Friday 14th January, 2000 G No. 9969جريدة الجزيرة الجمعة 8 ,شوال 1420 العدد 9969



قصة قصيرة
معاناة طفل شيشاني مسلم

أكتب هذه القصة لإخواني المسلمين في كل العالم حتى يعلموا مأساتنا نحن المسلمين في الشيشان المسلمة,.
بداية,, كنا نعيش في أمان, نحن أطفال تلك القرية الشيشانية الوادعة المسالمة,, التي تحيط بها تلك الجبال والمزارع المتفرقة تعلو صيحاتنا ويتردد صداها عندما يصطدم بالجبال لترتد إلينا كصوت المئذنة الوحيدة في جامع قريتنا,, لتشاركنا فرحتنا ,, وكنا راضين بوضعنا رغم الحالة المتواضعة من العيش حيث ان معظم سكان قريتنا من الفقراء ويعملون بالزراعة,, وهناك قليل من الحوانيت التي يبيع لها أهل قريتنا ما تجود به مزارعهم من ارزاق ,, ويشترون منها ما يحتاجون لأسرهم وابنائهم,.
ولكن يبدو ان هناك اشياء يخبئها لنا القدر لا ندرك معانيها نحن الصغار حيث نسمع من أهلنا ان هناك غرباء دخلوا الى بلدنا الشيشان وانهم بدأوا في نهب مواشينا وقتل من يعترض طريقهم وان اولئك الاغراب هم الروس الكفرة الملحدون, الذين بدأوا فعلا في تدمير القرى المجاورة لقريتنا وبدأوا الزحف السريع نحونا إلى ان كان ذات يوم شتاؤه بارد جدا كنت فيه ارتجف من البرد حيث لا املك ملابس واقية من البرد كبعض الاطفال الآخرين,, عدت من مدرستي كالمعتاد حيث ألقيت بجسدي النحيل في حضن أمي,, حينها شعرت أن أمي فرِحة وقلقة في نفس الوقت,, وكانت تردد: الحمد لله,, الحمد لله ,, وذلك بعودتي إليها سالماً,, وكان ذلك بعد مضي ايام عديدة من الحرب التي اشتعلت في بلدي,, وبعد اسبوع من تلك الحوادث التي تعرضت لها بلدتي ولظروف الحرب التي استعرت فعلاً,, ونظراً لهذه الظروف القاسية من البرد القارس والثلوج التي بدأت تغطي الجبال حول القرية والشوارع,, تم اغلاق مدرستنا التي كنت احبها وتحويلها الى ثكنة لاولئك الجنود الغرباء المدججين بالسلاح حيث طردونا وشرّدونا,, حتى المسجد الوحيد القريب من مدرستنا لم يسلم من اولئك المتوحشين,, كما أغلقت الحوانيت التي تعرضت للنهب والسلب الذي لم نكن نسمع به من قبل, وبدأ سكان القرية في المغادرة واصبحت الشوارع خالية من السكان الاصليين وفي ذات ليل شديد الرياح، غزير المطر، إذا بنا نسمع طرقا شديدا على الباب,.
فأمرني أبي ان أردَّ على الطارق حيث كان بجوار جدتي المريضة,, وكانت أمي تعدُّ لنا في ذلك الوقت طعام العشاء الذي كان - بالكاد - يكفي لأسرتنا التي تتكون من أبي، وأمي وجدتي واخواني الثلاثة وكان الطارق,, هم جيراننا الذين اجبرهم الروس على مغادرة مساكنهم وكانت هناك عربة وحيدة وبها مقطورة معدّة لنقل من بقي في قريتنا على قيد الحياة وطلبوا منا اللحاق بها حيث ان الروس بدأوا يبطشون ببقية السكان، وطردهم من مساكنهم بالقوة وامام هذا الوضع الصعب اضطر والدي لحمل جدتي على كتفيه,, وحمل إخوتي وأمي، ما استطاعوا حمله من متاع على عجَل,, ولم يكن بوسع أمي اتمام إعداد الطعام لنا، حيث غادرنا منزلنا والجوع يعتصرنا,, وبالكاد وجدنا مكانا في مؤخرة تلك الشاحنة ذات المقطورة الخشبية المهترئة,.
وبعد مسيرة نصف ليلة تحت زخات المطر والبرد القارس,, ماتت جدتي وهي في حضن أبي الذي كان ممسكاً بها طوال الرحلة,,
وفي منتصف الطريق تم دفن جدتي المسكينة,, وبدأت تلك القافلة رحلتها نحو المجهول,.
منال عبدالرحمن مستور
معهد الرياض النموذجي

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

الثقافية

الاقتصادية

متابعة

أفاق اسلامية

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

شرفات

العالم اليوم

تراث الجزيرة

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]
ContactMIS@al-jazirah.com with questions or comments to c/o Abdullatif Saad Al-Ateeq.
Copyright, 1997-1999 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved.