من الآن سأكون غالي الثمن,.
محمد الماغوط (مجلة الزمان الجديد)
* * *
ويقال ان الشاعر الراحل نزار قباني كان في اخريات حياته يطلب ثمنا من جميع من يود ان يجري وإياه لقاءات صحفية او تلفزيونية او يطالب بمشاركته في أمسيات شعرية.
بينما (محمد حسنين هيكل) الكاتب السياسي المعروف يتقاضى أجره مقابل كل كلمة يخطها في مقاله وبالعملة الصعبة (الدولار).
ويبدو ان هذا هو الجدار الاخير الذي يرفعه مثقفو العالم العربي ضد الخوف من الفقر والتهميش وأرصفة المنافي الغريبة.
فاذا عرفنا انه في عالمنا العربي لا يطبع في الطبعة الواحدة من اي كتاب سوى عدد يتراوح ما بين 3000 5000 نسخة، عندها لا يجب أن نتفاءل كثيراً في توقع ان يكون الكتاب هو مصدر دخل وإعاشة لهذا المبدع، وبالتالي لابد ان يكون هناك من عمل لهذا الكاتب يعينه على قوت يومه ولكنه من جهة اخرى يستنزف وقته وطاقاته التي من الممكن ان يعبئها بالعطاء الفني والابداعي.
والسؤال الملح هنا متى يمنح الضوء الاخضر لإقامة جمعية (للكتّاب او الفنانين) جمعية تمنحهم الصفة الرسمية امام الجهات العالمية وتسهل الاتصال بهم ومعهم.
ومن ناحية اخرى يكون من مهام هذه الجمعية ان تنشىء صندوقا ماديا يكون من مهامه تقديم الدعم المادي لمن يرغب في التفرغ لفنه سواء للكتّاب او الفنانين او من هم في حاجة الى دعم من هذا النوع.
يظل التاريخ والتراث ينقل لنا صوراً مربكة عن الادباء والشعراء حيث تقبع غالبيتهم في خانة شحاذي البلاط ومتسولي هبات وعطايا, ولا اعتقد ان طبيعة العصر اصبحت تحتمل صورة من هذا النوع وبهذا البؤس.