطرفين على اختيار شريك الحياة الذي يتمتع بأخلاق فاضلة ويقدر الطرف الآخر.
قواعد وضوابط إسلامية
ويشير الاستاذ احمد بن ابراهيم المحيميد مستشار قانوني بمستشفى الملك فهد بالرياض الى ان الدين الإسلامي وضع العديد من القواعد والضوابط التي تساهم في تقليل الطلاق من البداية بالتركيز على عملية اختيار الزوجين وفق أسس معينة، فقد امر الرسول صلى الله عليه وسلم باختيار الزوج والزوجة على أساس الدين حتى تكون الاسرة جيدة ومحافظة على استمرارها، حيث امر نبينا محمد الرجل باختيار شريكة حياته من البداية على أساس دينها بغض النظر عن حسبها ونسبها كما امر الإسلام بحسن المعاشرة وحسن الأخلاق وامر الزوج بالتحلي ببعض العقلانية في مواجهة تصرفات الزوجة وفي نفس الوقت أمر ديننا الحنيف الزوجة ان تغمر الأسرة بعاطفتها وأكد ان طاعتها لزوجها جزء لا يتجزأ من طاعتها لربها، ووضع الإسلام العديد من الاحكام التي يمكن اللجوء اليها قبل اتخاذ القرار بالطلاق منها الهجر في المضاجع وتحكيم حكم من أهلها وأهله ثم الضرب غير المبرح واذا فشلت كل هذه الوسائل والحلول يكون الانفصال هو الحل بالطرق الشرعية والمعروفة ودون ضرر او ضرار.
تعنت وطلاق
ويؤكد الاستاذ فرحان بن فايز الشهري معلم بتعليم ادارة النماص ان تعنت بعض الازواج والزوجات وراء كثير من حالات الطلاق فهم لايدركون قيمة نعمة الزواج التي انعم الله بها عليهم ولايحققون بينهم معاني المودة والرحمة، ولعدم فهم كل من الزوج والزوجة لحقوقهما يقع الطلاق رغم فترات الحب التي عاشاها معاً، وعدم التوافق النفسي في العلاقة الخاصة بين الزوجين يجعلها غير متزنة بل تؤدي الى احباط احدهما او كليها ويرى ان على كل من الزوجين ان يتوقف عن التهديد بالانفصال حفاظاً على الهدوء والاستقرار داخل البيت وان يحاول كل منهما فهم طبيعة ونفسية الآخر.
الطلاق تعاسة للمرأة
وعن نتائج الطلاق يحدثنا الدكتور احمد بن بدر العتيبي مركز الأمير سلطان قائلاً: ومن نتائج الطلاق تعاسة المرأة طيلة حياتها فنسمع ان فلانة من الناس طلقت ولديها طفل او اثنان مما يعني ان عمرها لم يتجاوز الخامسة والعشرين او اقل من الثلاثين فتصبح في غالب الأحوال تعيسة ان بقيت بدون زواج وتعيسة إن تزوجت فمن يتزوج بها لن يكون بمثابة والد ابنائها حتى وان ادعى ذلك فالانسان ابناؤه عليه حمل فما بالك بأبناء الآخرين، وان بقي ابناؤها مع والدهم فسوف تكون هي مشغولة الذهن عليهم وهي معذورة في ذلك فالانسان ينشغل على ابنائه وهم حوله فما بالك بمن هم بعيدون عنه ويؤكد ان مثل هذا الوضع يُعد مصدراً للخلافات والتوتر مع زوجها الثاني ولذا ففي كلتا الحالتين ان بقيت المطلقة وان تزوجت سوف تكون تعيسة الحياة إلا ماقل.
وكذلك الرجل
اما الاستاذ علي بن عوضه عسيري مشرف تربوي بتعليم عسير فيؤكد ان الحالة لن تقتصر على المرأة المطلقة بل تشمل الرجل ايضاً فلن يكون سعيداً وهو يرى حياته الأسرية تذوي وتدخل مرحلة تمزج فإلى جانب فقدانه لزوجته سوف يفقد سعادته مع ابنائه فإن ظل ابناؤه الى جانبه شكلوا له مصدراً للقلق وخلق الخلافات مع زوجته الجديدة فأحياناً لايعتمد الرجل على زوجته ام أبنائه ولايكتفي بعنايتها بل يباشر العناية بأبنائه بنفسه مع وجودها الى جانبهم فكيف اذاً بحال رجل ابناؤه مع امرأة ترى انهم منافسون لها وهم يرون انها دخيلة عليهم؟ خلافات اسرية مستمرة لن تطاق.
الطلاق يزعزع الثقة لدى الأبناء
وتقول الأخت سما بنت فهد الحارثي إن عملها كاخصائية اجتماعية في احدى مدارس الرئاسة العامة لتعليم البنات ومن خلال احتكاكها المباشر مع بنات المرحلة المتوسطة صادفت عدداً كبيراً من المآسي وصور الانهيار النفسي الذي يصادف الفتيات في هذه السن والسبب كما تقول هو الطلاق, وتواصل الاخت سماء التأكيد على ان الطلاق يُعد سبباً مباشراً في فقد الطالبة للثقة في نفسها حيث نجد ان بداخلها كماً كبيراً من الشعور بالنقص وقد يدفعها هذا الشعور لبعض التصرفات المرفوضة، هي قد صادفت فتاة كانت محل اعجاب الطالبات والمعلمات طوال فترة دراستها في المرحلة الابتدائية ثم جاء انفصال والديها الذي أثر أولاً على تفوقها الدراسي وبعد ذلك اتجاهاتها المنحرفة حيث بدأت في لفت الأنظار إليها بالخروج عن كل السلوكيات الحميدة,, فقد كانت كثيرة الإهمال في مظهرها وفي كل شيء.
وتضيف انها كذلك صادفت حالة اخرى لفتاة ثرية تتعمد سرقة الأشياء الصغيرة من صديقاتها وقد كانت بعد السرقة تبكي وتعترف بما ارتكبت وبعد دراسة حالتها كان الطلاق هو السبب الخفي وراء تلك السلوكيات المرفوضة، وتؤكد من خلال تجربتها العملية انها صادفت حالات اسر كانت من الممكن ان تكون سعيدة لولا الطلاق.
وناشدت في ختام حديثها كل الأزواج وخصت الزوج بالذات ان يتنازل قليلاً عن بعض انانيته وان يفكر الف مرة قبل ان يحطم الأسرة وخصوصاً مع وجود الأطفال فالايام سوف تمر به سريعاً ويكتشف معها حماقة تسرعه وإقدامه على قرار الطلاق.
أنا ضحية لهذا الطلاق
ويتواصل معنا وقضيتنا الاخ عبدالله س,د، حيث يقول لأول مرة اجد من يطرح تساؤلاً عن آثار الطلاق النفسية والاجتماعية على الرجل اذ لأول مرة اجد من يعلن ان للطلاق آثاراً نفسية واجتماعية خطيرة ايضاً على الرجل كما ان له آثاراً اجتماعية نفسية على المرأة ايضاً وأنا ضحية لهذا الطلاق حيث عرفت تشتت الاسرة ومعنى ان يكون الأب ظالماً وقرر الطلاق فأبي قد طلق أمي وأنا في حوالي العاشرة من عمري وعشت طفولة بائسة مع أمي لدى خالي,, وعندما عرفت الحب والسعادة لم تستمر السعادة معي طويلاً اذ بعد مرور العام الأول من زواجي وبعد ان دفعت كل ما أملك وماتملك أمي في سبيل هذا الزواج,, الآن اعيش مأساة الطلاق حيث إنني اكتشفت انني قد اسأت الاختيار لأقصى درجة فهي شديدة الكراهية لي لان زواجها لي كان عن طريق اكراه والدها واجبارها بالموافقة على الاقتران بي وبعد ان استحالت الحياة بيننا، فأنا الآن اشرع في الطلاق منها جدياً واعيش مأساة حزني على حلم السعادة والزواج وأحمد الله ان قراري هذا لن يؤثر على آخرين لعدم وجود اطفال ولكنني لا انسى ابداً كم الحزن والتعاسة التي اعيشها الآن.
اختيار الفتى المناسب
وتشاطرنا في الحوار الأخت فوزية بنت سلامة العتيبي فتقول: في كثير من الحالات يتم الارتباط بين الفتى والفتاة بدون النظر الى أسس عديدة منها المادية والاجتماعية والخُلقية فبمجرد اعجاب الطرفين يتم الارتباط ويتم الزواج ولكن هذه الزيجة سرعان ماتصطدم بالواقع المادي التي تحتاج اليه الحياة الزوجية وتؤكد ان الزواج كما صوره الإسلام سكينة وطمأنية وارتباط عميق بين الرجل والمرأة فقال تعالى هن لباس لكم وأنتم لباس لهن وحتى يتحقق هذا المعنى لابد من وجود عوامل كثيرة وقوية تهيئ الارتباط بين الفتى والفتاة, وتنصح الاخت فوزية الشباب التأني في الاختيار لان الفتى لم يختر سيارة او لبسا معينا بل هو يختار شريكة العمر وكذلك الفتاة، فالاختيار هنا يتعدى الى اختيار انسان بما تعنيه الكلمة من معنى.
من المحرر
يعتبر الطلاق أبغض الحلال لأنه يعني تدمير أسرة وتضييع مستقبل ابنائنا واحداث خلل في البنية الأساسية للمجتمع وزيادة المشكلات، والدراسات تشير الى ان الرجل بطبيعته يحب ان تكون زوجته مطيعة له ومنظمة فاذا لم تقم بالمطلوب منها من وجهة نظره فإن هذا يؤدي الى التوتر النفسي لديه خاصة اذا كانت زوجته لا تهتم بالبقاء معه او لم تراع مشاعره فإن هذا يؤدي الى التوتر النفسي والتنافر الذي يفضي الى الطلاق ولذا يجب ان نتخلص من القسوة التي قد تكون قسوة وقتية نتيجة لموقف معين نندم عليها حينما لا ينفع الندم ويجب ان نبتعد عن المكابرة وعن مفهوم النصر والهزيمة في حياتنا الأسرية ويجب ان نتحلى بالصبر والتفهم للتصرفات ومسبباتها والتجاوز عن الاخطاء التي تنتج عن مسببات وقتية وفي جميع الأحوال لايوجد في الحياة الزوجية منتصر ومنهزم ففي حالة وقوع الطلاق كلا الطرفين خاسران وكلاهما منهزم وكلاهما يعاني، وعليه فالصبر والتبصر والروية والمناقشة والتفاهم والتجاوز صفات يجب أن يتحلى بها الزوجان، فنتائج الطلاق النفسية والاجتماعية سيئة فيجب ان نتلافاها إن كان الى ذلك من سبيل.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

الثقافية

الاقتصادية

متابعة

أفاق اسلامية

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

شرفات

العالم اليوم

تراث الجزيرة

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]
ContactMIS@al-jazirah.com with questions or comments to c/o Abdullatif Saad Al-Ateeq.
Copyright, 1997-1999 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved.