نور الحق أهمية إمام المسجد ومسؤولياته يكتبها بالنيابة: الشيخ ابراهيم بن محمد الضبيعي |
نظراً لأهمية كفاءة إمام المسجد وما يتحمله من مسؤوليات جسيمة وما يناط به من أمانه ثقيلة، لذا فإن الإسلام رفع منزلة الإمام وجعله نائبا عن خليفة المسلمين ومبلغا عن الله ورسوله، وموجها لأهل حي مسجده ومرشدا لهم الى معالي الأمور، وهو موضع احترام جماعة المسجد ويقصدونه لحل مشاكلهم وتعليم جاهلهم، ويتعاونون معه فيما يحتاجه المسجد من صيانة وتعمير ومحافظة على نظافته، وباخلاص الإمام ورغبته في تقوية أواصر اهل الحي وحبه لتقديم الخير للغير، يمكن ان يتحول المسجد الى منتدى يرتاده المصلحون ويرومه كل من يرغب التفقه في الدين والثقافة والادب.
وينبغي لأئمة المساجد اليوم ان يحتسبوا الثواب عند الله ويخلصوا العمل، وان يعيدوا للمسجد رسالته وهيبته، فلقد كان المسجد في الإسلام هو المركز الثقافي، وهو المدرسة والجامعة ومجلس الشورى، فما احوج المسلمين اليوم الى اللجوء الى المسجد لينهلوا من العلم ويجدوا فيه النور والهداية وحلول مشاكلهم، بما يقدمه الإمام من الآراء الصائبة الموجهة لجماعة المسجد.
فلما كانت الإمامة بهذة المنزلة الرفيعة وجب ان يُختار الإمام من أهل التقوى والورع والعلم والأهلية والاحتساب، وممن يتقنون القراءة واحكام التجويد وفقه الصلاة، ليتمكن من اداء وظيفته بكل وعي واقتدار، أخرج الإمام احمد في مسنده عن ابي امامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن، اللهم ارشد الائمة واغفر للمؤذنين ، ومعنى ضامن أي ضامن صحة صلاة الجماعة، جاء في الفتح الرباني بشرحه في هذا الحديث: يدل هذا الحديث على ان الإمام مسؤول عن صلاة من خلفه، لارتباط صلاتهم بصلاته فسادا وصحة، فهو الاصل وهم الفرع، ولهذا الضمان كان ثواب الأئمة اكثر إذا أدّوها كاملة من فرائض وسنن، ووزرهم اكثر اذا اخلوا بها,, ا ه ج 5 ص 222، وروى البخاري قوله صلى الله عليه وسلم : يصلون لكم فإن اصابوا فلكم ولهم، وان اخطأوا فلكم وعليهم .
ومن خصائص الإمام ان يتحمل عن المؤمنين القراءة في الصلوات الجهرية وسجود السهو، ومن وظائفه ايضاً تصفية الصفوف وان يلتفت يمينا وشمالاً، فإن رأى خللا امر بسده لحديث انس رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سووا صفوفكم فإن تسوية الصف من اقامة الصلاة ,, اخرجه ابو داود، وعليه ان يرفع صوته بتكبيرة الاحرام وبقية تكبيرات الانتقال ليسمع من وراءه، كما ينبغي للإمام ان يتفقد احوال المصلين ويدرس اوضاعهم ليتمكن من حلول مشكلاتهم، وان يتعاهدهم بالنصيحة والتذكير وهو المسؤول عن الاشراف على اداء المؤذن وخدم المسجد اعمالهم على اكمل وجه.
ومما سبق من اهمية الإمامة وفضل الإمام والشروط التي يجب ان تتوفر فيه، يتضح بجلاء ان اكثر ائمة هذا الزمان قد لا يصلحون للإمامة مع الاسف، لأنهم لم يلتزموا بما يمليه عليهم الدين والواجب والادب الاجتماعي، حيث يحضر احدهم للصلاة حين تحين الاقامة ثم يخرج مع أول المصلين، وكأنه غير مسؤول عن اهل هذا الحي جماعة المسجد بل يعتبر نفسه موظفا عاديا واكبر همّه ان يشرف على اقرانه بمنصب الإمامة، وان يحصل على الراتب والسكن، ويظنها غنيمة باردة بلا جهد يذكر، واعتقد ان مثل هذا المقصر يشمله دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعس عبد الدينار وتعس عبد الدرهم بدليل ان احدهم لا يشعر بالخجل عن تقصيره ويستبيح لنفسه البقاء في هذا المنصب ويحرمه ممن هو اجدر منه,, والله المستعان.
|
|
|