شدو ناطحات السحاب :رؤية مستقبلية د, فارس الغزي |
يرى صاحب القاموس المحيط ان لفظ (المدينة) يشير إلى الاستقرار حيث إن هذا الاسم مشتق من فعل (مدن) أي اقام, وعلى الرغم من اختلاف الدراسات الحضرية فيما يخص تعريف ما يقصد بالمدينة فإنه من الواضح ان (حجمها) يكاد ان يكون هو الفيصل فيما يخص تمييز المدينة عن القرية او البلدة, ومن هذا المنطلق استطيع القول انه من الدلائل الاكيدة على ما وصلت اليه مملكتنا الحبيبة من تنمية يتمثل في تطور مدننا واتساعها، حيث ان توسع المدن وازدهارها يعدان علميا من اهم المؤشرات التنموية.
وكما هو واضح الآن في مدينة الرياض العامرة والتي شهدت في السنوات الاخيرة اتجاها نحو التوسع الرأسي والجلي بما يسمى ناطحات السحاب ، هنا وقبل ان ادلف في صلب موضوع مقالة اليوم احب ان اذكر ان قيام مثل تلك المشاريع العملاقة لم يأت من ترف (عمراني) بل بالاحرى من ضرورة ملحة، وكما حدث في كثير من مدن العالم العملاقة, تلك الضرورة، في رأيي، انبثقت من حقيقة (لمسناها) في مدينة الرياض والمتمثلة في اتساعها من كل جانب مما اضطر الجهات الرسمية الى التدخل ومحاولة حصر هذا الاتساع الى اضيق نطاق ممكن، حيث ان اتساع المدن افقيا يثقل كاهل الميزانية وبالتالي ينعكس سلبا على المدينة من ناحية عشوائية توزيع الخدمات وبالتالي توزيعها غير العادل على الاحياء والمناطق السكنية.
اضافة إلى أن هذا الامتداد الافقي شأنه خلق مدن داخل مدن مما يؤدي بالتالي الى (فقدان) السيطرة الادارية والاقتصادية والامنية وغيرها من الامور اللازمة لقيام ما يسمى ب المدينة ، خصوصا ان للمدن وظائف لابد من تكاملها وتفاعلها مع بعضها البعض كشرط لاغنى عنه لقيامها واداء وظائفها على الوجه الاكمل, هنا احب ان انوه انه وكما ان هناك سلبيات لتوسع المدن افقيا، هناك كذلك، سلبيات لتوسعها رأسيا وكما هو متمثل بناطحات السحاب؛ حيث ان انتشار مثل تلك المشاريع من شأنه خلق الكثير من المشاكل التي من ضمنها التكدس السكاني وما ينجم عنه من ظواهر اجتماعية سلبية، اضافة الى ان (اجتماع) عدد كبير من السكان في (بوتقة) عمرانية محدودة (وعملاقة) كما هو الحال في ناطحات السحاب تلك من شأنه عرقلة المرور خصوصا ان الشح في مواقف السيارات سمة من سمات الاحياء التي تكثر فيها مثل تلك البنايات، وكما هو واضح في الكثير من المدن العالمية كنيويورك وشيكاغو وطوكيو,, لذا خططوا من الآن لمجابهة افرازاتها (الطبيعية!) ولا تنسوا انشاء مهابط للطائرات العمودية على اسطح تلك العمارات لحالات الطوارىء وتكثيف وتعميم خوانق الادخنة وسلالم النجاة، وانشاء وحدات كهربائية خاصة بتلك العمارات، ومراعاة الضغوط الواقعة على انظمة الصرف الصحي والخدمات المساندة الاخرى من كهرباء وهاتف ومياه.
|
|
|