Sunday 2nd January, 2000 G No. 9957جريدة الجزيرة الأحد 25 ,رمضان 1420 العدد 9957



ضرورة الإفصاح والشفافية في مصادر الدخل والإنفاق
اندماج الفضائيات العربية هل يساعد على التطور ,,, ؟

د, محمد شومان *
اثارت وما تزال القنوات الفضائية العربية، الحكومية والتجارية، كثيرا من الجدل والنقاش حول آثارها على الفرد والمجتمع العربي، وما ارتبط بها من ايجابيات وسلبيات، وبطبيعة الحال شمل النقاش قضايا وموضوعات كثيرة امتدت من توقيت البث وشكل ومظهر المذيعات حتى حرية الرأي والتعبير ونوعية القضايا السياسية التي تطرحها الفضائيات، ومع ذلك لم يتطرق النقاش الى اقتصاديات الفضائيات حيث ظل موضوعا مسكوتا عنه او موضوعا يناقشه فقط المختصون والمسئولون عن هذه الفضائيات وذلك رغم اهميته البالغة في فهم وتحليل اسباب تدهور المستوى الفكري والفني لما يقدم في كثير من الفضائيات، فضلا عن ازمة حرية الرأي والتعبير في الفضائيات العربية.
وثمة اسباب عديدة قد تفسر السكوت او التهميش المتعمد عن مناقشة اقتصاديات الفضائيات منها أن كثيرا من القنوات الفضائية تنطق باسم دول معينة وتستخدم في صنع وتنفيذ سياستها الخارجية، وبالتالي فهي تنفق عليها بسخاء ، وبدون حساب للعائد الحقيقي الذي تحققه هذه الفضائيات، من جانب اخر فان عددا من الفضائيات التجارية يرتبط بعلاقات غير معلنة بدول اخرى مما يؤمن لها تمويلا منتظما، ويبقى عدد محدود من القنوات الفضائية يعتمد على الدخل من الاعلان او اشتراكات المشاهدين، وكل منهما لايغطي تكلفة تشغيل هذه القنوات، وبالتالي تحقق هذه القنوات خسائر، ومع ذلك استمرت في العمل على امل تحقيق ارباح في المستقبل.
وفي كل الاحوال فإن معظم الفضائيات العربية تحرص ربما دون اتفاق معلن على حجب المعلومات عن مصادر تمويلها وميزانياتها، وتعمد الى اعلان بيانات واذاعة معلومات غير دقيقة عن اوضاعها المالية وارباحها او خسائرها،واعداد مشاهديها او المشتركين فيها حيث تبالغ كثير من الفضائيات التجارية في ادعاء تفوقها واقبال الجمهور على متابعتها.
والواقع ان عدم وجود مؤسسات عربية متخصصة في تدقيق الارقام والتحقق من صدقها، فضلا عن الافتقار الى مسوح علمية لمشاهدي الفضائيات العربية وتفضيلاتهم قد ساعد كثيرا من الفضائيات الحكومية والتجارية على ادعاء امور غير صحيحة ومبالغ فيها بشأن مدى الاقبال عليها ومتابعتها وحصتها في الاعلان.
هكذا تضيع كثير من الحقائق والمعلومات الاساسية التي ينبغي توافرها لتقييم الفضائيات من حيث كونها مشروعات اقتصادية، فالاعلام كما هو معروف صار صناعة ضخمة، وقطاعا مهما للاستثمار،وبالتالي من الضروري أن تعمل الفضائيات العربية الحكومية والتجارية على تطوير اوضاعها المالية، خاصة ان اغلبها يعاني بدرجات مختلفة من مشكلات مالية تؤثر بالسلب على قدرتها على الاستمرار والتطوير، واعتقد أن تطوير الاوضاع المالية للفضائيات العربية ينبغي ان ينطلق من:
اولا: البحث والنقاش العام في كل ما يتعلق باقتصاديات الفضائيات العربية الحكومية والتجارية علىحد سواء، واوضاعها الحالية والمستقبلية، فالموضوع ليس سرا، كما انه يجب ألا يظل قاصرا عل المتخصصين والخبراء اذ انه موضوع عام يهم كل مواطن عربي يشاهد هذه الفضائيات.
ثانيا: التزام الفضائيات العربية بقواعد الافصاح والشفافية فيما يتعلق بمصادر الدخل والانفاق وحجم الاستثمارات والارباح او الخسائر التي تحققها كل قناة، لأن الافصاح والشفافية قد يساعد في:
1 حث الفضائيات على تطوير ادائها، اذ ان معرفة الاوضاع المالية لكل قناة فضائية قد يشجع القنوات المنافسة اما لترشيد الإنفاق او اعادة تخصيص الموارد المتاحة او البحث عن مصادر جديدة للدخل.
2 كفالة حق المشاهد في معرفة مدى استقلال او تبعية الفضائيات التي يشاهدها، فثمة فضائيات تدعي الاستقلال والحياد بينما اعتمادها الكبير على مساعدات بعض الدول قد يقلل من مصداقية هذا الادعاء.
من ناحية اخرى فان من حق المشاهد أن يتعرف على مدى اعتماد كل قناة على الدخل من الاعلان، لان زيادة نسبة الدخل من الاعلان مقارنة بمصادر الدخل الاخرى تفسر سيطرة الاعلانات على ماتقدمه بعض الفضائيات.
ثالثا: تعظيم الاعتماد على عناصر الكفاءة الاقتصادية في تقييم اداء الفضائيات العربية، ولايعني ذلك تغليب عامل الربح المادي على ماعداه من عوامل اخرى او الجري وراء الربح على حساب المضمون، بل إن الكفاءة الاقتصادية قد تتضمن تحقيق ارباح او بالاحرى مكاسب معنوية ورمزية، لكن ينبغي النظر الى هذه المكاسب المعنوية ايضا في ضوء التكلفة الاقتصادية، فبعض الفضائيات الحكومية تقدم مضامين غير جذابة لكنها تحقق اهدافا رمزية ممثلة في اثبات الوجود الفضائي اذا جاز التعبير للحكومات التي تنطلق باسمها،لكن تكلفة استمرار هذه الفضائيات قد تزيد كثيرا عن هدف اثبات الوجود، مما يفتح المجال لمراجعة وجود واستمرار هذه القنوات.
رابعا: التفكير الحر والطليق في صيغ جديدة ومبتكرة للنهوض باقتصاد الفضائيات العربية وجذب مزيد من الاستثمارات اليها، في هذا الطار يمكن التفكير في اعادة هيكلة انماط الملكية والادارة في الفضائيات الحكومية والتجارية من خلال صيغ مختلفة مثل توسيع قاعدة ملكية بعض القنوات الخاصة او خصخصة بعض الفضائيات الحكومية او اشراك القطاع الاهلي في الملكية والادارة، اكثر من ذلك:
لماذا لاتفكر بعض الفضائيات الخاصة في الاندماج وتكوين كيان ضخم يستطيع مواجهة تحديات عولمة الاعلام وتقديم خدمات اعلامية افضل للجمهور العربي؟ واذا كان الاندماج والتكتل احدى اهم علامات العولمة، بما في ذلك عولمة الاعلام، فلماذا لايفكر اصحاب الفضائيات الخاصة في التكتل والاندماج للتغلب على مشكلات مالية وفنية يصعب على الفضائيات الحالية مواجهتها؟

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

المتابعة

منوعـات

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]
ContactMIS@al-jazirah.com with questions or comments to c/o Abdullatif Saad Al-Ateeq.
Copyright, 1997-1999 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved.