سمو النائب الثاني في حديث خاص لـ الجزيرة خادم الحرمين وسمو ولي عهده يبذلان جهداً كبيراً من أجل توظيف موارد البلاد لخير الوطن ورفاهية شعبه علاقة المملكة بإيطاليا تاريخية,, واستمرت قوية على مر السنين |
* كتب - خالد المالك
الكلمة من سلطان بن عبدالعزيز لها قيمة ومعنى,.
والكلمة من سموه تعني فيما تعنيه انها رسالة ومبدأ وموقف,.
والحديث منه وله وعنه حصيلته دائماً ,, كلمة تزرع الخير وتختصر الطريق إليه,, وبين كل ذلك هناك ما يمكن أن يضاف وهو كثير غير أننا نترك ذلك للحديث الشامل والهام الذي أدلى به سموه لالجزيرة وأهل الجزيرة,, فقد أجاب سموه عن السؤال والاستفسار ,,, وكان واضحاً صريحاً لم يترك المجال لإضافة منا .
** سؤال : كيف يرى سموكم العلاقات السعودية الايطالية ولا سيما في المجالين السياسي والاقتصادي؟
جواب : علاقة المملكة مع جميع الدول تقوم على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وتبادل المنافع والتعاون في كل مجال يحقق مصلحة للبلدين والعالم بأسره، وهذه السياسة ليست وليدة اليوم وإنما هي سياسة رسمها مؤسس المملكة الملك عبدالعزيز وسار عليها أبناؤه من بعده.
علاقة المملكة بإيطاليا مميزة
وعلاقة المملكة بايطاليا علاقة تاريخية تبلورت مع قيام المملكة العربية السعودية، واستمرت قوية على مر السنين لأن المملكة تتعامل مع الدول بمسؤولية وحكمة وهو ما ساعد ويساعد على تطوير هذه العلاقة سواء أكانت سياسية أو اقتصادية أو ثقافية أو غيرها وتنميتها إلى الأفضل, وفي المملكة كما في ايطاليا الأبواب مفتوحة لدراسة أي فكرة او رأي يضيف مزيداً من القوة الى هذه العلاقات, وما استمرار اللقاءات والزيارات على أعلى مستوى بين مسؤولي البلدين إلا دليل على الرغبة المشتركة الصادقة على تفعيل هذه العلاقة والدفع بها إلى الافضل إن شاء الله.
المركز الإسلامي هدية من الملك فهد
** سؤال : يعتبر المركز الإسلامي الذي موّلته المملكة وتم افتتاحه من قبل سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز نيابة عن خادم الحرمين الشريفين,, يعتبر هذا المركز إحدى المنارات الإسلامية الحضارية في أوروبا,, إلى أي حد يرى سموكم تأثيرات هذا المركز في تحسين صورة الدين الإسلامي في المجتمع الإيطالي؟
جواب : المملكة وكما هو معروف بلد الحرمين الشريفين وقبلة المسلمين وهي لهذا معنية قبل غيرها بالإصغاء لصوت المسلم والاهتمام بشؤونه بما ينسجم مع تعاليم الإسلام ومبادئ الشريعة الاسلامية السمحة، ودولة كالمملكة دستورها الإسلام وهمها الأكبر خدمة الإسلام والمسلمين، ليس لها من خيار آخر يغنيها عن الدور الرائد الذي تلعبه منذ تأسيسها على يد المغفور له الملك عبدالعزيز في هذا المجال، إلا بالمزيد من العمل والكثير من الجهد لترسيخ هذه المبادئ وصولا إلى تحقيق الأهداف الطيبة التي يسعى الجميع لتحقيقها.
والمركز الإسلامي في إيطاليا يمثل إحدى هدايا الملك فهد لإخوانه في الإسلام ويعد واحداً من منظومة طويلة من المراكز الإسلامية التي أقامتها المملكة في مختلف دول العالم استجابة لدعوة إخواننا المسلمين وبعد موافقة الدول التي اقيمت هذه المراكز على أراضيها.
نعم إن هذا المركز كما هي بقية المراكز الإسلامية يعتبر واحداً من المنارات الإسلامية الحضارية في أوروبا التي ستمكّن المسلم من أداء شعائره الدينية بسهولة ويسر وبإقامة هذا المشروع الإسلامي الكبير نكون قد أضفنا منجزاً جديداً لخدمة المسلمين من جهة، وتمكين غير المسلمين من التعرف على الإسلام بقراءة تعاليمه ومبادئه وما يدعو إليه من جهة اخرى, وفي تصوري ان المركز بدأ ينقل إلى الجماعات غير المسلمة الصورة الحقيقية للإسلام كما يمكنه إزالة أي سوء فهم لواقع الإسلام من خلال الندوات والمحاضرات والمطبوعات التي يتبناها ويقيمها بين الحين والآخر بوصفها أحد الأهداف للغرض من إقامته.
ولاشك ان الحكومة الإيطالية، وهي الدولة غير المسلمة التي يقيم على أراضيها أعداد كبيرة من المسلمين، في تجاوبها مع رغبة المملكة بإقامة المركز تستحق منا ومن كافة المسلمين الشكر والتقدير.
إشاعة الخير هدفنا
** سؤال : في إطار دورها الرائد في خدمة الإسلام والمسلمين تبذل المملكة جهودا كبيرة لخدمة المسلمين في كافة أنحاء العالم، ومن ذلك جمهورية إيطاليا,, كيف ترون سمو الأمير أثر هذه الجهود لدى المسلمين هناك ومدى إسهامها في إقبال الايطاليين وغيرهم من المقيمين هناك على الدخول في الإسلام؟
جواب : ما قامت به المملكة في هذا الشأن ينسجم مع توجهها وسياستها في دعم الاسلام والدعوة إليه وتمكين المسلمين من أداء شعائرهم، والجميع يعرف بأنه لا هدف للمملكة من اقامة المراكز الإسلامية والدعوة إلى الاسلام ودعم المسلمين سوى إشاعة الخير ومساعدة الناس على فهم الاسلام على حقيقته، وتصحيح ما قد يكون لحق بصورة الاسلام من تشويه بفعل فاعل, وما نقوم به يدخل ضمن ممارسة المملكة لدورها كدولة اسلامية كبرى مهيأة اسلاميا لنقل صورة الإسلام الحقيقية والزاهية إلى العالم فضلا عن مساعدة المسلم في توفير الجو الروحاني الذي يساعده على القيام بما هو واجب عليه نحو ربه دون المساس بسيادة الدول أو التدخل في شؤونها أو استغلال هذا الانفتاح منها على الإسلام بما يسيئ إليها.
** سؤال : أثناء زيارة سموكم إلى ايطاليا لافتتاح مركز الملك عبدالعزيز للدراسات الاسلامية,, هل سيكون لسموكم لقاءات مع كبار المسؤولين الايطاليين، وبالذات مع وزير الدفاع الإيطالي، وماذا ستتطرق إليه مباحثاتكم إن عقدت؟
جواب : هناك حاجة مستمرة للقاء والتشاور، فبذلك الأسلوب نستطيع قراءة أفكار الآخرين وإيصال أفكارنا إليهم ويمكن القول إن أجندة أي اجتماع ستصب في كل ما يدعم ويطور العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين.
الملك عبدالعزيز من رموز النضال
** سؤال : تمت تسمية المركز الذي ستفتتحونه في جامعة بولونيا باسم المغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود يرحمه الله اعترافا بفضله وإسهاماته في خدمة الإسلام والمسلمين,, فماذا تعني لسموكم هذه التسمية,, كوالدلكم وكقائد إسلامي عظيم؟
جواب : للملك عبدالعزيز دور إسلامي رائد، حيث قامت حركة التوحيد على تأسيس دولة إسلامية نموذجية تقوم في كل حركاتها على النهج الإسلامي وتطبق في كل أنظمتها الشريعة الإسلامية الغراء.
والملك عبدالعزيز رمز من رموز النضال الذين كافحوا لكي تظل راية لا إله إلا الله خفاقة عالية، حيث كان نتاج جهده وكفاحه هذه الدولة الفتية التي تحكّم شرع الله في كل شأن من شؤونها.
وتسمية مركزالدراسات الاسلامية في جامعة بولونيا باسم الملك عبدالعزيز يرحمه الله، تجيء في إطار الاعتراف بأدوار المؤسس الكبرى خدمة لدينه وبلاده، وهذا أقل ما يمكن تقديمه لذكراه يرحمه الله.
لا نبتغي إلا وجه الله
** سؤال : حيث أن مركز الملك عبدالعزيز تم إنشاؤه على نفقة سموكم,, فهل يدخل هذا المشروع ضمن نشاطات وإسهامات مؤسسة سلطان الخيرية التي امتدت نشاطاتها إلى مجالات إنسانية عديدة سواء في الداخل أو الخارج؟
جواب : كل ما يتم عمله في هذا المجال نبتغي به وجه الله سبحانه وتعالى، وكل الجهود التي تتم تتكامل في مجموعها لتصب دعما للاسلام والمسلمين,,
وفقنا الله لاداء هذا الدور، لنرد بعضا من افضاله سبحانه وتعالى علينا وعلى بلادنا.
للمملكة تجربة كبيرة وثرية في التصدير
** سؤال : من المعروف ان البتروكيماويات والصناعات السعودية تواجه تحديات كبيرة للدخول إلى الأسواق الأوروبية,, كيف يرى سموكم اقبال السوق الإيطالية على هذه المنتجات السعودية ,,, ؟
جواب : هناك اتفاقيات ومصالح متبادلة تحكم وتتحكم في هذا الموضوع، وهناك لجان واتصالات ولقاءات بين المسؤولين تمحص وتدرس وتضيف وتحذف بما يخدم الجانبين، وهذه الجهود غالبا ما تسفر عن وفاق واتفاق يرضى عنه كل جانب ما دامت إقامة الشراكة مبنية على النوايا الطيبة وطالما ان كل طرف يعلم بأنه لاغنى له عن الطرف الآخر، وان المصالح المشتركة تتحقق ويستفيد منها الجميع بالتصميم والاتقان على إزالة ما قد تواجهه الاتفاقيات عادة من تباين في الراي وتعدد في وجهات النظر سواء عند اقرارها أو اثناء التطبيق، والمملكة بحمد الله تحترم دائما تعهداتها واتفاقياتها والتزاماتها مع الدول، وتبذل جهودا كبيرة قبل التوصل إلى أي اتفاق ثنائي لأن يكون واضحا ومحددا ومطمئنا ومفيدا عند تطبيق بنوده لكل طرف، وفي شأن البتروكيماويات والصناعات السعودية في عمومها فالمسألة يحكمها هذا النوع من الاتفاقيات وهي دائما تراعي علاقة السعر بالعرض والطلب.
ومن حسن الحظ ان لنا تجربة كبيرة وثرية ورائدة في مجال التصدير والتسويق للمنتج السعودي إلى الخارج اكتسبناها بالطلب الكبير على منتجاتنا من البترول وقد أفادنا ذلك كثيرا في تسويق منتجات سابك منذ إنشائها وحتى الآن.
البتروكيماويات السعودية ذات جودة عالية
** سؤال : العالم يتجه حاليا إلى التكتلات الاقتصادية ومن خلال العلاقات الاقتصادية والتجارية مع إيطاليا هل يمكن ان تستثمر المملكة هذه العلاقات لفتح الاسواق الاوروبية امام المنتجات البتروكيماوية السعودية؟
جواب : بالطبع، فايطاليا دولة مؤثرة على الصعيد الأوروبي، وقادرة على ان تؤدي أدوارا مهمة في عرض امكانيات وخبرات اصدقائها لدى شركائها في المجموعة الاوروبية.
والمنتجات البتروكيماوية السعودية ذات سمعة عالية ومتنامية، وهذا يجعلها ذات جاذبية لدى الاسواق كافة، فإذا اضفنا إلى هذا علاقات المملكة المتميزة بأوروبا عموما وايطاليا على وجه الخصوص، تجد ان الارضية ممهدة تماما لكي يكون هناك دور مهم مرتجى يمكن ان تؤديه ايطاليا لتحقيق هذا الغرض.
