هناك فرق بين الفلسفة والحكمة، كما أن هناك تغايراً بين الفلسفة الإسلامية بالنظرة الى بعض الأحكام الشرعية والفلسفة المادية التي تقيس الأمور بنظرات البشر ومقاييسهم.
فالفلسفة في عمومها تعني دراسة المبادىء الأولى، وتفسير المعرفة تفسيراً عقلياً, وكانت تشمل العلوم جميعاً، واقتصرت في هذا العصر على المنطق والأخلاق، وعلم الجمال، وما وراء الطبيعة، والفيلسوف: العالم الباحث في فروع الفلسفة ]المعجم الوسيط 2: 700[ وأكثر ما يعتمد الفيلسوف على إثبات الحجة التي يريد، بالجدل وعلم الكلام.
اما الحكمة: فهي تعني من الناحية الشرعية ما وراء الأمر التشريعي من هدف وغاية,, ولذا نرى العلماء رحمهم الله يقولون: الحكمة والله أعلم بمراده قد تكون كذا وكذا,, لما يرونه مردوداً على النفس البشرية او المجتمع من ذلك الأمر، كقولهم: الحكمة والله أعلم من تحريم الزنا: حفظ النسل وعدم اختلاط الأنساب، والحكمة - والله أعلم بمراده - من الربا: عدم الاضرار بالفقير، وزيادة فقره، على ما هو فيه,, وهكذا في بقية الأمور.
ولما كانت الفلسفة قد دخلت المجتمع الإسلامي بعد التأثر بعلوم اليونان والهنود، وبعدما انتشرت كتبهم المترجمة، مما جعل كثيرا من علماء الاسلام، يضيعون في متاهاتها,, ويؤلف الغزالي الذي سبر غور الفلسفة وعرف نفعها وضررها,, عدة كتب فيها، منها: مقاصد الفلاسفة، وهذا لم يبرز فيه رأيه فيهم بل شرح آراءهم قبل الاقدام على نقدها، ثم كتابه الثاني: تهافت الفلاسفة: الذي ابدى فيه شكوكه في قيمة هذا العلم، وبراهينه المنطقية، حيث بلغ به الشك الى اعتزال التدريس بعد تأليفه هذا الكتاب، وترك الأهل والولد والمال وخرج الى مكة قاصداً الحج ثم الشام ومصر، ثم في آخر أيامه: الف كتابه الثالث: المنقذ من الضلال، الذي يشرح تطوره في التفكير والسعي وراء الحقيقة، ويشرح شكوكه، ومباحثه في مختلف المذاهب، قبل الوصول الى رأي يطمئن اليه، ولئن قال فيه تلميذه ابن العربي المالكي: شيخنا أبو حامد دخل في جوف الفلسفة، ثم اراد الخروج منها فلم يحسن .
فإن عبد الرحمن دمشقية في كتابه عن الغزالي يقول: الغزالي مضطرب بين فكر أشعري، وبين فكر فلسفي، فتارة يقرر مذهب الأشاعرة في الصفات، وتارة يقرر الرأي الفلسفي الذي يعول في غالبيته على ابن سينا.
ويقرر كما قرر غيره رجوعه في آخر عمره، فإنه اعتبره قد مال في آخر عمره الى سماع الحديث، والتحفيظ للصحيحين، كما قال ابن كثير، وأقبل على تلاوة القرآن، وحفظ الاحاديث الصحيحة، ويحكى أن طريق العودة: قد سبق الغزالي فيه شيخه ابو المعالي الجويني، ولحقه فيه اكبر ائمة المذهب فيه، بعده الفخر الرازي وكانت خاتمة امره كما قال تلميذه عبد الفاخر الفارسي إقباله على حديث المصطفى، ومجالسة أهله، ومطالعة الصحيحين البخاري ومسلم اللذين هما: حجة الإسلام، ولو عاش لسبق الكل، في ذلك الفن بيسير من الأيام، يستفرغه في تحصيله,, أما ابن تيمية فقد كرر في غالب كتبه، مؤكدا على ان الغزالي مال أخيراً الى أهل الحديث، ومات وصحيح البخاري على صدره,, وهذا حسن نظر منه ]أبو حامد الغزالي والتصوف 428[ فهو اي الغزالي قد نقد الفلسفة المادية، بتعقيداتها وخوضها وعقمها، وخدعة زعمها ان مصدرها هو العقل الذي لا يضل ولا ينسى، فنقضها وكشف زيفها وباطلها وفضحها، بعد ان جربها.
