الشيخ د, عبدالله الزايد لـ الجزيرة المملكة نموذج فريد في الأخذ بالشريعة والتمتع بوافر الأمن والاستقرار مطلوب الوقف على إحداث قنوات فضائية إسلامية تجيد مخاطبة العقول؟! |
* حوار: سَلمان العُمري
أوضح فضيلة الأستاذ بكلية الدعوة في المدينة المنورة الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالله الزايد ان الأمة التي تأخذ بزمام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كل أحوالها وتلتزم بما جاء في الكتاب والسنة من منهاج وشرع الله المستقيم سوف تنعم بوافر الأمن والاستقرار والابتعاد عن شيوع الفاحشة.
وأشار فضيلته في حديث لالجزيرة اجاب خلاله على العديد من الاسئلة التي تناقش أمور الدعوة والدعاة، الى أن المملكة العربية السعودية بلا مواربة تمثل نموذجاً فريداً في هذا العالم بفضل من الله بالاستقرار والهدوء وسيادة الأمن والنظام.
وفيما يلي نص اللقاء:
* على من تقع المسؤولية في تغيير المنكر تحقيقاً للحديث الشريف: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ؟
ان الحكمة من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ظاهرة جليلة فمن خلال إقامة هذه الشعيرة التي هي فرض على الكفاية متى قام به من يكفي من أهل العلم والبصيرة سقط عن الباقين الحكمة شيوع الخير تعليماً للجاهل وتبصيراً للناس وتمكيناً لاقامة فروض الإسلام وشرائعه ودحراً للمنكرات من الانتشار والفساد ولهذا امتدح الله تبارك وتعالى أهل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما في سورة الحج الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور وحكم الله عز وجل بالخيرية لأهل هذه الفريضة العظيمة وأنهم صفوة الناس كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر الآية, وخلاصة القول في هذا ان هذه الفريضة شرعت حماية للضرورات الخمس التي اجمعت شرائع الرسل على وجوب المحافظة عليها وهي العقل، والدين، والنفس، والنسل والمال والأمة التي تأخذ بزمام المبادرة الى تمثيل ذلك في مجتمعها تمتاز بوافر الأمن ومكين الاستقرار والابتعاد عن شيوع الفاحشة والاعتداء على مقدرات الأمة ونفسياتها والمملكة العربية السعودية بلا مواربة نموذج فريد في هذا العالم وكلما كان الاخذ بتطبيق هذه الفريضة كان الاستقرار والهدوء وسيادة الأمن والنظام أعظم ظهوراً والسلبيات المضادة لذلك أشد اختفاء ودحوراً.
والقيام بهذا الركن المتين يختلف بحسب قدرات الأشخاص والجماعات ولهذا جاء في حديث أبي سعد الخدري رضي الله عنه المخرج في صحيح البخاري ومسلم رحمهما الله من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان .
والقاعدة في هذا أن تغيير المنكر مشروط ان لايترتب عليه منكر مماثل أو أكبر منه وان العلم والبصيرة أساس في ذلك ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وولي أمر المسلمين عليه من ذلك أعظمه وهو الذي يجب عليه اشاعة القيام بهذه الفريضة والتشجيع على قيام أهل العلم والبصيرة بها والتمكين لهم في ذلك كما ان تغيير المنكر باليد في الدرجة الأولى يتوجب على ولي أمر المسلمين ومن ينوب عنه في ذلك من أهل الحسبة حماية لأخلاق الأمة وضرورياتها وحاجياتها من عبث العابثين.
* من واقع الدعوة المعاصرة نجد الدعاة يسارعون فيقدمون الإسلام إلى غير المسلمين، من حيث الحدود والعقوبات فتكون النتيجة تخوف هؤلاء من الدخول في الإسلام حتى لا تطبق عليهم هذه العقوبات,, فما تقولون لمثل هؤلاء الدعاة؟
لاشك أن الواجب على الداعية ان يبدأ بما بدأ به سيد الدعاة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد مكث في مكة أكثر من عقد من السنين في مكة يدعو الى توحيد الله وتجريد العبادة له تبارك وتعالى ولم يأت في يوم من الأيام على ذكر إقامة الحدود والعقوبات التي جاء فرضها متأخراً بعد الهجرة في المدينة، وقد كان يبعث الى زعماء العالم رسله يحملون رسائل تدعوهم وشعوبهم الى الاسلام ولايذكر فيها امراً غير الدعوة الى التوحيد الى كلمة سواء بيننا وبينكم وهي كلمة التوحيد أشهد ان لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، فاذا صح للانسان توحيده وعبادته خرج من دائرة الكفر الى سعة الاسلام، والحدود والعقوبات انما جاءت بعد اكتمال بناء الدولة في المدينة النبوية ولإقامة الحدود ضوابط شديدة تكفل بتبيانها القرآن الكريم والسنة المطهرة, وماذكر من اجتهادات علماء الأمة استنباطاً من هذين الوحيين أعني الكتاب والسنة.
* قضية الاجتهاد في الدين من القضايا التي تفرض نفسها بين حين وآخر على الساحة الإسلامية، ماهي نظرتكم لهذه القضية؟
الاجتهاد في الجملة له اتجاهان أحدهما اجتهاد لإحداث حكم جديد لم يكن معهوداً في عهد الرسالة المحمدية، والثاني اجتهاد استنباطي من النصوص لاستظهار حكم على واقعة حادثة في حياة الفرد والجماعة, فالأول أجمعت الأمة على انه لايجوز لأحد مهما كانت درجته في العلم والمعرفة أن يحدث حكماً جديداً لأن اصول الاحكام تقررت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ,
يبقى اذن الاجتهاد في معرفة الحكم على واقعة معينة أو وقائع فهذا هو الاجتهاد الجائز والباقي الى يوم القيامة ولهذا يقول علماء اصول الفقه النصوص المحدودة من القرآن والسنة جاءت لتحكم صوراً من الوقائع غير محدودة أي الى يوم القيامة او بعد نزول عيسى ابن مريم الذي يحكم بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم ويسدد من الله عز وجل بخلاف أهل الاجتهاد الجائز هو مايسميه علماء الأصول بتحقيق المناط اي تحقيق مقتضى القاعدة الأصولية على حادثة أو حوادث معينة بإعطائها حكمها في اطار هذه القاعدة الأصولية أو النص من القرآن والسنة.
* ساهمت الأوقاف الخيرية في النهوض بالمجتمع الإسلامي حضارياً في كافة المجالات,, ما السبيل للاستفادة من هذه السنة الحميدة وإحيائها من جديد؟ وماهي صور هذه الاستفادة بما يتمشى مع تقنيات وحاجات وقضايا العصر الحالي؟
لاشك ان الوقف الخيري من الأمور ذات الأهمية البالغة وهو الرافد المادي القوي لمد الدعاة في أوقات الأزمات المالية بما يعينهم على الانطلاق بالدعوة الى الله تبارك وتعالى وأتمنى في هذا السياق أن ينشأ وقف للدعوة والدعاة اقول للدعوة والدعاة ليشمل أي شيء يعزز من شأن الدعوة الى الله تعالى ومن ذلك الانفاق من هذا الوقف على احداث او استئجار قناة او قنوات فضائية او شرائها كلما كان ذلك ممكناً واختيار أهل العلم والبصيرة الذين يجيدون مخاطبة العقول المتعددة والمختلفة في اتجاهاتها العقدية والفكرية وان يراعي في الخطاب ترتيب الأولويات وبلغات الأمم دون الاعتماد على أسلوب واحد معين: خاطبوا الناس بما يعرفون أثر عن بعض الصحابة رضي الله عنهم.
* أصبح نصيب القرآن الكريم قليلا من مناهج التعليم العام في الكثير من بلاد المسلمين,, بماذا تفسر هذا الخلل؟ وما أثره على كيان ومستقبل الأمة؟ وكيف يمكن إصلاحه؟ ومادور حفظة كتاب الله الكريم في المجتمع؟
ان القرآن الكريم نزل من عند الله عز وجل نوراً وهداية لبشرية جمعاء والعناية به تأتي في سياق تحقيق رحمة الله لعباده واقامة الحجة على من حاد عن صراطه وهذا لا يتيسر إلا بنشره بين الناس ودعوتهم الى الاخذ به في أمورهم كلها، فقد جاء هذا النور متلائماً مع فطرة الانسان في جميع ضرورياته وحاجياته وفق علم الله الذي انزله بأنه المحقق لسعادة الإنسان في الدنيا والآخرة اذ هو الخالق للجميع والخالق يعلم ماتصلح به حال المخلوقات ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير .
وماشرعه الله تبارك وتعالى انما هو لصالح الانسان أيا كان دون ان يكون بحاجة الى عمل هذا الانسان يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد ، من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد .
وتلك العناية بهذا التنزيل العظيم تكون في العديد من المحققات وهي:
1 تعليم الناس ما جاء فيه من أوامر ونواه اما في شكل حلقات في المساجد ونحوها أو في المدارس العامة او الخاصة على ايد متقنين لتلاوته وتجويده وترتيله وتفسيره وربطه بحياة الناس ربطاً محكماً دون افراط او تفريط.
2 اشاعة هذا الكتاب بتكثيف طباعته وترجمة معانيه ترجمة أمينة وصالحة على أيدي متعمقين من أهل التخصص في اللغات وفي اللغة العربية قبل ذلك.
وهناك لابد من الاعتراف بالفضل من الله تعالى لمجمع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد للمصحف الشريف وترجمة معانيه الى عدد من اللغات وتوزيعه على اصقاع كثيرة من المعمورة.
3 عقد المسابقات بدعوة أبناء المسلمين اليها داخل المملكة كمسابقة القرآن الكريم محلياً وعالمياً والجدير ذكره ههنا أن المسابقة التي نظمتها المملكة قد مر عليها عقدان من السنين وتزداد قوة وإقبالاً من ابناء الأمة الإسلامية وقد نفع الله بها كما نفع بتوزيع المصحف وترجمة معانيه الأمة الإسلامية في بقاع كثيرة من العالم ولله الحمد.
واذا كانت المملكة السبّاقة الى احتضان الجهود التي يجب بذلها عناية بكتاب الله لما لها من خصوصية تميزها عن غيرها فهي التي قامت دولتها ونحن باسم الله وعلى نهج وحي الله من كتاب وسنة آخذة على عاتقها مسؤولية نشر هذا النور بين الناس بقدر ما تستطيع تحقيقاً لما يجب عليها بما اخذته على نفسها من نصرة عقيدة التوحيد وشريعة الإسلام إذ كانت المملكة كذلك فلا غرابة ان تعنى بهذا الكتاب العظيم ومايتطلبه نحو المسلمين من نشر له وصيانة.
4 اعتبار القرآن الكريم والعلوم المتصلة به مواد ضرورية في مناهج التعليم وخطط الدراسة دون ان تعتبر تلك مواد ثانوية لا تخضع للتقدير في النجاح والتأخر وقد تميزت مناهجنا وخططنا التربوية بأخذها مكانتها بين المواد الدراسية الأخرى، بخلاف مايحدث في مناهج وخطط دراسية في بعض بلدان المسلمين.
* سبق لفضيلتكم المشاركة في تحكيم عدد من مسابقات القرآن الكريم بأماكن متفرقة، فما الذي يميز المسابقة الدولية التي تنظمها المملكة برعاية خادم الحرمين الشريفين حفظه الله عن غيرها؟
هذا العام هو العام الحادي والعشرون للمسابقة الدولية وقد رأيت تميز المسابقة القرآنية فيه فقد ظهرت بها تباشير حسنة منذ اليوم الأول حيث كانت تختلف عنها في اليوم الأول من العام المنصرم من حيث نوعية التلاوات التي تم الاستماع إليها ومهما كان الأمر فإن هذه المسابقة قد اخذت بالفعل وبحمد الله حجماً عالمياً لاينكره من يشاهد هذه المسابقات وذلك فضل من الله تعالى.
|
|
|