Friday 7th January, 2000 G No. 9962جريدة الجزيرة الجمعة 1 ,شوال 1420 العدد 9962



شعر
المساء

لماذا إذا حلَّ ركب المساء
وقبلت الأرض كَفَّ المساء
وخُضِّبَ وجه الأصيل بلون الدماء
تدافع ليلٌ وأسدل فوق الوجود رداءً
من العتم والخوف
حتى النجوم اعتراها ذهولٌ ورعبٌ
توارت وراء الغيوم
ولفَّ الوجود وُجوم
تَمورُ بحار من الوجد في القلب
تحدو لقافلة من بكاء
* * *
لماذا إذا جُن ليل الشتاء
وأعولت الريح في كل فج
وثار غبار وسَدَّ الفضاء
وانتحب الغيم فيضاَ من الدمع والوصل
تخضلّ ارض تصلي لخالقها في السماء
واسمع صوت المزاريب إن أجهشت بالبكاء
تُرَجِّع في الليل ترنيمةً للحنين
مواصلةً دمعها والأنين
نَشيجٌ تردد عبر السنين
تدفق في القلب شلال حزنٍ
ومن وهج العين يهمي مطر
ولاحت بقايا صُور
وأطياف أحبابيَ العابرين تزاحم عبر الممر
من ارتحلوا واستكانوا وهاموا
وضَيَّعت منهم دقيق الأثر
ومن طال نومهم واستراحوا
وَوَسَّدتُهم بيدي في الحُفَر
* * *
لماذا إذا ناخ ركب المساء
وشَنَّف أذن الوجود حداء
رخيمٌ، رقيقٌ، رخيُ النداء
تَرنَّم في الغاب ناي حزين
ومَوّال شوق شَجيُّ الغناء
تنغم عبر شفاه الرعاة
يسوقون قطعانهم في هناء
ترُدده جوقة الحاصدين.
كمثل الطيور تعود لأعشاشها في المساء
يهدهدها تعبٌ وعياء
* * *
زمان قديم قديم مضى
وصوت تبعثر عبر المدى
تناثر فوق الحقول العجاف
وهام طويلاً بغير هدى
تضاءل حتى المكان الفسيح
وهذا اللسان الذي كان يوماً فصيحاً
يُنَمِق ألفاظه ويصيحُ
اعتراه الصدا
وحتى الزمان الجريح احتواه الِعدا
وفي القلب غارت خناجرهم والمُدى
ولم يبق إلا رجيع الصدى
يجىء كسيحاً بلون الردى
يغمغم: يا ناس ما في حدا
فحتامَ تورون كوم الرماد وتطحن اضراسكم مُرَّ شوك القتاد
وصوت النعي يردد في كل ناد
خَبَت ناركم وتلاشت وضاعت سدى
فيصل سليم التلاوي
** قصيدة غاضبة وحزينة تكاد حروفها تفيض بالدمع!
والنص الذي يبث لك شكواه وأسئلته التي لاتنتهي,.
هو نفسه النص الذي يجعلك تحلق مع صوره الخلابة
كهذا المقطع: (واسمع صوت المزاريب إن اجهشت بالبكاء)
رغم ان هذه الصورة قد تكون مشابهة لإحدى مقاطع قصيدة أنشودة المطر لبدر شاكر السياب!
والمفردة العامية التي وظفها الشاعر في قصيدته في هذا المقطع: (يغمعم: ياناس مافي حدا) جاءت بالشكل الذي يخدم النص رغم غرابة المفردة!
قصيدة المساء تظهر لنا حقيقة شاعرا متميزا هو فيصل التلاوي,, نتمنى ان يتواصل معنا بقصائده الاخرى.


رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

الثقافية

متابعة

أفاق اسلامية

لقاء

نوافذ تسويقية

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

العالم اليوم

تراث الجزيرة

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]
ContactMIS@al-jazirah.com with questions or comments to c/o Abdullatif Saad Al-Ateeq.
Copyright, 1997-1999 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved.