ودعبل هو ابن علي بن رزين بن سليمان بن تميم الخزاعي، ويكنى بأبي علي وهو شاعر هجاء,, وحينما أقول انه معاتب ومشؤوم وخبيث لسان فإن هذا القول قليل من كثير، قرأته عنه في بعض المراجع الأدبية كمعاهد التنصيص، وعيون الأخبار، والأغاني، وتاريخ الخلفاء وغيرها, والذي يتتبع اخباره يجد انه لم يسلم من هجائه وخبث لسانه أحد من الخلفاء ولا وزرائهم،ولا أولادهم، ولا ذو نباهة أحسن إليه أم لم يحسن إليه، ولا أفلت منه كبير أو صغير.
قيل انه مع قذاعة لسانه كان يتشطر ويصحب الشطار، فقد خرج هو ورجل من أشجع، فيما بين العشاء والعتمة فجلسا على طريق رجل من الصيارفة، كان يروح كل ليلة بكيسه الى منزله، فلما طلع مقبلاً عليهما وثبا عليه وجرحاه وأخذا ما في كيسه فإذا هي ثلاث رمانات في خرقة ولم يكن كيسه معه ليلته ومات الرجل في مكانه، واستتر دعبل وصاحبه وجدّ أولياء الرجل في طلبهما وجدّ السلطان أيضاً في ذلك فطال على دعبل الاستتار فاضطر الى أن يهرب من الكوفة فما دخلها حتى كتب إليه أهله انه لم يبق من أولياء الرجل أحد.
ودعبل لا يقتصر في هجائه على الأشخاص والشخصيات كما اسلفت بل انه ليتناول الأمكنة والأزمنة معاً يقول في هجاء مدينة قم وسكانها:
ظلّت بقُمَّ مطيتي يعتادها همان: غُربتها وبعد المد لَجِ ما بين علج قد تعرّب فانتمى أو بين آخر مُعربٍ مستعلج |
ودعبل ينزع في بعض الأحيان الى العتاب، ومن ذلك ما نسب إليه قوله:
وقد قطع الواشون ما كان بيننا ونحن إلى أن يوصل الحبل أحوج رأوا عورة فاستقبلوها بألبهم فلم ينههم حلم ولم يتحرّجوا وكانوا أناساً كنتُ آمن غيبهم فراحوا على مالا نحبُ فأدلجوا |
أما شؤمه فقد ذكر صاحب كتاب معاهد التنصيص ان محمد بن عمر الجرجاني قال: دخل دعبل الري في أيام الربيع فجاءهم ثلج لم ير مثله في الشتاء: فجاء شاعر من شعرائهم فقال شعراً وكتبه في رقعة وهو:
جاءنا دعبل بثلج من الش عر فجادت سماؤنا بالثلوج نزل الري بعد ما سكن البر د وقد أينعت رياض المروج |
فكسانا ببرده لا كساه الله ثوباً من كرسف محلوج
وألقى الرقعة في دهليز دعبل فلما قرأها دعبل ارتحل عن الري.
أحمد عبدالله الدامغ