الجزيرة تستعرض تجربة المكتب الدعوي بالجبيل دعاة بكل اللغات أسلم على أيديهم أكثر من ستمائة شخص |
* حوار: ظافر الدوسري
انتشرت بالمملكة كثافة سكانية كبيرة من الجاليات المسلمة ويفد اليها آخرون من غير المسلمين لاغراض العمل أو التجارة أو غيرها، وغالبا يعودون كما أتوا بل قد يزداد انطباعهم المشوّه عن الاسلام سوءا عندما لا يرون للاسلام عنواناً.
وفي مركز دعوة وتوعية الجاليات بمحافظة الجبيل تجربة رائدة تستلهم منهج المسلمين في الدعوة بالسلوك والمعايشة والتعليم والمحاضرات، اذ إن هناك اكثر من خمسين الف اجنبي يعيشون بالجبيل، لذا فقد انبثقت فكرة المكتب وانشىء في منتصف عام 1416ه في مبنى (جاهز) ملحق بجامع ابي بكر الصديق ثم توسع ببناء مكتبة ثم بفصل دراسي واحد ثم بمبنى من دورين يحتوي على فصول دراسية ومكاتب للدعاة وفرع للقسم النسائي مستقل واقامة عدة مستودعات ومكتبة مركزية مرئية ومسموعة ومقروءة، كما افتتح فرع بمجمع التحلية السكني وكذلك شرقي ووسط الجبيل البلد، واثبت هذا المركز نجاحا ملحوظا حتى اصبح اكبر مركز دعوي على مستوى المملكة من حيث النتائج.
وفضيلة الشيخ ابراهيم محمد السلطان نائب مدير المركز يقدم لنا هنا تجربة ذلك المكتب الصغير في حجمه الكبير في اعماله في هذا اللقاء السريع.
كانت البداية فكرة أثمرت نتائج طيبة
* كيف بدأت فكرة مكتب دعوة الجاليات؟ وكم عدد الذين اسلموا؟
أولا المركز يركز اكثر اعماله على الجالية المسلمة لأننا وجدنا هناك تخبطا في العقيدة وهي النسبة الاكبر، فنحن منذ ان بدأنا العمل أخذنا على أنفسنا طريقة فنية في ضبط وتقنين العمل ومعرفة ما تحتاجه المنطقة بالاتصال مع عدد من الجهات الحكومية والقيام بمسح ميداني، حيث وجدنا أن هناك 4500 شركة ومؤسسة مسجلة بالاضافة الى رصد حركة السفن العسكرية والتجارية وتعرفنا كذلك على حركة الجاليات بالمنطقة حيث احصينا وجود عدد كبير أكثر من خمسين الف أجنبي من مختلف الجنسيات، فكان الجهد كبيراً منذ أن بدأنا العمل في منتصف عام 1416ه واحضرنا الدعاة المتميزين بكل اللغات تقريباً، فلله الحمد لدينا حتى الآن قرابة 600 مسلم جديد.
* نسمع ان مركز الدعوة وتوعية الجاليات بالجبيل يعد اكبر مركز دعوي بالمملكة,, كيف توضحون ذلك؟
هذه الكلمة سمعناها كثيرا من الاخوة الذين لهم اتصال بمراكز الدعوة ومن بعض الاخوة العاملين بالمراكز وكبار المراكز الدعوية، وهذه شهادة منهم نعتز ونفخر بها، لكنها ليست كبيرة في اهتمامات الدعوة التي لا تحدد أصغر او اكبر لكن الشيء الذي يهم في الدعوة هو تحديد ميزات المراكز، فبعضها يتميز في الكتب وبعضها يتميز في التحصيل المالي وبعضها يتميز بالكتب والخبرة الدعوية وبعضها يتميز في نجاح فن الادارة.
وشهادة الغير لمركزنا شهادة ودافع لنا ولا تنقص من جهود المراكز الاخرى وهي اننا في اكبر منطقة تجارية وصناعية في الشرق الاوسط فهذا يقتضي ان يكون المركز بشكل اكبر, والمتعاونون المتطوعون معنا ولله الحمد متعلمون وذوو تخصصات فنية وحملة لغات ممتازة تفيد الدعوة وهذه اسباب ايضا دافعة لنجاح الاعمال.
* هل هناك من يعلن اسلامه مجاملة او ظرفياً لتحقيق مصلحة؟ وكيف يتم متابعة المسلمين الجدد؟
لدينا قسم خاص يهتم بدعوة الجاليات غير المسلمة وهذا القسم يواجه ديانات مختلفة وهي فرق وديانات متنوعة واناس لا ديانات لهم، وكل هؤلاء نتعامل معهم بخبرة جيدة وخاصة النصارى والهندوس واحياناً بخبرة محدودة.
والاسلام كفيل بمواجهة الجميع لأن القصد معرفة محاسن الاسلام، وعظمته تكفي الجميع ترك ما هم عليه من ديانات، فإسلام شخص مجاملة أو مصلحة هذا شيء متوقع لايخفى عليكم لأن الهندوس يحاولون وضع قدم لهم بهذه البلاد بمحاولة هضم الديانة الاسلامية والحمد لله استطعنا التغلب على هذا الامر وسبب نجاحنا هو الخط التنظيمي والفني بالمركز وذلك بالتعليم والدورات بعد انهاء عدد من الدورات التمهيدية والمستوى الاول، فإذا تجاوزها معتنق الاسلام الجديد وتعلم وتحققنا من رغبته واقتنع بالاسلام فإنه يستحق الشهادة والوثيقة، وهذه الخطة صدَّت بكثير عنّا أصحاب المطامع والمصالح من داخل وخارج هذه البلاد.
* كيف يمكن توظيف المسلم الجديد كداعية؟
المسلم الجديد عندنا يدخل في مستويات دراسية تعليمية خمسة ومدتها اربعة اشهر وهي محددة بمناهج حيث يترقى من مستوى لمستوى آخر فيتخرج من المستويات الخمس وهو مؤهل للدعوة والحوار والمناقشة.
ومع هذا فإذا وجدنا لدى الشخص حرصا وتميزا ومتابعة للبرنامج فإننا نستفيد منه على اقل مستويات الدعوة كمتابعة زملائه المهديين الجدد.
اما انه يبدأ كمعلم ويلقي دروسا فهذا أمر يجب ان يحتاط له كثيراً لأن هذا الأمر يأخذ وقتاً ومشوارا طويلاً ويحتاج لعناية كبيرة ولا يمكن الوصول اليه الا وهو مؤهل بالفعل عن طريق التعليم والدورات وحرصه وعنايته من خلال التجربة معه.
* تتفق الجماعات الدعوية العاملة في ديار المسلمين حول الهدف لكنها تختلف حول سبل تحقيقه، فكيف يمكن متابعة المسلمين الجدد حينما يصطدمون بعقائد وافكار مضادة؟
يفترض الا يختلف المسلمون في امور ومنها أمور العقيدة لكن يجب الا يستغرب ان يوجد خلاف في بعض المسائل كما اختلف الصحابة في أمر الرسول صلى الله عليه وسلم لهم أن لا يصلين احد العصر الا في بني قريظة، فتفهيم المهتدي الجديد بطريقة مبسطة انه يمكن ان يختلف حول فهم النص فهذا لا يستغرب ولهذا وجدت المذاهب عند المسلمين كمذهب الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي وهذه مذاهب كلها تتفق على العمل بالنص وكلها على مذهب حق، فنفهمه في مرحلة متقدمة حتى لا يستغربه ولا ينصدم به، اما ان يجد فرقا تخرج عن النص والعمل به وتخالف منهج أهل السنة والجماعة فهذا أمر يجب ان يعرفه ويجب ان يفهم ان التفرق كما أنه موجود عند طوائف غير المسلمين فإنه موجود عند المسلمين كما أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن هذه الامة ستفترق اكثر مما افترقت عليه اليهود والنصارى ولا طائفة على الحق إلا طائفة واحدة حتى يثبت على دينه.
* الى اي مدى نجحت ترجمات الكتب الدعوية في نظركم؟ وهل انتم راضون عنها؟
انا أقول دائما في المركز انه يجب ان نضع ميزان كتب دعوة الجاليات في ميزان كتب دعوة العرب، لأنك ستجد ان كتب دعوة الجاليات نسبة نجاحها30% فأقل في اعتقادي, نعم مجال دعوة العربية قطع مشوارا كبيرا فتكلمت لاشخاص بعدة طرق ولأشخاص من عدة مواقع وكل اصبح له رسالة موجهة له اما في دعوة الجاليات فتصور هذه الاشياء ضعيفة جدا، وهذا ما يجعلنا نحن في مركز دعوة الجاليات بالجبيل نطمح ان نصل الى مستوى الاخوان في مجال دعوة العرب ونستفيد من خطواتهم بكثير ونحاول ان نشابههم لان الجاليات لهم اهتمامات نفس اهتمامات العرب وهم بحاجة لخدمتهم عن طريق الكتاب والشريط, فدعوة الجاليات تأخذ خطوات افضل في هذا المركز وغيرها من المراكز وهناك تحسن كبير بمركز الجبيل واجراءات طيبة.
* ما معايير اختيار الكتب والاشرطة التي يزود بها المركز؟
هناك خطان لمعايير اختيار الكتاب والشريط، الخط الاول للمسلمين والخط الثاني لغير المسلمين وكلا الخطين له متطلباته، فتجد الكتاب والشريط لغير المسلمين عناصر خدمته لهذا الخط عن طريق نقض الباطل والرد عليهم وابطال ما هم عليه وبيان تناقض كتبهم,, والعنصرالثاني هو تبيين محاسن الاسلام وعظمته, هذه تقريبا كتب واشرطة المركز، والجاليات المسلمة التعامل معها واسع قياساً بالكتب العربية واختيارنا يتركز على الموجود بالاضافة الى ان لنا خطوات واصدارات نراعي فيها ان نقوم فيها بكثير وان ننافس ان شاء الله، لكن نحن نختار الآن من الموجود والاختيار الموجود يفرض علينا التنازل عن اشياء كثيرة فما لنا الا هذا الكتاب حيث نقوم بمراجعته وفهرسته بلغته عن طريق قسم البحث والترجمة.
* ما مدى تعاون المحسنين وأهل الخير؟
المركز عمره صغير وهذه النجاحات انما تدل على بذل اهل الخير في دعم الاعمال الخيرية ودليل على حبهم للخير والدين، فمن ننتظر ان يدعمها إذا لم تقم هذه البلاد وأهلها بالرسالة والدعوة؟ فالدعم ولله الحمد واسع بدءا من الدولة حفظها الله، ومرورا بالامراء والمشايخ وكذلك المحسنون من المواطنين، فالتطلع منهم الاكبر هو ان العمل كبير ولا يزال يحتاج للدعم والبذل.
فهناك كتب تتطلب سنويا ميزانية مليون وسبعمائة الف ريال، ورواتب سنوية تتطلب منا سبعمائة وعشرين الف ريال وأرض مساحتها 1200 متر مربع اشتراها المركز تتطلب منا 950 الف ريال وغيرها من المباني والمشاريع للبناء, وكما ترى اننا نعمل في بورتبلات وتجد المكتب 1,5 x 1,5 نكتظ به وبعضنا قد لا تصدق لا يجد مكانا بمكتبه لوضع شنطته، ففي مثل هذا الوضع مطلوب من اهل الخير مزيدا من البذل والعطاء ومضاعفة الجهد اكبر بكثير.
* ما هي اهم الاعمال التي انجزت هذاالعام او الاعمال القائمة حاليا؟
اقامة السوق الثقافي العالمي الخيري الثاني قبل شهرين بادارة نسائية ناجحة يعود ريعه لدعم انشطة المراكز الدعوية ويقيم المركز من حين لآخر برنامجا دعويا يستمر لمدة يوم كامل وذلك بعدة لغات قام قسم المهتدين الجدد باعداد برنامج متابعة المسلم الجديد من لحظة دخوله الاسلام الى ما بعد ذلك من المراحل المتعددة من الانتهاء من مشروع اعداد الاسكان الخاص بدعاة المركز وغرف الضيافة كذلك اقامة المخيم الرمضاني الدعوي لهذا العام والذي برز ولله الحمد في اوساط الجاليات الكبيرة التي تسكن مدن المنطقة حيث بلغ عدد المستفيدين منه اكثر من سبعين الفا وثلاثمائة وتسعة وعشرين شخصا يقدم لهم الافطار والعشاء بالاضافة الى الجانب الدعوي للمخيم فقد كان موفقا وناجحا ولله الحمد حيث القيت العديد من الدروس في العقيدة والفقه والتربية والسلوك كما وزع العديد من الكتب والاشرطة كما غطى المركز العديد من برامج الافطار الجماعي في عدد من المساجد والجوامع وقد افتتح قبل اشهر فرع نسائي مستقل في مبنى مستأجر وله جهود طيبة بادارة ودعاة من النساء وتم افتتاح قسم البحث والترجمة وهو قسم جديد في ادارته ومبناه وقديم في عمله.
* الى ماذا تتطلعون في المرحلة القادمة؟
توفير الدعاة بكل اللغات المختلفة بالمنطقة وذلك لسعة العمل, كذلك التوسع في المباني لان المركز يعمل به طاقة كبيرة من الموظفين والمتطوعين وكذلك انشاء فصول تعليمية وهذا امر نعاني منه لان الطلاب في الانتظار والاعداد كبيرة والناس لديها رغبة كبيرة في التعلم ونحن ندرس بتسع لغات وبمستويات متعددة، وهذا يتطلب منا خطة لفتح فصول قرابة عشرة فصول على مساحة 1000متر مربع بمبلغ قرابة 2 مليون ريال كذلك يتطلب منا بناء مكتبة مركزية وهي تكلف قرابة المليون ريال.
هذا خلاف الخطة القادمة وهي توفير المال وهذا يتطلب منا الدخول في مجال الاستثمار لان جمع المال يأخذ وقتاً وجهداً كبيراً، لذا نتمنى ان نصل الى مستوى الاستثمار فلدينا ارض مساحتها قرابة المليون متر سوف تستثمر في مبان استثمارية كشقق ومحلات تجارية وتتطلب قرابة 6 ملايين ريال, هذه ان شاء الله مع الرسالة الاعلامية الجيدة والموجهة سوف نحقق كل الخطط.
* هل هناك كلمة تحب ان توجهها للاعلام؟
نعم الاعلام في هذه الايام له اثره وسلاحه الفعال ما اتقى الله سبحانه وتعالى أهله والقائمون عليه وحق لهم ان يكونوا كذلك فإعلامنا هو هويتنا فإذا لم يكن الاعلام حريصا على الوقوف مع هذه المراكز ودعمها وحث الناس الوقوف معها وإلا فلن يؤدي رسالته.
واعلامنا هو واجهتنا وعلامة هويتنا ومهم في ايصال وتعريف الناس بمكاتب دعوة وتوعية الجاليات وفي تعريف الجاليات بنا في الوصول إلينا وتعريف الناس بنا حتى يطلبوا منا وايضا تشجيعنا في المواصلة والاستمرار.
فلا يخفى عليكم ان مكاتب دعوة وتوعية الجاليات تعتمد بنسبة كبيرة على المتطوعين وهذا يدل على الوعي الانساني والوعي الحضاري ببلادنا لأن اي بلد ترى فيه اعمالا تطوعية يدل على الوعي الاجتماعي فيها، فالاعلام حقيقة نحتاجه ليس هذه المرة بل في كل مرة لأنهم هم الصوت المسموع والمقروء لنا.
* كلمة اخيرة؟
مراكز دعوة وتوعية الجاليات ليست عنصراً غريباً بل هي ضرورة في اسس بلادنا لأن بلادنا بلاد الوافدين وبلاد الخيرات وبلاد توحيد يعني أنها محل انظار العالم، والعالم ينتظر ماذا ستقول في رسالتها، فإذا سكتت فإننا نتحملها جميعا، فوجود هذه المكاتب ضرورة في بلادنا تماما وتحتاج منا الى فهم رسالتها، ورسالتها اداء الامانة التي نحملها والتي سوف نسأل عنها يوم القيامة صغيراً وكبيراً , ماذا قدمنا لدين الله, هل علمنا الناس الإسلام؟ ثم ان هذه المكاتب تعتبر أمنا لبلادنا لان الوافد يأتي لبلادنا بعقائد عجيبة وبسحر وشركيات ومخدرات وبضلالات فهذه المكاتب هي مكان أمني لاصلاح ولكشف هذه الجاليات وايضا في تنمية بلادنا، فيوم ان تهتدي هذه الجاليات وتسلم تصبح هناك علاقة مودة لهذه البلاد وحكومتها.
فأقول ان هذه المكاتب مكاتب في القلب وكذلك في العين اذا فهمناها وفهمنا اهميتها وسوف ندعمها بإذن الله رئيسا ومرؤوسا.
وختاماً اشكر جريدة الجزيرة كل الشكر والتقدير في تغطياتها الاعلامية للمناسبات الاسلامية وإظهار الصورة الحقيقية لانشطة المراكز الاسلامية ومنها مراكز توعية الجاليات وهذا الامر ليس بغريب وليس بجديد على مثل هذه الجريدة التي هي حقيقة واجهتنا وسمعتنا.
|
|
|