Friday 14th January, 2000 G No. 9969جريدة الجزيرة الجمعة 8 ,شوال 1420 العدد 9969



إلى مقاعد الدراسة

سيعود ملايين الطلاب والطالبات إلى مقاعد الدراسة يوم غد، سيعودون لينهلوا من معين العلم في شتى المعارف، يعودون بعد أن خاضوا تجربة جديدة في الفصل الدراسي الأول متمثلة في الاكتفاء باختبار شهري واحد بدلاً من اختبارين أو ثلاثة في بعض المدارس وهذا التغيير قد يبدو عند البعض وكأنه تغيير ليس له أثر كبير على التربية والتحصيل في آن واحد، غير ان الموضوع قد يطرح أمام الآباء والأبناء معاً واقعاً يحدد التعامل معه في اطاره الجديد، لقد كان الكثيرون وليس البعض يعتمد على الاختبار كأساس لاستذكار الدروس لكي يتم التحصيل على مراحل متعددة خلال الفصل الدراسي، أما وقد تم اختصار تلك الاختبارات والاكتفاء باختبار شهري واحد فقد أصبح الطلاب وأولياء أمورهم واحدا من اثنين, فمنهم من يترك الاستذكار لحين قرب الامتحان الشهري ثم يستجمع قواه في عدد محدود من الأيام قد لا يتمكن خلالها من استيعاب ما يجب استيعابه فتكون النتيجة أقل مما هي متوخاه، وبعد الاختبار الشهري يترك الاستذكار مرة أخرى لحين قرب حلول موعد الاختبار الفصلي النهائي ليعاود الكرة مرة أخرى فتكون النتيجة النهائية دون ما هو مطلوب,, ومنهم من يحسب لكل شيء حسابه فيستذكر مواده الدراسية كل يوم أو كل أسبوع أو فيهما معاً حتى يكون أكثر استيعاباً وأحسن حالا عند حلول موعد الاختبار، وهذا النمط من الاستذكار هو الأفضل والأيسر والأبقى والأضمن، ولا ريب فالاستذكار على جرعات محدودة يكون أكثر رسوخاً وأبقى في الذاكرة، كما أنه الأسلم عند حدوث ما قد يواجهه الطالب من حالات طارئة عند قرب حلول الاختبار مثل وفاة أحد الأقارب أو المرض شفانا الله واياكم وعافانا وأبعد عنا كل مكروه.
لقد اعتدنا في هذه المنطقة من العالم أن نؤجل ما يمكن تأجيله، حتى لو كان لدينا من الوقت ما يكفي للانجاز دون عناء، والبعض منا أو فلنقل أغلبنا يرغب في ان يستمتع باضاعة الوقت في المكتب أو المنزل لمجرد اضاعته وكأنه ليس العمر والحياة، وعندما يعتاد الطالب على أن يؤجل وقت الاستذكار إلى حين موعد الاختبار فانما هو بهذا يحاكي والديه واخوانه ومجتمعه في تأجيل ما يمكن تأجيله، حتى ولو أن ذلك التأجيل سيترتب عليه تراكم لما هو مطلوب مما يستوجب وقتاً أكثر مما لو تم الانجاز في حينه.
وأبناؤنا ولله الحمد يكتسبون من مجتمعهم الكثير من الثقافات والأخلاق الحميدة التي استلهموها من تعاليم الإسلام الحنيف، لكنهم في حاجة ماسة إلى النظر في أوجه القصور العملية لدى المجتمع، وعدم محاكاته لمجرد المحاكاة وعلى الآباء الذين يستطيعون ترك ما اعتادوا عليه من عادات خاطئة ان يكونوا أكثر وضوحاً أمام أبنائهم بالتحذير من تلك العادات وتبيان مضارها، كما أن عليهم أن يكونوا أكثر الحاحاً على الأبناء في سبيل تصويب ما هو خطأ لدى الآباء أو المجتمع، والحرص على اتباع ما هو أصلح, وأعتقد ان علّة التأجيل هذه من أهم القضايا التربوية التي تتطلب من الآباء مزيداً من الصبر، ومناقضة الذات حتى يتجاوز الابن والده، ويفوقه في مقدار انتاجه العلمي والعملي، ولا أعتقد ان أحداً يرغب في أن يكون على وجه الأرض من هو أفضل منه سوى أبنائه.
إن نظرة المجتمع نحو اختصار الاختبارات الشهرية الى اختبار شهري واحد تتمثل في رأيين: أحدهما يقول ان ذلك الاختصار لم يأخذ بعين الاعتبار عادات مجتمعنا وظروفه، وأهمية الاختبارات كحافز للطلاب على الاستذكار والمراجعة، ولذلك فإن مردوده على الطلاب كان أكثر سلبية ، بينما يرى البعض الآخر أن اختصار الاختبارات الشهرية على اختبار شهري واحد سيخفف من رهبة الاختبارات، كما أنه اسلوب تربوي لتعويد الطلاب على الاستذكار دون اختبار وعدم تأجيل ما يمكن تأجيله لأن الذي لا يستذكر دروسه أولاً بأول لن ينال ما يأمله وستكون نتائجه غير مرضية.
د , محمد البشر

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

الثقافية

الاقتصادية

متابعة

أفاق اسلامية

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

شرفات

العالم اليوم

تراث الجزيرة

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]
ContactMIS@al-jazirah.com with questions or comments to c/o Abdullatif Saad Al-Ateeq.
Copyright, 1997-1999 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved.