Sunday 2nd January, 2000 G No. 9957جريدة الجزيرة الأحد 25 ,رمضان 1420 العدد 9957



لما هو آتٍ
في عقر الدار
د، خيرية إبراهيم السقاف

لا تحضرني اللحظة تلك الصحيفة التي تَرجَم أحدُهم فيها لأحد المنظرين الذين يتهافت عليهم القوم عندنا، ويأخذون عنهم كلَّ قول بتسليم تام واستسلام مطلق فجاءت ترجمته لسبع وصايا للمبدعين شيء منها يوحي بالفطنة وآخر بالحركة، وثالث بالدقة ونحوها من الأمور التي تدخل ضمن الصفات التي يليق بكلّ إنسان يؤدي عملاً ما أن يتحلَى بها سواءً كان عملاً فكرياً إبداعياً، أو عملاً يدوياً حرفياً، أو عملاً بالجوارح المختلفة، أو حتى عملاً نفسياً صامتاً، ، ، ولو ذهبنا إلى دعاء شامل لصفات العامل بذهنه وحسِّه وجوارحه جاء على لسان سيد البشر محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله فيه من الجبن والكسل، ومن الهمّ وغَلَبَة الدّين، وقهر الرجال، لوقفنا على الصفة والإعاقة عن أدائها، ، مما يدخل ضمن منظومة، ، عوامل العطاء المتقن ومعوقات أداء هذه العوامل في أوجهها الصحيحة إذا كنّا نسلِّم بأن الأداء في الأوجه الصحيحة لأي عمل يؤدي إلى الإبداع فيه والابتكار، ومن ثم إلى تميّزه ورقيّه إلى رتبة لا تساويه بأي أداء اعتيادي خالٍ من الإضافة والتجديد والتميّز فإذا تحلَّى المرء بالشجاعة عكس الجبن أقدَم وفي الإقدام اقتحام وفي ذلك خلوص إلى جديد مثمر او متميّز أو متفرد وفي ذلك إبداع، ، وإذا خلص المرء من الكسل كانت همته عالية وهي مناط الأداء الذي لا يَكَلُّ ولا يتوانى ولا يتقاعس وفي ذلك مبادرة وهي الغالبة على أي تخلف والتي تؤدي الى التصدُّر نحو الأخذ ببدايات الأمور وفي ذلك سبق والسبق إبداع وتميّز وتفرّد، ، ؟ وإذا خلص المرء من الهمّ الذي يشغل الفكرَ والوجدانَ ويغطي على الرؤى الأخرى، صَفَت نفسه وفَرُغَت من أي إعاقة تقسر المرء دون الولوج إلى الأداء في جو نفسي وذهني صافٍ يُمَكّنُه أن يرى دقائق الأشياء ويقف على تفاصيل وجزئيات يمكن أن تكون منطلقات للتميّز والإبداع والتفرّد، ، ، وإذا تجرّد المرء من ثِقَلِ الدين سواء المادي أو سواه من موجبات السلوك والتعامل مع الآخرين وما ينتج عنه من ثِقَلٍ يُكبّل حركة المرء ويدخله في دوَّامات التفكير والألم بل والخنوع أحياناً والشعور بالنقص والحاجة مما يعيقه عن الأداء في همُّة وانطلاق فإنه ينطلق في رحابة وثقة وقوة نحو الأداء مما يضفي على أدائه صفات الاتقان والقوة دعامتا الإبداع والتميّز والتفرّد وإذا ما صفت علاقة المرء بالآخرين وقامت على التكافل والتوادّ فجردّت من القهر الناتج عن المنافسة غير المجردة تلك التي تؤدي الى الحنق والحسد والحقد وإحاكة المواقف والتضييق فيها مما يعرض المرء إلى الغد المؤدي الى التردد وعدم العطاء، والتقوقع والانفرادية والانعزال وبالتالي الى التفكير السالب في رد المكائد ورسم الخطط نحو الإيقاع بالآخر وفي ذلك تعطيل لهمة الإنسان دون الاداء المبدع المتميز والمتفرد، ، وبالتالي عندما تصفو هذه العلاقة وتنهض على أواصر المحبة للآخر ومساواته بالنفس يقوى إيمانه وبالإيمان القوي يتحقق للمرء الصفاء الداخلي والهمة العليا، والمبادرة في اللحظة المناسبة، في صفاء وانطلاق وثقة وفي هذا نتذكر قول المصطفى عليه افضل الصلاة والتسليم : لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه أو كما قال صلى الله عليه وسلم، ترى ، ، وإذا ما أحب المرء لغيره ما يحب لنفسه انطلقت مراكبه نحو الإبداع والتميز والتفرد في منظومة أداء يسعى كلٌّ فيه للإتقان أليس في هذا الدستور السلوكي العظيم الوصايا ليست السبع بل الألف، الخفية، والظاهرة، أضف إليها كلَّ حكمة جاءت على لسان هذا الرجل القدوة الذي لا ينطق عن الهوى، والذي تخلَّق وسلك بخلق وسلوك القرآن، فكان في هذا السلوك وفي هذا الخلق قد أسس لقدوة الشخصية المبادرة، المبدعة، الفعالة، المنتجة، صلى الله عليه وسلم،
فإذا ما قسنا على تكوين المجتمع الإسلامي الأول بكلّ قواعده الثابتة في سلوكه وأخلاقه وعطائه وأدائه على بقية أنواع الأداء الفكري أو السلوكي او النفسي او الحسي لدى الإنسان الا يمكن أن نسخر من أي محاولة للهاث وراء أقوال مكرورة ومعانٍ اعتيادية وتنميقات لفظية تأتي من متأخرين، ، وقد سبق أن اسس لها في عقر الدار، ، ؟! إن عودة متانية وفاحصة فيما عندنا تجعلنا لا نفرح كثيراً بما نجده من عطاء الذين أصابونا بعقدة تحضرهم وسبقهم بل نبتسم وندق صدورنا بأننا سبقنا إلى ما وصلوا إليه ولكننا سوف نحزن على أننا لم نعرف أنفسنا إلا متاخراً، وعجبي، ، وسلام، ،

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

المتابعة

منوعـات

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]
ContactMIS@al-jazirah.com with questions or comments to c/o Abdullatif Saad Al-Ateeq.
Copyright, 1997-1999 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved.