عزيزتي الجزيرة الغراء:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وكل عام وانتم بخير.
ماذا تعني كلمة عيد,, بمفهومها الضيق الصغير,, والواسع الممتد؟ ليس هذا سؤالاً يتطلب الجواب,, وانما تساؤل يتطلب وضع النقاط على الحروف,, بمعنى ان الجواب لابد ان يكون فعليا وعلى مستوى التنفيذ لا مجرد جواب نسقط به على الاجابة او نملأ به الفراغ وينتهي كل شيء بعد ذلك.
وإذا اعطينا حرية الاجابة لهذا السؤال فإن كثيرا من الآراء تتداخل، كل شخص بحسب مفهومه,, وكلٌ بحسب ما يرى او يفهم,, ولكن قبل الاجابة على هذا السؤال تجدر الاشارة الى العيد في ايامه واعوامه وشهوره الماضية والحاضرة,, ليس لمجرد المقارنة وانما لمجرد المعادلة او التشابه,, وفي أي النقاط.
العيد فرحة,, تمسح كثيرا من الهموم,, يفرح بها الانسان ويدخل هذه الفرحة على نفوس من يعولهم,, اطفاله واهل بيته واقاربه,, ولكن من هو هذا الانسان الذي يفرح بهذا العيد؟ الانسان الذي يفرح بهذا العيد هو ماض وحاضر,, فالذين كانوا يفرحون بالعيد في الماضي,, كانوا اناسا يعرفون شرور النفس,, لهذا كنت تراهم يجعلون من العيد مناسبة عظيمة ورائعة للتسامح,, فتتجه القلوب الى بعض,, وتتعانق الارواح,, وتتصافح الايدي,, ويعفو كل عما بدر عن الآخر.
لهذا كان العيد أيام زمان,, عيد تسامح,, وعيد محبة,, وعيداً تلتقي فيه القلوب والأرواح، أيام زمان كان مظهر العيد روحياً,, فالإنسان يهمه ان يكون قريبا من الآخرين بتعامله وتفاهمه وتسامحه,, والانسان يهمه ان يزور اقاربه,, ان يتم هذا التزاور بروح المحبة والاخاء ,,وبعد هذا المظهر الروحي الجميل الذي يأتي في المقدمة يأتي بعد ذلك المظهر المادي,, ذلك المظهر الذي حولنا مفهومه اليوم,, ووضعناه في المقدمة متناسين كل شيء غيره، النواحي المظهرية,, او الشكلية كانت فيما مضى من الزمن شيئا، لا يعطى له بال,, ولا يلتفت اليه الا بقدر الاستطاعة الممكنة التي لا ترهق الكاهل,, ولا تدعو الى الاستدانة كما نفعل في ايامنا هذه,, فكنت ترى الانسان يكتفي بما يستره من الملابس ثوب واحد وتوابعه,, وبهذا تكتمل فرحته,, ويعلو البشر وجهه,, وتغمر الفرحة والمحبة قلبه.
قد يكون ما تقدم ايجازه لمظهر العيد أيام زمان، فما هو ياترى العيد في ايامنا هذه؟
العيد في ايامنا هذه يختلف تمام الاختلاف عن العيد الماضي,, او العيد ايام زمان وللأسف اننا نتفق في هذا المفهوم شيبا وشبابا ورجالا ونساءً,,وحتي الاطفال,, فالعيد عندنا ان نتبارى,, وان نتسابق على التظاهر بالمظاهر البراقة الخداعة,, ترانا نذهب الى السوق قبل العيد بأيام لنشتري الملابس,, بأرقام قياسية وخيالية كل ذلك لنظهر بأحسن من الآخرين,, متناسين او مهملين من يكون هؤلاء الآخرون,, سواء فقراء كانوا,, او معوزين او دون ذلك كله.
وتذهب أيام الملابس,, وتأتي أيام اخرى وأيام,, ونحن الناس كل الناس تتحول الى مفاهيم متعددة فلا هم لنا الا السوق,, والا الشراء,, والا البعثرة,, والتبذير,, وليس المهم ان نعرف وان ننفق وانما المهم ان نبذر وان نتساءل من اين لنا هذه النقود التي ننفقها بهذا الشكل,, وهذا الاسراف؟,, وإذا كنا نمتلك هذه النقود دون متاعب,, ودون اجحاف,, فلا يمنع ان يكون لنا ما نحب وما نرغب واذا كانت هذه النقود تأتينا بطرق الدين,, وتحمل المشاكل,, فإن هذا ليس عيدا,, وليس فرحة وانما هو شيء آخر,, شيء اسمه انتظار المشاكل.
هذا هو موجز ايضا عن العيد ايامنا هذه، ولكن الى جانب هذا وذاك فنحن لا نريد الخوض في اعطاء مقارنة او فكرة عن العيد في ايامنا هذه والعيد ايام زمان,, وانما نريد ان ننظر الى العيد في ظروفنا الراهنة وفي ظل قضيتنا,, فلا فرحة,, ما لم نستعيد فلسطين,, وفيها ثالث الحرمين الشريفين.
مالك ناصر درار
المدينة المنورة