رحم الله الامام أحمد بن حنبل لو كان قيل له انك تموت غداً ما استطاع أن يزيد في عمله شيئاً، هكدا قال عنه اصحابه ذلك انه كان يستشعر أنه يموت غداً كل يوم فإذا دعاه الأمل خاف الأجل.
وهكذا حياة الجادين من العلماء والعابدين والزاهدين ففي حين تعلقت قلوب غيرهم بالدنيا تعلقت قلوبهم بربهم ورجوا ما عنده فتسوؤهم السيئة، ويفرحون بالحسنة لأنهم يعلمون أن العمر ثوان بمقياس التاريخ، قد نصبوا امام أعينهم قوله تعالى (كل نفس ذائقة الموت) وسيد الخلق صلى الله عليه وسلم كان يقوم حتى تتفطر قدماه حتى اذا نزلت (اذا جاء نصر الله والفتح) وعلم أن الأجل قريب أخذ في اشد ما كان اجتهادا من أمر الآخرة حتى اذا خير بين الدنيا بكنوزها او لقاء الله اختار لقاء الله, قلوب علمت ان هذه الدنيا دار ممر فلم تتخدها دار مقر, وأحدنا اذا كان في لهوه وصحته لم تعرض له الآخرة ولو عرضت لما رأى أنه من أصحابها,, حتى اذا وقع في الشدة وأدركه المرض أو عاين سكرات الموت عض أصابع الندم وصرخ (رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت)إنها لحظة لا يعرفها الا من جربها:
يا غافل القلب عن ذكر المنيات عما قليل ستثوى بين أموات فاذكر محلك قبل الحلول به وتب الى الله من لهو ولذات إن الحمام له وقت إلى أجل فاذكر مصائب أيام وساعات لا تطمئن الى الدنيا وزينتها قد حان للموت يا ذا اللب أن ياتي |
ونحن نودع رمضان نتساءل هل كتب لنا او علينا؟ وهل مرت الساعات في طاعة او معصية؟ وهل ازداد تعلقنا بالقرآن والايمان؟ ام ان بعضنا ينتظر زوال الشهر لينفد مشروعات وقفت حرمة الشهر لها بالمرصاد, ان أقواماً يفرحون برمضان اذا اقبل ويبكون اذا أدبر لأهل خير وايمان ويقين، وإن أقواماً يغصون برمضان إذا أقبل ويفرحون اذا أدبر لأهل سوء وشر وهكذا كل شعائر الاسلام لا يعظمها الا مؤمن ولا يبغضها الا منافق (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب).
ان العجب ان بعضنا يعظم شعائر الدين في رمضان ولا يعظمها في غيره، فتصلي المرأة وتصوم، ولكنها تخرج منكشفة امام السائق والاجانب في الأسواق فاتنة لعباد الله او متنمصة في رمضان وبعد رمضان!.
والآخر يصلي ويصوم ويأكل الربا او لا يؤدي الزكاة والعياذ بالله، والأعجب ممن تصلي وتصوم ثم تعترض على شرع الله في مقالة تكتبها او قصة تنسجها او قصيدة تنظمها، اليس الذي أمر بالصلاة والصيام هو الذي أمر بالزكاة ونهى عن أكل الربا؟ اليس هو الذي أمر بالحجاب ونهى عن النمص؟ اليس هو الذي أمر عباده أن يقولوا التي هي احسن ويتركوا مقولات الضالين؟.
إن التناقض الذي تعيشه الشخصية المسلمة في فكرها وسلوكها هذا الزمان هو نتيجة التناقض الذي تتعرض له فيما تسمع وتشاهد وتقرأ, وقبل أن تكون كل مصادر التلقي صافية من الشوائب فإن التناقض سيظل موجوداً, اسأل الله ان يختم شهرنا بخير وان يجعلنا ممن فاز يوم الجوائز.
* المديرة العامة للتوجيه التربوي بالرئاسة العامة لتعليم البنات.