ولذا فإن التغاير بين الفلسفة الاسلامية إن صح تسميتها فلسفة من باب الاتباع والفلسفة المادية: أن المادية تحكم العقل ولا تخطئه في آرائه ونظرياته,, مهما كانت، حيث تجعله المسيطر على مقاييس الأمور، اي معصوم من الخطأ والنسيان,.
أما الفلسفة الإسلامية إن صح التعبير تجاوزاً فمرجعها في كل أمر كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتطرح العقل جانباً: اذا تعارض مع النص الشرعي,, كما قال علي بن ابي طالب رضي الله عنه: لو كان الإيمان بالعقل لكان المسح على باطن الخفين اولى من المسح على ظاهرهما ,, ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لما رأى حيرة من العقل في النظرة لبعض الأمور: اللهم إيماناً كإيمان العجائز .
والذين حكموا على فلسفة بعض المسلمين، الذين عادوا الى جادة الصواب، ونبذوا النظرة الجدلية، حول العقل وسيطرته كالغزالي في آخر عمره، والرازي الذي قال في كتابه: أقسام اللذات,, حيث لم نجد في الفلسفة المادية: الا الحيرة والندم لقد تأملت الطرق الكلامية: والمناهج الفلسفية، فما رأيتها تشفي عليلاً، ولا تروي غليلاً، ورأيت أقرب الطرق طريق القرآن,, وعبّر عن هذه الحيرة بقوله:
نهاية إقدام العقول عقال وغاية سعي العالمين ضلال وأرواحنا في وحشةٍ من جسومنا وحاصل دنيانا أذى ووبال ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا فكم قد رأينا من رجال ودولة فبادوا جميعاً مسرعين وزالوا وكم من جبال قد علت شرفاتها رجال فزالوا والجبال جبال |
]شرح الطحاوية 1:233[.
وطريق القرآن الكريم والسنة المطهرة التي بها راحة القلب، وصفاء العقيدة هي ما كان المسلمون معها في شهر رمضان: تلاوة وتعبداً,, ومأمور كل مسلم أن يتدبرهما، ويطبق أموره الشرعية عليهما، لأنهما وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته، لما قرب أجله,, يقول سبحانه أفلا يتدبرون القرآن، أم على قلوب أقفالها ]محمد 24[.
والمتأمل في أوامر الله سبحانه وشرعه الذي شرع يدرك أن العبادات يراعى فيها قدرة الانسان وعدم تكليفه فوق طاقته لأن الله الذي شرع الشرائع، عالم بالنفس البشرية وقدرتها على العمل، وما فيه مصلحتها ومصلحة المجتمع من كافة الوجوه,, فكانت موزعة على فصول السنة,, وعلى مدى عمر الانسان بمقادير متوازنة، وما قد يعلمه الانسان من أسرار وراء اي تشريع، ما هو إلا من العلم القليل الذي يحيط به ابن آدم اما العلم الكامل والسر الحقي فهو لله جلت قدرته,.
ومن هنا نلاحظ ان العقل البشري الذي دعته التعاليم الشرعية، بالتفكر والتعقل وخوطب الانسان به، وبدعوته لإجالة النظر في سر عظمة الله، المتبدية في مخلوقاته التي يرجع البصر خاسئاً وهو حسير في معرفة كنهها، وادراك سر وجودها، وكيفية تكوينها,, يتوه في نظرته للأمور، اذا لم يقده صاحبه بزمام مصدري التشريع في داعية الاسلام ولم يحجزه عن الافلات وراء القضايا التي تبعث على الحيرة، ويقصر ادراكه عن ماهية تلك القضايا.
فتتابع العبادات في مواسم مختلفة، يومياً أو شهرياً، أو سنوياً أو مدى عمر الانسان، كل هذا الحكم والاسرار قد يدرك بعض البشر شيئاً منها، وقد تقصر عقولهم عن ادراك اشياء أخر,, لكنهم مأمورون وعليه الاتباع والعمل.
فرمضان كونه شهراً واحداً في السنة، خاض الناس قديماً وحديثاً في الحكمة من ذلك، والسر وراء هذا الصوم فالأطباء قرنوا ذلك بالناحية الصحية، وان الجسم في حاجة الى تجديد نشاطه، والتخلص من رواسبه طوال العام: كثرة في الاكل وعدم تنظيم لمواعيده وارهاقاً للجهاز الهضمي، وغير هذا مما عللوا به.
وعلماء النفس: رأوه تهذيباً للطباع وتحسيناً للأخلاق واراحة للنفس من القلق والكآبة، وسلوة مع الروحانيات في العبادة: قراءة للقرآن وصلاة وتهجداً، وغير هذا من مفاهيم ونظرات للمختصين في هذا الفن حسب مقاييسهم، وعلماء الاجتماع يحكمون عليه من ناحية التكافل الاجتماعي بين افراد المجتمع: رعاية وصدقة وزكاة واحساناً وإطعاماً للطعام، وسخاء باليد واللسان ومحبة بين افراد المجتمع وتزاوراً.
وهكذا نرى كلاً يدلي بدلوه حسب مفهومه، وما يرى الناس عليه من ربح وخسارة ومن فائدة أو مضرة,.
ثم نرى بعد رمضان يأتي العيد الذي هو فرحة للصغير وتزاور للكبير وذكر لله، وما تحريم الصيام فيه الا لمصلحة المرء صحياً ونفسياً واجتماعياً وأسرياً,, واهتماماً بشرائح متعددة من المجتمع ألم يقل صلى الله عليه وسلم: ان لنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً ولربك عليك حقاً فأعط كل ذي حق حقه .
ثم يتلو ذلك مناسبة اخرى يتشوق اليها من تفاعل مع رمضان أنساً بالأعمال فيه، وحبا للصيام الذي تعود عليه، وأنس به، لصيام ستٍ من شوال، حيث قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال، كان كمن صام الدهر ,, وهذا فضل من الله، ورأفة بالنفس البشرية الطامعة في الاجر لفضل الصيام الذي هو لله، ويتولى سبحانه الجزاء عليه، ويعظم اجره لمكانته بأن اعتبر سبحانه هذا العمل كمن صام الدهر كله، وما ذلك الا ان الحسنة بعشر أمثالها، فصيام رمضان يساوي صيام عشرة اشهر، وستّ من شوال تساوي ستين يوماً، اي شهرين، تضاف للعشرة، فيكمل ذلك العام كله وهو اثنا عشر شهراً.
وهذا الأثر سرّ خفي وكرم جزل من رب العزة والجلال، الكريم على عباده، والمخفف عنهم ما لا يطيقونه، ومثل ذلك ما افاء الله به من مناسبة جزلة في عطائها، عظيمة في أجرها، هي ليلة القدر التي مرت في العشر الاواخر من رمضان، واختلف في تخصيص وقتها، وأكرم الله بها أمة محمد فكانت في العبادة والاجر تعدل الف شهر خالية منها، وهي من الأسرار التي لا يستطيع الانسان ان يقول في حكمتها ولا في سر اجرها من نفسه شيئاً، ولا يخضع ذلك للمقاييس العقلية، لولا ان الله سبحانه انزل فيها قرآناً يتلى، وان رسول الله صلى الله عليه وسلم وضح لأمته فضلها ومكانتها.
وبحلول عيد الفطر، الذي هو أول شهر شوال، تبدأ مناسبة اخرى، ولها أحكامها في الحج عند الفقهاء، وهي بداية اشهر الحج الركن الخامس من أركان الاسلام، الذي كان من حكمة الله بعباده، ورأفته بخلقه أن جعله مرة واحدة في العمر، ولمن استطاع اليه سبيلاً بالقدرة الجسمانية والنفقة والراحلة وأمن الطريق.
وكانت الأشهر الحرم التي قبل موعد الحج وبعده، تعظمها العرب قبل الاسلام، مع انهم عبدة أوثان، ويتركون فيها القتال، والاخذ بالثأر حتى تنتهي تيسيراً لاداء هذه الشعيرة، وما يتبعها من منافع دنيوية,.
وفي حجة الوداع لما خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس وقال: أيها الناس ان الله قد فرض الحج فحجوا قال رجل: أفي كل عام يا رسول الله؟ فأعرض عنه، حتى كررها ثلاثاً، فقال صلى الله عليه وسلم: لا ولو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم .
ولعل من الفلسفة الاسلامية والسر والله اعلم وراء هذا الهدي النبوي الكريم: ان المسلمين لو أجمعوا على الحج كلهم وتركوا ديارهم ويمموا الى الديار المقدسة، فإن هناك عقبات كثيرة سوف تعترضهم خاصة وان عدد المسلمين قد تزايد واعداؤهم يتربصون بهم الدوائر.
فما هي الأرض التي سوف تستوعبهم.
وما هو التموين الغذائي والمائي الذي يلبي طلبات هؤلاء جميعاً.
وما كيفية السيطرة على حالتهم الصحية.
وما هي المواصلات التي يمكن تهيئتها دفعة واحدة لنقلهم وعودتهم.
ثم ما هي المخاطر على بلادهم بخلوها منهم.
وما مصير شؤون الخاصة من تجارة وصناعة وزراعة عندما يتركون للحج.
الى غير ذلك من أمور وأضرار تمس المسلمين، وتجعلهم فريسة لأعدائهم وتضعفهم عن العمل، والمؤمن مأمور بأن يكون قوياً وفطناً ومستعداً للدفاع عن دينه ومصالحه وامواله.
ومن رحمة الله بعباده ان جعل الزكاة مرة واحدة في السنة، بعد مرور الحول على المال، ولا يدخل في مال الزكاة ما كان لاستعمال الانسان واسرته من مركب ومسكن وملبس، وغير ذلك مما هو للاستعمال ولو كثر.
وان الله سبحانه عندما اعطى الانسان خفف عنه العطاء منه للمحتاجين وهم الثمانية الذين تدفع اليهم الزكاة في آية من سورة التوبة,, بعد ان اعطاه الكثير من المال، وجعل سبحانه وبين رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم النصاب من كل نوع، الذي تجب فيه الزكاة، ومقدار ما يدفعه الانسان طيبة به نفسه، من زكاة لذلك المقدار، حتى يستطيع ان يشتغل في بقية ماله، وينميه، وقد كان من الحكمة وراء هذه الزكاة: انها حماية للمال من الآفات، تفوق انواع التأمينات التي استحدثتها الدول المادية، وانها حق من الله لأهلها المستحقين لها، لا تفضلاً من الدافع وانما اداء لهذا الحق يقول سبحانه: وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ]النور 33[، وبهذا تنكسر حدة الغيرة والحقد والحسد من الفقير على الغني، لأنه تفقده وآتاه ما يغنيه عن الاستجداء وأشعره بمكانة الاسلام في التكافل بين أبنائه والاهتمام بأموالهم.
ولهذا ايضاً أثر على المجتمع كله عندما يعطي كل قادر زكاة ماله، فيخف عدد الفقراء ويشعر اليتامى والأرامل بدفء العاطفة بل يعود النفع للزرع والضرع يقول صلى الله عليه وسلم: ما منع قوم الزكاة الا منعوا القطر من السماء , وفي رواية ولولا البهائم لم يمطروا .
ذلك أن الخسارة في الشح بالزكاة وراءها اضرار للشخص نفسه، بعدم البركة في ماله وتعرضه للآفات وضرر على أبناء المجتمع حيث يزداد الفقر والبؤس وما يتبعهما من مصائب، مما يورث الحق والبغضاء للأغنياء عند الفقراء، وضرر على المجتمع بهلاك الحرث ونفاق البهائم مع انحباس القطر، بسبب الشح بالزكاة, وغير هذا من حكم واسرار وراء كل تشريع اسلامي.
خبر نضلة بن معاوية:ذكر ابن عربي في محاضرات الأبرار: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب الى سعد بن أبي وقاص وهو بالقادسية: أن وجه نضلة بن معاوية الأنصاري الى حلوان العراق، فليغر على ضواحيها، فوجه سعد نضلة في ثلاثمائة فارس، فخرجوا حتى أتوا حلوان العراق، وأغاروا على ضواحيها، فأصابوا غنيمة وسبيا، فأقبلوا يسوقون الغنيمة والسبي حتى رهقت بهم العصر، وكادت الشمس ان تغرب فألجأ نضلة الغنيمة والسبي الى سفح الجبل، ثم قام فأذن فقال: الله اكبر الله اكبر، فقال ومجيب من الجبل يجيبه، كبرت كبيراً يا نضلة، ثم قال: أشهد ان لا إله إلا الله، قال: هو الدين، وهو الذي بشّرنا به عيسى بن مريم عليه السلام وعلى رأس أمته تقوم الساعة، ثم قال: حي على الصلاة, قال: طوبى لمن مشى اليها، وواظب عليها، ثم قال: حي على الفلاح قال: أفلح من أجاب محمداً صلى الله عليه وسلم وهو البقاء لأمته ثم قال: الله اكبر الله اكبر، قال: كبرت كبيراً ثم قال: لا إله الا الله، قال: اخلصت الاخلاص يا نضلة فحرم الله جسدك عن النار.
فلما فرغ من أذانه، قمنا فقلنا من انت يرحمك الله، أملك انت؟ أم ساكن من الجنّ؟ أم من عباد الله؟ اسمعتنا صوتك فأرنا شخصك، فإنا وفد الله، ووفد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووفد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: فانفلق الجبل عن هامة كالرماء، ابيض الرأس، عليه طمران من صوف، فقال: السلام عليكم ورحمة الله، وبركاته, فقلنا: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته,, من انت يرحمك الله؟.
قال: أنا رزيب بن برتملة، وصي العبد الصالح، عيسى بن مريم، عليه السلام، اسكنني هذا الجبل ودعا لي بطول البقاء الى نزوله من السماء، فيقتل الخنزير، ويكسر الصليب، ويتبرأ مما نحلته النصارى.
ثم قال: ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم؟ قلنا: قبض,, فبكى بكاء كثيراً طويلاً، حتى خضب لحيته بالدموع، ثم قال: من قام فيكم بعده؟ قلنا: أبو بكر, قال: ما فعل؟ قلنا؟: قبض؟ قال: فمن قام بعده؟ قلنا: عمر, قال: إذا فاتني لقاء محمد صلى الله عليه وسلم فاقرؤوا عمر مني السلام وقولوا له: يا عمر سدّد وقارب، فقد دنا الأمر، وأخبروه بهذه الخصال التي اخبركم بها: يا عمر اذا ظهرت هذه الخصال في امة محمد صلى الله عليه وسلم فالهرب الهرب، اذا استغنى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، وانتسبوا في غير مناسبهم، وانتموا الى غير مواليهم، ولم يرحم كبيرهم صغيرهم، ولم يوقر صغيرهم كبيرهم، وترك الأمر بالمعروف، فلم يؤمر به، وترك النهي عن المنكر فلم ينه عنه، وتعلم عالمهم العلم ليجلب به الدنانير والدراهم وكان المطر قيظاً والولد غيظاً واستخف بالدماء، وتقطعت الأرحام، وبيع الحكم، واكل الربا، وصار التسلط فخراً والقتل عزاً وخرج الرجل من بيته وقام اليه من هو خير منه وركبت السروج,, ثم غاب عنا ولم نره, ]2: 146 147[.