التوحد اللغز الذي حير الأطباء والعلماء ومازال العلماء يبحثون في مسبباته وكيفية علاجه على أمل العثور حتى ولو على خيط رفيع للتشبث به ومحاولة مساعدة الأطفال والكبار المصابين بهذه الاعاقة وسنستعرض آخر ما توصل إليه العلماء والأطباء الكيميائيون والمعلن عن الأوتزم ماسيج بورد,, (Autism Message Board) وهي مشاركة في نشر الوعي لفائدة أسر أطفال التوحد.
في 15 يونيو 1999م أوضح (Autism Message Board) التفسير عن كيفية افادة اطفال التوحد باستخدام النظام الغذائي الخالي من الجلوتين والكازين Gluten and Casein Free.
الجلوتين هو البروتين الموجود في الحنطة والكازين وهو البروتين الأساسي في الحليب ومشتقاته، وهناك نظرية تقول ان العديد من أطفال التوحد اذا لم يكونوا جميعاً لديهم أمعاء ومعدة بها خلل أو تلف، وهذا الخلل ربما يكون منذ الولادة، ولكن غالباً ما يأتي من بعض الاصابات المناعية مثل ردة الفعل السيئة للمناعة يجب أن نأخذ في الاعتبار بأن هذا معظمه نظري .
أطفال التوحد يبدو لديهم جهاز مناعي ضعيف ومعظمهم لديهم مشاكل في عملية الهضم.
هذه الأمعاء المرشحة Leaky Gut تسمح لبعض بروتينات الأطعمة المهضومة جزئياً وخاصة الجلوتين الذي يأتي من: القمح الشوفان الشعير وجميع أنواع الحنطة والكازين الموجود في الحليب ومشتقاته الأخرى للمرور من خلال مجريات الدم، هذه البروتينات المهضومة جزئياً تكون مادة البيبتايدPeptides التي تكون لها تأثيرات شبه تخديرية، وتستطيع ان ترتبط بالمستقبلات في المخ وتحدث اضراراً تماماً مثل أي مخدر عادي، هذه المخدرات تستطيع ان تسبب التوحد أو تزيد أعراض التوحد، هذه المخدرات هي نوع من المهدئات حيث ان هنالك مستقبلات في المخ ترتبط بها وتعمل على تقليل الألم والحث على الاستمتاع أو المتعة، ولكنها أيضاً لها اضرار جانبية، ومثال ذلك المورفين والهيروين وإلى أن نستطيع التصور عن كيفية علاج الأمعاء المرشحة ربما يفضل بعض أولياء أمور أطفال التوحد وضعهم تحت الحمية الغذائية الخالية من الجلوتين والكازين، وبعض الآباء من الذين جربوا نظام الحمية اشاروا الى نجاح جيد، ويمكن عمل تحليل بولي للتأكد من نسبة البيبتايد اذا كانت عالية، ويوضح التحليل اذا كان هناك على الأقل حاجة لتجربة حمية الغذاء الخالي من الجلوتين والكازين وهذه ليست حساسية يمكننا ان نشخصها بالتحليل الروتيني، تحديد مستوى البيبتايد لابد ان يوضح لتحديد الحاجة الى الحمية، هناك بعض التطورات المثيرة في أبحاث التوحد لم تنشر بعد ولكنها عرضت في عدة اجتماعات.
الكيميائي Alan Fredman الذي يعمل في جونسون آند جونسون كان مهتماً بنظرية المخدرات Opioid Theory التي اقترحت من قبل الدكتور Panksepp وأكدها الدكتوران Rechelt and Shattock الدراسة أوضحت ان أطفال التوحد لديهم مادة البيبتايد غير طبيعية البيبتايد هي قطع البروتينات المهضومة جزئياً في البول بما في ذلك الكازومورفين والجليادو مورفين Casomorphin Gliadomorphin.
من هنا جاء منطق الحمية الخالية من الجلوتين والكازين، ويبدو ان الجلوتين والكازين لا يتم هضمهما بالكامل لدى أطفال التوحد وبالأحرى يحتفظون به في عملية الاستقلابات Metabolites ومن ثم تتسرب في مجرى الدم ولأجل ذلك توجد في البول، ويفترض هذا السبب الأمعاء المرشحة حيث ان الأشخاص الطبيعيين ليس لديهم الكمية ذات الأهمية من الجزئيات في دورتهم الدموية أو البول، والعديد من أقسام البروتين الطبيعي وجد في بول هؤلاء الأطفال ولكن الأهمية كانت غير واضحة ويعزى ذلك ان الباحثين ليست لديهم المعدات ذات التقنية العالية, Alan Fredman تمكن من استخدام الأجهزة التكنولوجية ذات الكفاءة العالية والتكلفة الباهظة التابعة لشركة جونسون آند جونسون للبحث الى أبعد مدى في هذا المجال.
أكد أولاً أن دراسة معظم أطفال التوحد تحتوي على مادة كازومورفين وجليادومورفين إلا اذا كانوا على نظام الحمية الغذائي والأكثر اهتماماً هو انه وجد مركبين آخرين ذوي علاقة بالمورفين هما ديرمورفين وديلتورفين Dermorphin Diltorphin في بول هؤلاء الأطفال.
مركبات الديرمورفين والديلتورفين غير موجودة حتى الآن إلا في جلد الضفادع السامة Poison Dart Frogs الموجودة في أمريكا الجنوبية.
دأب العلماء على دراسة هذه الضفادع ذات صفات الهلوسة أو المعروفة بهلوستها، السكان البلديون هناك يلعقون الضفادع ليرتفعوا Get - High ويستخدمونها لتوجيه رماحهم لصعق الأهداف، هذه المركبات اتضح انها أقوى ألف مرة من قوة المورفين، ولذلك درست بتوسع في الثمانينات وأوائل التسعينات، كانت هذه المركبات مختلفة جداً عن المورفين والبيبتايد الذي نعرفه، وهذه المركبات ترتبط بمستقبلات مختلفة تماماً عن التي يرتبط بها المورفين أو المخدرات الباطنية النمو، مثل اندروفين Endorphins.
من الأهمية العظمى ان الدلائل تظهر ان هذه المركبات فقط توجد في جلد هذه الضفادع عندما تكون في بيئتها الطبيعية موطنها الأصلي ولا توجد عندما ينشأ الضفدع في خارج بيئته بمعنى آخر والواقع هو ان البكتريا أو الفطريات الموجودة على جلد الضفدع تنتج الديرومورفين الذي لا يوجد اطلاقاً في البشر حتى الآن فانه من المرجح انها تأتي من البكتيريا أو الفطريات الموجودة في احشائهم، والسبب واضح بأنها ليست من أصل بشري هو احتواؤها على نوع من الاحماض الأمينية غير الموجودة في الثدييات حامض أميني D بدلاً من حامض أميني L للأيسر أو الأيمن والذي يعني ان الحامض الأميني انحرف الى اليمين بينما الحامض الأميني البشري انحرف إلى اليسار.
لماذا تدور هذه المركبات في الدورة الدموية لأطفال التوحد بينما الآخرون لا؟
هناك إنزيم يسمى DPPIV الذي يبدو أنه مسؤول عن هضم مادة البيبتايد الشبه مورفينية في الأمعاء ويلعب ايضاً دوراً في الجهاز المناعي وخاصة عندما يحولها الى خلايا تي T Cell، هناك خلل ما في هذا الإنزيم في أطفال التوحد.
ويبدو أن بعض الأطفال ينقصهم هذا الإنزيم ربما التوحديين منذ ولادتهم بينما الآخرون يعملون هذا الإنزيم DPP IV ولكن لديهم كابح يعمل على جعل الإنزيم غير فعال.