ثلاثة مرتكزات للتعاون التجاري
** سؤال : يلاحظ النمو المطرد في التبادل التجاري بين المملكة وايطاليا نتيجة التنسيق المستمر بين المسؤولين في كلا البلدين سواء في القطاع الحكومي أو الخاص,, ما هي نظرة سموكم لهذا النمو,, وما هي توقعاتكم له في المستقبل؟
جواب : أعتقد أن هناك ثلاثة مرتكزات رئيسية تقف وراء هذه الظاهرة الايجابية، أولها الخلفية التاريخية للعلاقات الثنائية بين البلدين والتي شكلت زيارة الملك فيصل لايطاليا عام 1974م منعطفا مهما فيها، حيث توجت الزيارة بالتوقيع على اتفاقية ثقافية ثنائية، وتمهدت عبرها الاجواء لعقد اتفاقية اقتصادية بين البدين.
المرتكز الثاني يكمن في اجواء الثقة المتبادلة بين البلدين، حيث تكنّ ايطاليا تقديرا عميقا للمملكة وأدوارها على كل صعيد، وتراقب باعجاب حركة النمو والازدهار فيها، كما تبدي المملكة الكثير من الاحترام والتقدير لايطاليا وسياستها الداعمة لأواصر الصداقة بين الرياض وروما.
أما المرتكز الثالث فهو المفاهيم المستجدة في عالم اليوم حول الانفتاح الاقتصادي والتي تتطلب حثا اضافيا لكل جهود التنسيق وتبادل المصالح بين الكيانات المختلفة.
** سؤال : كما نعلم أن أول طائرات حصلت عليها المملكة كانت من إيطاليا,, بعد هذه السنوات الطويلة من التعاون العسكري,, كيف يرى سموكم واقع هذا التعاون وآفاقه المستقبلية؟
جواب : التعاون العسكري مع إيطاليا شأن كثير من المجالات مستمر منذ فترة ليست بالقصيرة، وكلنا يعلم ان إيطاليا من الدول التي شاركت بجدية ضمن قوات التحالف التي طردت قوات الغزو العراقي من الكويت، كما ان إيطاليا تلتقي مع المملكة في المبادئ العامة التي تحظر الاعتداء على سيادة الغير والعمل بكل جهد لحفظ الأمن والسلم الدوليين انطلاقا من ميثاق الأمم المتحدة.
الميزانية راعت متطلبات المرحلة
** سؤال : حملت ميزانية الدولة للعام المالي الحالي العديد من المؤشرات الإيجابية لتوصال النمو الاقتصادي في المملكة,, ما انطباع سموكم وأنتم تقرون بنود هذه الميزانية؟
جواب : نفقات الميزانية العامة المقدرة زادت رغم ظروف الاقتصاد الدولي بحوالي 11% عن العام السابق، إذ بلغت جملة المصروفات المتوقعة مائة وخمسة وثمانين مليار ريال.
وقد روعي في الميزانية وفق ما أدلى به خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله توفير الوسائل الضرورية لنمو الاقتصاد وتعزيز مكانته، وقد اشتملت على مشاريع جديدة في مختلف قطاعات التنمية بحقولها المتنوعة.
ولعل الجميع يعلمون ان مؤشرات سوق البترول تتوقع استقرارا في الاسعار التي تحققت مؤخرا خلال هذا العام، وهذا يعني ان المداخيل المتوقعة ستفي إن شاء الله بالكثير من البرامج والمشاريع الطموحة التي تم التخطيط لها مع تحقيق تقليص في عجوزات الميزانية بتقليص الفارق بين الايرادات والمصروفات.
جهد من الملك وولي العهد
هناك جهد كبير يبذله خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الامين وكافة المسؤولين بالدولة من اجل توظيف موارد البلاد لخير الوطن ورفاهية شعبه، وترجمة ذلك عبر ميزانيات مدروسة تتوخى استمرار مسيرة النماء، وتقليص الآثار السلبية الناجمة عن الازمات الاقتصادية على الصعيد الدولي, وأرى باطمئنان ان افاق المستقبل ستحمل بحول الله المزيد من فرص النماء والرخاء والازدهار والتطور لبلادنا وشعبنا، وأدعو الله أن يوفقنا لتحقيق كل ما نصبو إليه من أجل بلادنا وشعبنا الكريم.
|
|
|