عزيزتي الجزيرة الغراء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
رمضان كريم يا بابا,, بابا اشتر لي ساعة حلوة اخرج بها يوم العيد,, يابابا اشتر لي فستانا جديدا,, بابا اشتر لي ثيابا اعيّد فيها يا بابا,, يا باباب نداءات مختلفة ومطالب متباينة يتلقاها الآباء عن الابناء وتتلقاها الامهات من فلذات الاكباد,, في شهر كريم,, في كل عام,, فما أشدها وقعا في قلوب الآباء,, وما اكثرها ترديدات من الاطفال في هذه الفترة بالذات.
فلا تتولد المطالب عند الطفولة البريئة الا بمقدم هذا الشهر المبارك,, ولا تتجدد الرغائب عند الابناء الا عندما يهل هلال شهر الخير,, وتمضي الايام المنطوية من عمر هذا الشهر,, والمطالب تتزاحم في رؤوس هذه النفوس الطاهرة.
وتأتي نهاية هذا الشهر تتواتر الالحاحات من أدمغة الابناء الصغيرة لتلبية هذه الرغائب لان العيد السعيد على الابواب, هذه نماذج صغيرة لفرحة العيد,, وتلك انماط بشرية تثلم بهذا الحب الكبير بمقدم عيد الفطر المبارك لانها الفرصة السانحة لهم لكي يعبروا عن آرائهم وما يتمازج في ارواحهم من تعبيرات لها مدلولها ولها نتائجها الخاصة كرد فعل حاسم يتجسد امام الآباء، فالاب القادر على تلبية الطلبات المباشرة من الابناء يتقبلها بروح مليئة بالثقة فتنداح علامات الرضا والتقبل الحسن بكلمة حاضر,, كل حاجة اجيبها وبروح يجمع كل هذه المطالب لشرائها وتقديمها اليهم بنفس مطمئنة,, وثقة عالية كآية من آيات الرضا بهذه النداءات البريئة,, واعجابا واكبارا بمن يقول له يا بابا ولا يكره ان تستمر هذه الكلمة معلقة في رؤوس ابنائه حتى ينقضي هذا الضيف الكريم لانه القادر على تلبية هذه المطالب بصدر رحب وفرح منقطع النظير، وصنف من الناس يفتح قلبه الكبير لتكرار ومعاودة النداءات من أبنائه ثم يترك تدبيره على الله.
ولكنه بأريحيته وثقته بالله عز وجل يواصل كده وكدحه لتحقيق ما يجول في اذهان اطفاله ليسري عنهم,, ويفرحهم ويبعث البهجة في اساريرهم تمشيا مع انداده وخضوعا للطقوس التي تتناسب ومكانة العيد في نفوس المسلمين عامة، والبعض الآخر يتندر من مطالب ابنائه ويغضب ويشمئز بالاضافة الى التجشم والعبوس الظاهر على محياه وينسى ان الله كفيل بتحقيق رغبات هؤلاء الابرياء ولا يتذكر ان احسن هدية يمكن تقديمها لاطفاله هي ان يقبل مطالبهم بروح مرحة ويبتسم في وجوههم جبرا لخواطرهم البريئة وترك الفرصة لهم للتعبير عما تجيش به صدورهم وتتمناه حواسهم كما يحلو لها وكيفما شاءوا.
هذه هي الابوة الصادقة التي يمكن ان تعتمد على التقبل الحسن والنفس السمحة,, فليس هناك مجال للغضب او التحسر من عدم القدرة على تلبيتها فالفرحة فرحة الاطفال قبل ان تكون فرحة الآباء,, وما فرحة الآباء الا صدى لفرحة الابناء.
ومن واجب الابوة الحقة الا تبخل على ابنائها بالشيء الذي لا يختلف فيه اثنان لكون الانسان يملكه,, الابتسامة الحلوة,, والجواب ب حاضر لها مدلولها الخاص تظهر انعكاساتها لدى الاطفال وخصوصا في هذا الشهر الكريم فهم يحسبون ايامه ولياليه ساعة بعد اخرى للوقوف على مشارف العيد حتى اذا جاء فرحوا به اجمل فرحة وما عليك الا ان تبتسم,, تضحك بابتسامتك وبشاشتك تنشر الفرحة العامرة في ربوع البيت السعيد.
وهناك اطفال معوزون حرموا نعمة الابوة بيتم أو فقر وفاقة هم في اشد الحاجة الى عطف والى حنان غيرهم لهم، في حاجة الى من يملأ قلوبهم الصغيرة بالحب الدافىء بشيء من الجود وقليل من العطاء فمن يملك في يده زمام القدرة على اعالة ابنائه والاستجابة لمطالبهم فمن واجب الانسان ان يسعد الاطفال الذين تنحصر آمالهم في ثوب يقي اجسامهم من البرد,, وينشر ازاهير الفرحة كفرحة غيرهم بمقدم هذا العيد,, وليكن، الأطفال سواسية في لبس الجديد ابتهاجا بعيدهم السعيد فالراحمون يرحمهم الرحمان فالانانية تذوب وتتلاشى في مهدها,, ويحل محلها الاريحية والعطف والمنح بسخاء على الابناء الذين استحقوا لمثل هذه العطايا.
وعمل كهذا فيه معنى سام من معاني السعادة الحقة لهؤلاء البائسين, وافرح يا بابا ,, وابتسم للدنيا,, واعلم ان رزقنا في السماء وقل ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء.
مالك ناصر درار