الفئران المختبرية التي ينقصها الإنزيم المعوي هذا تستعرض سلوكيات غير طبيعية وأخيراً عندما تغذى بالجلوتين تموت، من المحتمل تماماً ان الجرثومة المنتجة للديرومورفين والديلوتورفين هي موجودة في أحشاء الجميع ولكن لا تستطيع الأحشاء لدى الأطفال التوحديين التعامل معها وذلك بسبب ضعف الوظيفة الطبيعية للإنزيم DPP IV كما يبدو ان هناك ثلاث شعب للتعامل مع هذه المشكلة في هذه النقطة لا أحد يعلم ما هي هذه الجرثومة السيئة في الأمعاء ولكن حتماً انه من الممكن ان يخترق المضاد الحيوي أو المضاد الفطري هذه الجرثومة السيئة ولكن لا نعرف أي مضاد حيوي أو مضاد فطري بطريقة أو بأخرى يغير إنزيم DPP 4 أو غلق الكابح ربما يساعد هؤلاء الأطفال على هضم ببتايد المورفين بدلاً من جعلها تدور في الدورة الدموية، غلق مستقبلات المخدر في المخ لجعل كل ما يدخل في الدورة الدموية لا يؤثر على الحملة العصبية المركزية CNS والجزء الآخر الديلوتورفين والديرومورفين يرتبطان مع مستقبلات مخدر آخر بدلاً من المورفين وهذا يوضح لماذا Naltrexone له تأثيرات ضئيلة على أطفال التوحد.
عندما ننظر إلى ما يفعله الديرومورفين والديلتورفين عندما يحقن في الحيوانات، يتدخل في الذاكرة، والانتباه والتركيز لا يستطيع تنقية الأشياء المهمة ذات الموضوعين ، والسلوك تسبب النشاط الزائد والنشاطات النمطية المتكررة .
ويتدخل في التحكم في درجة حرارة الجسم انخفاض درجة حرارة الجسم الاساسية وتسبب ذبذبات كهربائية غير طبيعية للدماغ، والمخدرات التي ترتبط مع نفس المستقبلات مثل الديرومورفين تلعب أيضاً دوراً في مرحلة الضبط والمراقبة.
قبل أول عرض ل Alan Fredman عن نتائجه قرر قياس الديرومورفين كمسيطر سلبي مع بيبتاد المورفين الآخر حيث انه لا يوجد قطعياً في البشر، كان العلماء مندهشين جداً عندما وجدوا الديرومورفين لدى أطفال التوحد وظنوا انهم ربما فعلوا خطأ ما ولذلك أوقفوا وضع العلامات على ما كانت نتائج الاختبارات عليه، البعض من الذين أرسلوا عينات من البول لحالات التوحد التي لديهم، كان أول ما بحثوا عنه عندما ظهرت النتيجة هو هل يوجد ديرومورفين في النتيجة؟!
تكلفة التحليل تقريباً 100 دولار وفي اعتقادي أن 100 دولار ليست سيئة مقابل معرفة ان الطفل سيستفيد من الحمية الغذائية الخالية من الجلوتين والكازين واذا اخذنا بالاعتبار مدى المصاعب لعمل الحمية بينما المعلومات عن السيكرتين Secretin جعلت بعض الناس من المؤسسات الطبية يفكرون بان التوحد هو مشكلة بيوكيميائية كيميائية حيوية ذات علاقة بالأمعاء وفي اعتقادي ان المؤسسات الطبية ستنقلب رأساً على عقب عندما تنشر المعلومات.
في الواقع فقط جونسون آند جونسون ستساعد مصداقيتها في هذه النقطة أبعد مما حدث في الماضي ونحن سنستمع قريباً عن احتمالات التدخل الطبي في علاج التوحد الذي سيكون حدثاً تاريخياً وان شاء الله سنعلمكم بآخر التطورات في حين وجودها.
والله الموفق
عرض وتلخيص
ياسر بن محمود الفهد
والد طفل توحدي