تحقيق : محمد الدخيل
يتوقع العديد من المهتمين ان يحدث انتعاش كبير لسوق الفقع بحفر الباطن (اكبر سوق للفقع بالمملكة والخليج) بعد الامطار التي هطلت مؤخرا على المنطقة وتزامن هطولها مع اخر ايام (الوسم) حيث من المتوقع بمشيئة الله انتشار هذا النبات البري الفطري في البراري المحيطة بحفر الباطن قريبا
والفقع فطر من الفصيلة الكمئية من اللازهريات وهو يشبه درنات البطاطس في الحجم، ولا جذر له ولا ساق وينمو مطمورا في التربة ثم تنفتق الارض عنه من غير جهد للانسان فيه، انه منٌّ من الله تعالى وكل ما رزق الله به الانسان من غير ان يشقى فيه فهو منّ، جاء في صحيح مسلم عن سعيد بن زيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الكمأة من المن الذي انزله الله على موسى ماؤه شفاء للعين).
شروط نموه:
ينبغي حتى ينبت الفقع توفر ثلاثة شروط مهمة وهي المكان والزمان والمطر.
فالمكان,, تربة صحراوية مستوية ينتشر فيها الحصى الاملس الصغير والمتوسط وينمو فيها بعض انواع النباتات الصحراوية المصاحبة تعرف ب (العائل) والتي قد ترشد الى الفقع وتدل على المنطقة الغنية به كالطرثوث والعرجون (فطريات) والجهق والرقروق او الارقة والاخيرة اهم عائل من النباتات في هذه المجموعة لذا يقال (الارقة القصيرة للزبيدي) فهي تكوِّن مع جذور هذه النبتة نوعا من انواع المعاشة وتبادل المنفعة وهو ما يطلق عليها علماء النبات اسم (ميكروهيذا) وتشبه الارقة نبات النعناع قبل ان تزهر, وافضل مكان يتوفر فيه شرط التربة هو (الدبدبة) التي تعرف قديما بهضبة (الدو) فهي هضبة حصوية مستوية تتألف من حصى الكلي ويغطي الصخور الجيرية التي يخترقها وادي الباطن، والدبدبة تعتبر جزءا من الصمان.
الزمان: وقت (الوسم) اي زمن هطول المطر من الربيع واوائل الشتاء ويستمر وقته 52 يوما تقع 26 يوما منها في نجم الثريا و26 يوما في الجوزاء وذلك بحسابات العامة.
اما بالحسابات الفلكية فالوسم يبدأ من 24 من برج الميزان، ونجوم الموسم اربعة هي العواء والسماك والغفر والزبان.
اما المطر: فيشترط ان يكون من الامطار الرعدية، والغريب ان العرب قديما ادركوا ذلك وسموا الكمأة (بنت الرعد) وحديثا قال العلماء ان الرعد يعمل على ترسيب الاكاسيد والمركبات الغذائية والازوتية اما على صورة جافة او صورة محاليل مائية بفعل حبات المطر.
فاذا تحققت هذه الشروط الثلاثة ظهر الفقع باذن الله تعالى في الاسواق بعد سبعين يوما تقريبا من اول مطرة في (الوسم) ولو تخلف اي شرط لا ينبت، لذا لم تنجح محاولات تدجين الفقع كما نجحت زراعة انواع كثيرة من الفطر، ليبقى الفقع نباتا وحشيا يمتنع على التدجين ويستعصي على الزراعة.
قيمته الغذائية:
الكمأة ذو قيمة غذائية عالية وله مكانة ممتازة كطعام فاخر في كثير من بلاد العالم حيث تحتوي على نسبة عالية من البروتين الغني بالاحماض الامينية الاساسية، لذا تستخدم كبديل للحوم وهي غنية بالفيتامينات خاصة فيتامين )C( بينما محتواها قليل جدا من الدهون.
طعمه:
طعمه مثل طعم كلية الذبيحة ونسيجها الهش رغم التلاحم القوي فيها، ومع لذة طعمه فانه يتطلب الحذر حين اكله لانه يحتاج حرصا شديدا في تنظيفه من الرمال والاتربة وكثرة اكله قد تسبب بعض المتاعب والاوجاع لانه عسير الهضم، لذا قيل (اذا طلع الفقع صر الدواء، واذا خرج الجراد انثر الدواء).
طريقة التقاط الفقع:
وفي الربيع يجذب البر عشاق الفقع حتى يكاد يصبح كأنه لون جديد من الوان الصيد فيغرم الكثيرون بالذهاب الى البر مع طلوع الشمس، فلا يشعر الانسان الا وقد انتهى النهار وهو يجوب الارض باحثا عن هذا الفطر المبارك، ويهتدي الباحث عن الفقع بوجود نبات الارقة، فهي اهم علامة على امكانية وجود الفقع في الارض نظرا لانه اشهر عائل تعود الناس على رؤيته مجاورا لفطر الفقع.
كما يُسهل تشقق الارض عن الفقع من الاهداء اليه، حيث يظهر بسهولة تشقق الارض عنها وقت الضحى ووقت الاصيل على وجه الخصوص، حيث يكون ميل اشعة الشمس على سطح التربة عاملا مساعدا على كشف الاجزاء المتشققة والتي تعني وجود الكمأة المكتملة النمو تحتها, ونادرا ما يجد الباحث فقعة منفردة فلابد ان يجد حولها واحدة اخرى او اكثر.
والمتعة ليس في شرائه بل في تجشم الصعاب في التقاطه والاهتداء اليه في منابته حيث ينمو، سواء اكان ذلك للاكل او البيع او الاهداء.
أنواعه:
انواع الفقع محدودة ولها تسميات محلية قد تختلف، منها الارقاوي وهو خفي متفطر ويشق الارض شقا كاملا، لذا يهتدي اليه طائر القطا بسهولة ويأكله، والقبا او الكما وهو فقع متعدد الاحجام يميل لونه الى الحمرة، اما الزبيدي فهو ابيض اللون ثقيل الوزن وعندما يخرج من الارض يكون ناصعا كالثلج، والزبيدي هو النوع المفضل عند معظم الناس، وهناك ما يسمى بالخلاسي، وقد تختلف هذه المسميات من منطقة الى اخرى.
سوق حفر الباطن:
يعتبر سوق حفر الباطن من اكبر اسواق المملكة والخليج نظرا لاهتمام الكثير من ابناء حفر الباطن والخليج بهذه النبتة بالاضافة الى انتشار نموها بشكل كبير في البراري المحيطة بحفر الباطن، وتبدأ عملية جني وجلب الفقع الى السوق مع نهاية النهار او بعد صلاة الفجر من كل يوم، حيث يتواجد العديد من الباعة (الشريطية) والمشترين بانتظار قدوم البدو من البراري محملين بما رزقهم الله، حيث يخضع السعر الى جودة الفقع او توفره داخل السوق، لذا يعتبر موسم 1418ه من افضل المواسم منذ مدة طويلة نظرا لتوفر الفقع بكميات كبيرة مما جعل الاسعار تصل الى اقل مستوى لها منذ سنوات طويلة, ويصل العديد من المشترين من داخل المملكة وبالذات القصيم والرياض والشرقية او من دول الخليج وخاصة من دولة الكويت الشقيقة القريبة من حفر الباطن، وايضا من دولة قطر، حيث يقومون بشراء الفقع إما لاكله او لاهدائه لانه يعتبر اثمن هدية تقدم في هذا الوقت من العام, ويستمر انتعاش سوق الفقع بحفر الباطن لمدة ثلاثة اشهر تقريبا.