عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,, وبعد
الوداع كلمة ما اثقلها على اللسان، لحظتها تخفق القلوب وتترقرق الدموع في المآقي وتبين آثارها على الوجوه بل الوداع يفجر براكين من العواطف داخلنا,.
أواه من هذه الحياة لقد اصبحنا فيها طُعما يقتات به,, ما اكثر مشاكلها وما اسرع غدرها,, يعيش الانسان بها هادئا مطمئنا ومن ثم تجرفه بتياراتها واهوائها الى الهاوية,, ويتشبث بها ومن ثم ترمي به على قارعة الطريق,, لقد قرأت بكل حسرة ومرارة وعبر زاوية الدكتور فارس الغزي حال ذلك الشاب الذي جرفته المدنية والحضارة المزيفة الى الهاوية,, فتحول من شخص يحمل كل معاني الأدب والاحترام والالتزام الى شخص آخر يحمل الامراض الموبوءة والاخلاق السيئة.
لقد عادت قوارب الاوجاع تجر خيالي فتخيلت حال والديه بعد سماع ذلك الخبر المفجع فانحدرت من عيني دمعة تجر اختها لقد احسست بعظم مصابهما كيف لا وهما يودعان فلذة كبدهما,, نعم انه جُرح سكن نفسيهما وابى ان يندمل,, فاختفت اهازيج الفرح من نفسيهما واستُبدلت بآلام تحتضنها الاهات لتتدفق انهارا من دموع اشبه ما تكون بسيل جارف,.
ان امثال ذلك الشاب كثيرون فهم في البداية يمتلكون ذلك القلب الرقيق وتلك الطباع الهادئة وفجأة وبعد ان يعطوا الحرية ويترك لهم الحبل على الغارب ويتعرفوا على ثلة من اصدقاء السوء يبدؤون في الانحدار ابتداء من السجائر مرورا بالاسفار وانتهاء بالمخدرات والأمراض,.
نعم ذاك حال بعض شبابنا وللأسف,, والكثير منا يتساءل ما هو السبب,, هل نحمّل الحضارة والتقدم المسؤولية؟ أم نحمِّل ذلك لهؤلاء الاصدقاء؟ ام للحرية التي تعطى لمن لا يستحقها؟
ولكن بعد ماذا؟ بعد فوات الأوان وبعد ان يقع الفأس على الرأس ويحدث ما لا تحمد عقباه,.
مسكين ايها الزمن اننا دائما نلومك بل نلقي باللوم على كاهلك مع انك بريء براءة الذئب من دم يوسف,.
نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا ونهجوذا الزمان بغير ذنب ولو نطق الزمان بنا هجانا |
اننا نرمي بأحمالنا على الزمان بعد ان تخور قوانا ونعجز عن حملها,, والحقيقة غير ذلك,.
وبعد,, ان قصة هذا الشاب يجب ان تكون عظة وعبرة لكل شاب فيتسلح بسلاح الايمان فللإيمان حلاوة لان الايمان هو الوحيد بإذن الله الذي يحمي من الانزلاق في المتاهات والأخطار,,فمتى ما تمسك الانسان بدينه فانه بذلك ينال خيري الدنيا والآخرة، ومتى ما ترك ذلك الدين فتلك هي الرزية العظمى وصدق الشاعر حين قال,.
لعمرك ما الرزية فقد مال ولا شاة تموت ولا بعير ولكن الرزية فقد دين يموت بموته خلق كثير |
وأخيراً:
ان تلك القصص المؤلمة تجعل النفس تنصهر في بوتقة الآلام والأحزان وتجعل القلب يعتصر ألما وحسرة بل تجعل القلم يرخي عنانه ويدكن لونه من كثرة الاحداث التي يشهدها,.
ولكن عزائي الوحيد أنا وجميع القراء ان تلك القصص المؤلمة لا يمكن ان نعممها على جميع شبابنا فأصحاب تلك القصص قلة ان شاء الله,, فما اروع شبابنا المسلم وهو يبتعد عن غياهب الدنس المتعفن ومآزق التربص والخوف ويخاف الله ويراقبه ليسعد في الدنيا والآخرة ويتشبه بالصالحين الاوائل ليتحقق قول الشاعر:
فتشبهوا ان لم تكونوا مثلهم ان التشبه بالكرام فلاح |
ولكم خالص شكري,,.
طيف أحمد
الوشم ثرمداء