تعددت التعريفات للإنسان ولكني أحب أن أعرّف الإنسان واسمحوا لي بأنه حيوان اجتماعي له تاريخ.
ولا أدري إذا كان من حقي تسجيل هذا التعريف باسمي أم أنه مختزن في الذاكرة منذ أمد بعيد .
فالإنسان يشترك مع الحيوان في أشياء كثيرة ولذا كانت تقسيمات النفس عند العلماء العرب المسلمين تحوي النفس الحيوانية , ويختلف الإنسان عن الحيوان في أمور كثيرة وهي التي يستند إليها من يريد أن يعرف الإنسان, ولكن الإنسان اجتماعي بطبيعته ولذا كان الانطواء والانعزال شذوذاً، وكذلك الإنسان هو المخلوق الوحيد الذي يسجل تاريخه على الأقل حتى الآن ويعني التاريخ له الكثير بل إن ما يصل إليه هو نتاج تاريخه.
لسنا في مجال الفلسفة أو التفلسف أو السفسطة ولكن الاحتفالات الجماعية التي اجتاحت العالم من المحيط الهادي إلى المحيط الهادي بين أمم لا تجمع بينها أجناس ولا أعراق ولا عقائد، ولكنها تؤكد نزعة الإنسان إلى الاحتفالات الجماعية, ومنذ فجر التاريخ والإنسان يبتدع المناسبات للحفلات الجماعية وإذا لم تكن هناك مناسبة عامة دعا أصحابه إلى وليمة وسواليف وضحك ودق حنك.
وانتبه أرباب الرأسمالية لهذه النزعة التي تبيض الذهب فامتلأ الغرب باحتفالات على مدى العام: شخصية مثل أيام الميلاد، وأسرية مثل عيد الام، وعامة مثل رأس السنة، أو قومية مثل 4 يوليو عند بني الرد نِكس ولكل احتفال بطاقاته وهداياه وحمى تنتاب الناس وكله يدلع نفسه وكله يسترزق والرزق يحب الخفية , ولأن هذه ظاهرة رأسمالية جديدة فأنا متأكد أن أحدا لم يفكر بالألفية الميلادية الأولى ومرت بدايتها مثل أي يوم آخر.
لكن الألفية هذه المرة جاءت مغايرة وعلاوة على السبب السابق هناك عاملان آخران هما تنبؤات نوستر اداموس الذي تكهن بمصائب وكوارث وحروب تجتاح العالم في آخر الألفية الثانية, ومشكلة الصفرين التي كشفت لنا أن الكمبيوتر ليس عقلاً إليكترونياً ولكنه لا يفرق بين عامي 1900م و 2000م ! ويخامرني خاطر بأن هذه المشكلة معروفة منذ زمن ولكن منطق التجارة والربح جعل العارفين يطنشون حتى تقع الفأس في الرأس فيجري العالم في خوف ووجل لينفق 600 بليون دولار لإصلاح هذا الخلل وتذهب هذه البلايين لأرباب الكمبيوتر.
لندع هذا الكلام جانباً ولكن تذكروني بعد أحد عشر شهراً وأسبوعين من الآن.
ستملأ الاحتفالات العالم من جديد وبصخب ودون خوف من مشكلة الصفرين لأن شركات الألعاب النارية وبطاقات المعايدة ومصانع ورق لف الهدايا ستقول : ياجماعة، سوري ! بداية الألفية الثانية الآن وليس العام الماضي ! يقطع الكمبيوتر وسنينه! نسانا الصحيح وجرينا وراه عشان مشكلة الصفرين، ولم ننتبه إلى الحقيقة الناصعة.
فإذا كانت بداية أول سنة ميلادية هي 1 يناير سنة 1م ، فإن نهايتها 31 ديسمبر سنة 1م, ونهاية القرن الميلادي الأول 31 سنة 100م.
ونهاية الألف الألفية الأولى هي 31 ديسمبر 1000م وبالتالي فإن نهاية الألفية الثانية هي 31 ديسمبر 2000م وبداية الألفية الثالثة هي 1 يناير 2001م! شايفين !؟ .
أما المناطقة الرياضيون فيقولون: إن ما حدث هو الصحيح لأن التاريخ الميلادي بدأ حسب منطقهم يوم 1 يناير السنة صفر! وفريق ثالث يؤكد أن الألفية الثالثة بدأت قبل عدة سنوات.
لأن لا أحد يعرف على وجه اليقين أي عام كان مولد المسيح عليه السلام، وتجمع المصادر التاريخية أن مولده كان بين عامي 4 و 7 قبل الميلاد! وأول محاولة لتحديد سنة مولده بأثر رجعي كانت على يد ديونيسوس عام 525م.
وأكثر من ذلك أن لا أحد يعرف تماماً في أي يوم ولد المسيح ولكن الكنيسة حددت يوم 25 يناير لمولده كي تقابل به احتفالات الانقلاب الشتوي التي كانت تقول الشعوب الزراعية الوثنية أنه يوم موت أدونيس وكانت مناسبة للاحتفال من وادي الرافدين مروراً باليونان وإلى روما.
على كل حال من المؤكد أن الفلوس لا تريد الحقيقة ولا تعرفها, ومن المؤكد أن المسلمين وخصوصاً العرب منهم تهمهم ألفية ابن مالك أكثر من أي ألفية أخرى.
ومن المؤكد أن لنا عيدينا ولهم أعيادهم, وهانحن نحتفل بعيد الفطر المبارك فكل عام وأنتم بخير وعساكم من عواده.
Fahads * Suhuf. net. Sa