لله سبحانه وتعالى مواسم لفعل الخيرات والإحسان في آن,, فكل عمل تعبدي خالص لله جزاؤه مضاعف حتى الشهوة التي يضعها الرجل في رحم امرأته له بها صدقة كما لو كان قد وضعها في حرام فهو آثم.
وقد اختص ربنا سبحانه وتعالى عباداً له بالامتياز في فعل الخير,, أعمالا خدمية,, وأعمال بر,, وانفاقاً,, تحدثا بنعمة الله,, وفي حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم بما معناه ان لله عباداً اختصهم بقضاء حوائج الناس حبب إليهم فعل الخيرات,, وحبب فيهم الناس,, ألا انهم الآمنون من عذاب الله يوم القيامة.
والاحسان إلى الناس,, استعباد للقلوب.
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم فطالما استعبد الإنسانَ إحسانُ |
ليس في هذا عبودية ذل وطاعة,, بل قناعة وغوث واعانة تقابل بالشكر والدعاء,, وهذا احسان أيضا,, وهنا فالاحسان متبادل,.
وكما رأى امامنا محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله ورضي عنه,.
تستر بالسخاء فكل عيب يغطيه كما قيل السخاء |
والحمد لله فأمتنا فيها الخير إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وما كان الفقر سبّة ولا منقصة,, ولا الغنى مفخرة لكن التعفف في السؤال,, وكذا الستر في الانفاق معياران أخلاقيان يحكمان في نظري الغنى والفقر,.
نعم الفقر,, مؤلم,, وما كان الخليفة الإمام عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعيداً عن الحق فيما نسب إليه من مقالته: لو كان الفقر رجلا لقتلته,.
ولقد استوقفتني مواقف لرجال من هذا الوطن منهم من كان ممتهنا لخدمة احترافية,, أو تاجراً نشأ من الصفر حتى أصبح من الأغنياء,, ومع ذلك فلم يطغهم الغنى ولم تنسهم النعمة والرفاهية أن في وطنهم اخوة/ أخوات ساقتهم ظروف معاشهم إلى العوز والفقر والحاجة,, ولا يسألون الناس إلحافا,, تعففاً,, وأمانة,, من الأرامل اللاتي تحملن لوعة فراق الزوج الصديق الرفيق الحامي الوافي ومذلة يتم الأبناء,, والبحث عن متاع يقيم الأود,, ولباس يستر البدن,, وغيرها من متطلبات الحياة,, ومع هذا يصارعن الألم النفسي في عزة النفس,, وذل الحاجة,, ومرارة مداراة الايتام وبالذات من البنات,, وكذلك الحال مع كرام الرجال الذين أقعدهم العجز,, وانعدام المورد,, وجفاء الأبناء وكم هي غالية ومحزنة دموع الرجال عند الوصول إلى درجة البحث عن الاحسان,, والصدقة!!
رجال 5 نجوم
هؤلاء النفر الذين استوقفتني مواقفهم هم: عبدالله بن راشد البصيلي من القصيم، عبدالرحمن عبدالقادر فقيه من مكة المكرمة، معن بن عبدالواحد الصانع من الخبر.
البصيلي,, أعرفه,, معرفة شبه عادية,, فلفارق السن دور,, فهو من رفاق والدي رحمه الله في شرف الانتماء للقوات المسلحة,, وقد وصل أحسن الله إليه وأثابه إلى أعلى رتبة في القوات المسلحة فريق أول,, في منصب قائد الحرس الملكي,, انتهت خدماته بالتقاعد,, وابتدأ حياة جديدة في عمل منتج,, ولذا لم يجد نفسه في بطالة.
لقد جاب هذا الرجل وطنه المملكة العربية السعودية شمالاً وجنوباً وغرباً وشرقاً ووسطاً,, وفي الريف الفقير,, بنى المساجد,, ووزع الصدقات,, وبنى دور رعاية للمعاقين,, وأوقف عمارات/ مباني لاعمال الخير,, واشترى معدات للمشاني,, وغيرها من الأعمال الانسانية الجليلة,, لم يعلن عن شيء,, وهو دائم الترحال في تجارته مع الله سبحانه وتعالى,, لم يقصر مجال أعماله الخيرة على القصيم,, بل كان في كل مكان من جهات الوطن لقد نوّع الرجل كما اسلفنا تجارته واستثماراته مع الله ولم يقصرها على بناء المساجد,, ولذا تنوعت أعمال الخير وتنافس الناس في الدعاء له براً ومحبة وشكراً وعرفاناً,, وهو مستحق لهذا,, وهنا فانه يجوز حسده الحسد المباح عملا بقول رسولنا وامامنا عليه الصلاة والسلام: لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه أناء الليل والنهار لا تعلم يمينه عما أخرجت شماله أو بما معناه.
لكننا نقول له بارك فيك ولك وعليك وأثابك وأحسن إليك وجعل هذا في موازين حسناتك.
الفقيه,, المكي
هذا الرجل رجل فضل وشهامة واحسان,, وأحس بمسؤوليته الاجتماعية أمام أهله وعشيرته وأمته,, لقد تبرع وفقه الله بزراعة مشعر عرفة,, بعدة آلاف شجرة,, لتكون ظلالاً للحجاج وزاد على ذلك القيام بالسقاية والرعاية والصيانة وزاد على هذا بانشاء شبكة ري لبث الرذاذ من بين الأشجار لتكون مكيفة/ مبردة للهواء طوال نهار يوم عرفة,, والله أكبر كم من ملايين الحجاج الذين استظلوا بالأشجار,, وتلطف بهم ولهم الطقس,.
ليس هذا فحسب فقد أنشأ مركزاً للبحوث العلمية للدراسات الاقتصادية/ العمرانية/ الاجتماعية/ الخدماتية لمكة القبلة والحرم,, وأعلن تبرعه منذ أشهر بجائزة مالية قدرها 15 مليون ريال,, لأي بيت خبرة يسهم في ايجاد مخطط لمكة المكرمة سواء على المستوى المحلي أو العالمي,.
وقبل وبعد,, فلقد بقي دجاج فقيه طوال أربعة عقود على سعر 7 ريالات,, رغم وجود مئات المزارع,, وارتفاع اسعارها,, إلا ان رجلا اختط موقف شرف وأمانة فرض بثبات السعر,, وأكرمه الله بهذه القناعة فزادت أرباحه وتباركت أعماله فتزايدت,, بارك الله له, ومن يسيح في جدة,, يجد لوحات تبرعاته في اقامة الحدائق,, ورصف الشوارع وشارع اليمامة خير مثال من عمل.
وهنا فماذا يستحق هذا الرجل سوى الدعاء لله,, أن يبارك الله له وعليه وفيه وأحسن الله له وأثابه.
معن وصنائع الإحسان
أما معن الصانع,, فرجل شاهدنا مركزه الذي زاره والدنا ولي العهد عبدالله بن عبدالعزيز هذا المركز متخصص بمهنية علمية فنية علمية عالية في رعاية الأطفال المعاقين,, ذكوراً وإناثاً,, وفي ظني أنه لم يكن لتكاليفه مردود استثماري مادي,, وأظنه مجاني الخدمات!
هذا المركز يستلفت الانتباه لكبر المساحة التي يحتلها في واحد من شوارع الخبر,, أشاهده كلما زرت الخبر,, وهنا فكم انساناً بريئاً خفف عنه هذا المركز ما ابتلاه الله به,, من إعاقة,, يدعو أبواه لهذا العمل الإنساني الخيري,, وكم من نظرة بريئة ترى الأمل في أعمال المواطنات اللاتي شاهدناهن على التلفاز أثناء زيارة ولي العهد,, وقد تنافسن في تقديم خدمات الرعاية والحنان,, والاحسان,.
أي إيثار هذا الذي صنعه ومارسه هؤلاء الرجال وأي نعمة من الله سبحانه وتعالى عليهم بها زكاة للغنى والصيت,.
لقد اقدمت على كتابة هذا المقال التزاماً بواجبي المهني والأخلاقي ومسؤوليتي الاجتماعية أمام الله أن أشارك كإعلامي في الاعلام عن هؤلاء النجوم المحسنين,, المثال, لأنني لم أجد تلفازنا العزيز,, ولا وزارة العمل ولا وسائل الاعلام قد أعلمت المجتمع عن هكذا أعمال بر وخير وإحسان لتكون أعلاما,, للاقتداء,.
انني أعلم وأدرك كثرة الخيرين في بلدي وإسهاماتهم الرائدة في الإغاثة,, والبر والصدقات نساء ورجالاً,, ومن حقهم أن يشاد بهم، فالناس شهود الله في الأرض,, وما يقدم من خير هو عند الله خير وأعظم أجراً,, لكنني قد وجدت تميز هؤلاء,, في شمولية وجوه الأعمال الخيرية ذات العائد النفعي المادي والمعنوي للأهل والعشيرة والوطن وأمة الإسلام والإنسانية,, وإلا فمن ينسى كرام الناس الذين يصرفون على الأربطة في الحجاز,, ومن فيها من البشر,, المليئة قلوبهم بالأسى والحسرة من جور الزمان ونكران الخلان,, وأعمال إبراهيم الجفالي رحمه الله وكذا عبداللطيف جميل رحمه الله,, ان في بلادنا مجالات واسعة للاستثمار الخيري مع الله وانعاش المحتاجين,, وجمعية البر في الرياض في أوقافها قد نقلت الفكر الخيري إلى مجالات استثمارية ذات مردود ربحي ومورد مستديم,.
إن الحاجة تدعونا مع الاشادة بأعمال الخيرين إلى الطلب ان تكون الأعمال شاملة للشمال والجنوب والوسط,, فالحاجة موجودة والأنفس العزيزة بكل الخير موعودة,, ورحم الله شاعر العرب الذي قال:
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه لا يذهب العرف بين الله والناس |