باعتبار أن الجولة الأولى من المفاوضات السورية/ الاسرائيلية كانت مقتصرة على الجوانب الاجرائية والتي أرادها الأمريكيون والاسرائيليون احتفالية استئناف للمفاوضات وأرادها السوريون جلسة تحديد مواقف وتثبيتا لعناوين التفاوض، وهو ما تحقق الى حدٍّ بعيد، فالجولة الأولى من المفاوضات التي عقدت قبل أسبوعين أرست ما ستكون عليه مفاوضات ما يسمى بالمسار السوري المرتبطة عضويا واستراتيجيا وجغرافيا بالمسار اللبناني والتي ستبدأ اليوم، والتي ستكون مفاوضات صعبة وجادة وطويلة الى حدٍّ ما، فالمعلومات المتسربة من فرجينيا حيث تعقد المفاوضات ان الجولة الحالية ستستمر لمدة عشرة أيام، وأنها ستتشعب وتسلك قنوات عديدة وتتناول مواضيع عدة, ومع أن المصادر السياسية والاعلامية في العاصمة الأمريكية تذكّر بأن ثمة نقاط اتفاق قد تفاهم عليها الطرفان السوري والاسرائيلي، وبخاصة خط الانسحاب الاسرائيلي الذي يصرُّ السوريون على أن يكون حتى خط الحدود الذي كان عليه في الرابع من حزيران يونيو من عام 1967، ولا يمانع الاسرائيليون في ذلك رغم أنهم يعرضون مقترحات عدة منها العودة الى خطوط حدود 1923، والفارق بين الحدودين أن حدود الرابع من حزيران من عام 1967 تعطي سوريا سيطرة أكثر على هضبة الجولان وتضيف أراضي أكثر، تعدُّ مخزونا كبيرا للمياه وتغذي روافد عديدة للأنهار، ولأن لاسرائيل أطماعاً لا يمكن اخفاؤها بالنسبة للمياه، فإن باراك ومفاوضيه سيحاولون بشتى السبل إحداث تغييرات لضمان مشاركتهم في السيطرة على مصادر المياه العربية, والسوريون متنبهون جدا لهذه النقطة، ولذلك فقد لوحظ ان الوفد السوري الذي اتجه الى الولايات المتحدة لبدء الجولة الثانية من المفاوضات يضم خبراء مياه دوليين.
أما النقطة الثانية التي ستستأثر باهتمام المفاوضات فهي الترتيبات الأمنية المتكافئة والجدول الزمني لتنفيذ ذلك, والسوريون لهم رأي حاسم في هذا الموضوع، إذ يصرُّون على أن تكون مراكز الانذار المبكر وقوات الفصل الدولية إن وجدت على جانبي الحدود، وألا يقتصر وجودها على الجانب العربي كما حصل في المرات السابقة.
كما أن تنفيذ الترتيبات الأمنية يفترض أن يتوافق مع خطوات تنفيذ اتفاقيات الانسحاب من الأراضي العربية السورية لا أن تسبق الاجراءات الأمنية ذلك.
وبالاضافة الى هذه النقاط الثلاث المهمة: الحدود والمياه والترتيبات الأمنية، فسوف تتناول المفاوضات مواضيع عدة، ولذلك فإن المحللين يعتبرونها من أهم جولات التفاوض العربي مع الاسرائيليين,, وتواصل أيامها ومن ثم نجاحها يعدُّ مؤشراً على نجاح العملية السلمية.
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني
Jaser * Al-jazirah.com