تلميحة أيها التشكيليون الهواة,, خدعوكم بوصفكم فنانين محمد المنيف |
يعتقد البعض من الشباب الهواة وليسوا الموهوبين في مجال الفن التشكيلي ان مجرد مشاركة واحدة منه او حتى اكثر من ذلك بكثير يعني انه وصل الى مرحلة من مراحل النجاح خصوصا ان غالبية اولئك المنتمين من هذه الفئة للساحة نتيجة للتشجيع الدائم من المؤسسات المعنية بالفن الرسمية أو غيرها,, يرون أن مجرد التواجد او قبول اعمالهم قد منحهم صفة المبدع او الفنان,, ونحن ايضا نعترف اننا قدمنا الكثير عبر الصفحات التشكيلية في مختلف الصحف او المجلات دون ان يعي اولئك الهواة اننا نضعهم فقط على اول الطريق ولهذا فقد اصبح لدينا اعداد هائلة تعدت الالف وثلاثمائة فنان او تزيد في فترة قصيرة بينما نجد ان في الدول التي سبقتنا لا يزيد عدد الفنانين المعترف بهم رسميا الخمسين او اقل رغم كثافة السكان لديهم,, واعني بذلك الدول العربية.
اعود لهؤلاء الهواة مكررا هذه الصفة وتاركا لهم معرفة من اعني بها,, وهم كثيرون لأقول ان الوقت الذي برزوا فيه لا يمكن ان يعطيهم ما يعتقدونه او ما يتوقعون انهم حققوا من خلاله أي نتيجة تذكر غير اتاحة الفرصة لهم بالمساهمة,, وهذه الفرصة لم تقدم لسواد اعينهم بقدر ما هي فرصة للمنظمين او للقائمين على اعداد المعارض حينما لا يجدون ما يغطي العدد فيسارعون لجمع ما هب ودب على ارض هذا الفن,, وبالطبع النتيجة خرجت بأثر عكسي وقاتل لهذا الفن ولما كان يجب ان يكون عليه.
* المهم اعود مرة اخرى للاحبة الهواة بان التجربة والمحاولة هي المنطلق الحقيقي لأي فنان يضاف اليها المستوى الذي يظهر به منذ اول لوحة يشارك بها وحتى الاخيرة وكلما برز تطور مدروس ومحقق لمواصفات ومقاييس العمل الفني الحقيقي اصبح من حق هذا الفنان ان يدرج ضمن البقية المتميزة، وهنا يمكن له المشاركة لتمثيل هذا الفن محليا ودوليا.
وأجزم بانه لو كان هناك من يستطيع قول (لا) لأي عمل اقل من ان يعرض وهي الغالبية لحجبت الكثير من المسابقات والجوائز ولاوقف العديد من المعارض واصبح لدينا معارض محدودة ومحددة لا يمكن لأي فنان المشاركة بها ان لم يكن يستحقها، وكثير ما طرح السؤال او التساؤل لماذا لا يستطيع اولئك المعنيون قول (لا) ونحن نجيب باختصار ان هناك اسباباً من اهمها عدم قدرتهم على معرفة الغث من السمين، والسبب الآخر ان ما يقومون به من تنظيم للمعارض خرج عن مساره الحقيقي واصبحت تلك المعارض,, حيص بيص ,, لا فرق بين هذا وذاك وكم هي مأساة ان يقام معرض يحمل اسماً كبيراً، وعندما وجد منسق المعرض ان الاعمال المعروضة لا تغطي ربع مساحة الصالة أنقذ الموقف بما هو أسوأ وأكملها بأعمال لم تكن مجازة فنيا للمشاركة آخذة مساحة اكبر من السابق.
أعود مرة ثالثة للشباب الهواة مشيرا إلى ان الكثير منكم قد انطبق عليه القول خدعوك بقولهم حسناء لنقل خدعوكم بقولهم: ان اعمالكم تستحق العرض فما يقدم او تقدمونه مازال في حدود مساحة الحصص المدرسية او ما تكتسبونه من توجيهات مصابة بالاعاقة الثقافية التشكيلية فكرا وتقنية لقصورها عند اولئك الملقنين فاختلط الامر لديكم ولديهم بين الهواة وبين الموهوبين والاخيرة هي مربط الفرس,, الموهبة ,, هذه المخلوقة العجيبة التي لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة بقدر ما تحتاج لأفراد يمتلكون قدرات في البصر والبصيرة ولديهم امكانية الغوص في لجج عقول وملكات الدارسين لينتشلوا منها من يستحق ان يكون فناناً.
فن النخبة والفن الشعبي
في لقاء عبر قناة المستقبل مع الفنان اللبناني الاصل العالمي الشهرة رفيق شرف سئل عن أقيام اعماله، وكم يصل ادنى سعر فيها فأجاب ان الثمن يخضع لمقاييس عديدة اهمها الحجم واضاف ان اقل اسعاره ثمانية آلاف دولار مما اثار استغراب المذيع، فطرح سؤالاً للفنان حول مصير من يرغب اقتناء عمل فني لرفيق شرف وظروفه لا تسمح لمثل هذا المبلغ فأجاب شرف ان الفن التشكيلي فن نخبة وان هناك من يضع اسعاراً اقل بكثير من اسعاره وكأني به يقول لكل فوله كيال.
هذا اللقاء الطويل الذي استوقفتني فيه تلك الاجابة حول الاسعار, جعلتني اعود لرأي الكثير من الفنانين العرب ممن نلتقي بهم,, مجمعون على ان من يدفع مثل هذا الثمن الغالي يقدر تماما قيمته الفنية وقيمته الوطنية فاللوحة في أي بلد كان جزءاً من تراثها ومن فكرها وابداعها وثقافتها، كم من المحاولات اجريت من اجل شراء لوحة دوار الشمس للفنان فان جوخ,, من قبل الحكومة اليابانية لوضعها في اهم متاحفهم,, والحديث عن هذه اللوحة وهذا الموقف يطول,, المهم, هل اصبح لدينا من يتعامل مع العمل الفني التشكيلي بتلك الزاوية؟ ربما .
|
|
|