بعد اسبوع كامل من المحادثات المتعمقة على المسار السوري/ الاسرائيلي والتي قادها رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهودا باراك ووزير الخارجية السوري فاروق الشرع، وبرغم رعاية الرئيس الامريكي شخصيا لها وتدخله فيها خمس مرات لإنقاذها من الفشل والانهيار، فإن هذه المحادثات لم تحقق أي تقدم يذكر لا في جانب ترسيم الحدود بما يعيد الحدود بين الدولتين الى خط الرابع من يونيو 1967م، ولا على المياه، أو حتى على الأمن الذي حاولت اسرائيل ان تقدمه على المطلب السوري الاساسي وهو الانسحاب من الجولان المحتلة!
ورغم ذلك فقد وصف الرئيس الأمريكي المحادثات بأنها كانت جيدة وجديّة !
ولا يعرف بعد ما النتيجة التي يمكن ان يحققها المفاوضون السوريون والاسرائيليون الاقل مستوى في المسؤولية بعد ان غادر باراك والشرع الولايات المتحدة الى اسرائيل وسوريا؟!
ومعنى عدم تحقيق تقدم يذكر في محادثات المسار/ السوري الاسرائيلي ان تظل محادثات المسار اللبناني/ الاسرائيلي على جمودها الراهن، ذلك لأن استئناف المحادثات على هذا المسار كما قال وزير المواصلات اللبناني امس مرهون بتقدم محادثات المسار السوري/ الاسرائيلي، وهو التقدم الذي لم يتحقق بعد.
كما تنعكس هذه النتيجة السلبية لأسبوع من المحادثات المضنية بين سوريا واسرائيل على المسار الفلسطيني/ الاسرائيلي الذي سارعت واشنطن بإرسال مبعوث منها الى المنطقة التي يصلها اليوم لبحث الوضع الراهن في هذا المسار الذي يتعثر من وقت لآخر بسبب مماطلات ومماحكات الجانب الاسرائيلي، وكما قلنا من قبل مرات عديدة، ونقول اليوم إن نجاح عملية السلام في الشرق الاوسط لن يتم التوصل إليه بدون أن تكون لدى قادة اسرائيل السياسيين والعسكريين نية صادقة في السلام العادل والشامل مع جميع العرب.
وما لم تتخلَّ اسرائيل عن سياسة المساومات بقصد الابتزاز السياسي والمالي والاقتصادي والأمني، بوضع شروط تخصها وتتنافى كليّاً مع المبادىء والاحكام التي صدرت بموجبها قرارات الامم المتحدة ومنها القرارات 242 و338 و425، فإن المحادثات معها تظل مضيعة للوقت وسيظل الجميع يدورون في وحول حلقة مفرغة يعيد الاحباط واليأس والتوتر بسببها للمنطقة دورات عنف لا تتوقف، وقد يفلت زمام الأمور من أي طرف من اطراف عملية السلام، فتقع حرب عربية/ اسرائيلية جديدة لا يعلم الا الله وحده عواقبها!
واذا كانت اسرائيل معتمدة في اتباع سياستها الحالية مع الدول العربية على ما تدّعيه من تفوق عسكري على الدول العربية مجتمعة، فإن عليها ان تفهم بدون غرور ان ظاهرة الخلافات العربية/ العربية أولاً هامشية و ثانياً ليست هي مصدر الضعف العربي أو على الأقل ليست هي العنصر الاساسي في الضعف العربي المحصور فقط في اشكالية تعدد الرؤى السياسية وليس في قلة ما تحت أيدي الجيوش العربية من سلاح وعتاد وجنود مقاتلين.
ولقد جربت اسرائيل الحرب مع دولة عربية واحدة هي مصر في عام 1973م، عندما انهار أمام الهجوم المصري عبر أخطر مانع مائي، خط بارليف الذي كانت تعتبره اسرائيل أقوى خط دفاع لها في الجبهة الجنوبية.
ونفس الابطال الذين حققوا هذا النصر موجودون في جميع جبهات المواجهة العربية مع اسرائيل.
وعلى اسرائيل ان تفهم أيضاً ان السلام بالنسبة للعرب ليس مجرد شعار يرفعونه، او هدف تكتيكي، وإنما هو هدف وخيار استراتيجيان، لأن السلام يعني لجميع العرب الأمن والاستقرار والتنمية والرخاء والرفاهية للجميع.
الجزيرة