Friday 14th January, 2000 G No. 9969جريدة الجزيرة الجمعة 8 ,شوال 1420 العدد 9969



حديث المرأة
العولمة
تكتبها هذا الأسبوع د, رقية بنت محمد المحارب *

هل نحن على إحاطة كاملة بما تحمله لنا العولمة، وهل نحن فعلا نعيش ضغوطها ومظاهرها، كما يعتقد البعض, واذا كان لا مجال الا بالتفاعل مع معطياتها فما هي برامجنا وما هي خططنا لمواجهة الفاسد والضار من إفرازاتها، والاستفادة من الخير الذي تحمله؟؟
لقد كان في انشاء المجلس الاقتصادي الاعلى تجاوبا مع التحديات الاقتصادية الضخمة القادمة مع العولمة في شقها التجاري، وهي خطوة مباركة نأمل ان يوفق الله القائمين على هذا المجلس بوضع البرامج الملائمة والاستراتيجيات المناسبة التي تتوافق مع اخلاقياتنا, ولكن ماذا اعددنا لحماية العقول والقلوب من التأثر الثقافي السلبي، وماذا نعرف عما يموج به العالم من اتجاهات فكرية ونظريات يتصادم بعضها مع عقيدتنا واخلاقنا؟
لماذا لا نفكر في انشاء مجلس اعلى للثقافة على غرار المجلس الاقتصادي الاعلى تكون مهمته وضع تصورات ورسم سياسات لمواجهة التيارات الفكرية والمذاهب الالحادية والافكار الاباحية التي تملأ الارض سواء كانت ادبية او نظريات فلسفية او اجتماعية, ويضطلع هذا المجلس بإصدار الكتب والدوريات والقيام بحملات تثقيفية في المدارس والجامعات وعقد المؤتمرات المحلية والدولية وانشاء مواقع بكل اللغات عبر الانترنت لتقديم الاسلام للعالمين,, ويقوم على هذا المجلس كوكبة من العلماء والادباء والمفكرين الذين عرفوا بالطروحات المتزنة والغيرة على المجتمع في دينه واخلاقه وثقافته، والمشهود لهم بالمحافظة والدفاع عن دين الامة ولغتها واخلاقها؟
إن العولمة في جانبها الثقافي تمثل خطرا حقيقيا وربما نقارنها بالاستعمار العسكري الذي فرض ثقافته على الشعوب بحكم القوة العسكرية المباشرة حتى وصل الامر الى تغيير الحرف العربي والغاء اللغة العربية من الحياة العامة وغير ذلك ووصل الامر الى ان فقدت شعوب اسلامية كثيرة ارتباطها بأمتها وذات وسط موجات الترغيب والترهيب هويتها.
بالتأكيد لن تفرض انماط سلوكية معينة او تلغي اللغة العربية بقرار سياسي، ولكن التفاعل القادم الذي سوف يتم بين دول قوية في اقتصادها وآلتها العسكرية واعلامها ودول تصنف ضمن دول العالم الثالث سوف يجعل من القرار ناعما بمعنى ان السيطرة الناعمة او الاقتناع العقلي هو الذي يجعل من القرار منفذا على ارض الواقع ما لم يبادر العقلاء الى التفكير الجاد في وسائل فعالة للوقاية والتحصين, والعبء لا شك سيكون ثقيلا على مؤسسات التوجيه لاعادة النظر في كثير من برامجها, ولعل لا مناص من محاولة النهضة بوسائل التوجيه وتكوين مراكز بحث على مستوى عال من التطور والاهتمام الكبير خصوصا بالتدريب على وسائل الاقناع.
ولكن فاقد الشيء لا يعطيه، ان ذلك الشاب وتلك الفتاة التي ليس لهما رصيد كاف من العلم الصحيح والثقافة بأمور دينها وليسا على قدر من الالتزام الاخلاقي هما اول الضحايا في الزمن القادم، وليس صحيحا ان الانفتاح المطلق لا بديل عنه او ان الرقابة يجب ان تلغى كليا وتبقى الرقابة الذاتية, فكل الدول تحارب المخدرات وتضحي في سبيل ذلك بالملايين، وتتعرض لحروب من قبل عصابات المافيا ولكن ذلك لم يجعلها تعتقد انها لا تستطيع محاربة هذه العصابات، وانها يجب ان تسمح ببيع المخدرات رسميا الا في حالات نادرة ثبت بالتجربة فشلها في القضاء على انتشارها.
ولم نسمع ان احدى الدول سمحت بوجود البكتيريا والامراض دون محاربة اكتفاء بالتطعيمات مثلا,وجود الرقابة الصارمة ضد ما يخالف العقيدة والاخلاق لابد منه لاننا مأمورين به شرعا اولا، ولان الحصانة الذاتية مهما كانت قوية غير كافية فالله عز وجل يقول: ولا تقربوا الزنا وقال: وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم .
اذا هناك ارادة حقيقية فسوف نستطيع التعامل مع كل التحديات واستخدام كافة الوسائل المتاحة لحماية اغلى ما نملك، ومن يتق الله يجعل له مخرجا.
* المديرة العامة للتوجيه التربوي بالرئاسة العامة لتعليم البنات.

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

الثقافية

الاقتصادية

متابعة

أفاق اسلامية

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

شرفات

العالم اليوم

تراث الجزيرة

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]
ContactMIS@al-jazirah.com with questions or comments to c/o Abdullatif Saad Al-Ateeq.
Copyright, 1997-1999 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved.