Sunday 2nd January, 2000 G No. 9957جريدة الجزيرة الأحد 25 ,رمضان 1420 العدد 9957



منطق
الأصفار الغالية !!
د, عبدالله بن عبدالرحمن آل وزرة

تعلمنا منذ نعومة أظفارنا بأن الصفر لا قيمة له، وتعلمنا كذلك بأن الصفر هو النقطة التي لا قيمة لها سلبا ولا إيجابا والتي بدورها تفصل بين الأعداد السالبة والموجبة، وهو يعني (لا شيء) خاصة عندما يكون منفرداً أو في الخانات التي تكون على يسار الرقم الموجب أو عن يمين الرقم في الكسر العشري.
أما أن يتسبب صفران اثنان (لا ثالث لهما) في كل تلك الخسائر والنفقات الضخمة التي سمعنا عنها وقرأنا الشيء الكثير، فهذا مما يحير الأذهان ويثير الكثير من التساؤلات!! إذاً من هو المتسبب في كل ذلك؟، ولماذا لم توجه التهمة إلى شخص بعينه أو مؤسسة معتبرة هنا أو هناك؟؟ ربما لأن بداية المشكلة جاءت من أمريكا!! لذا فهو خطأ مشاع يتحمل مسؤوليته الجميع!!.
قد أكون مبالغاً إذا قلت إن الخطأ الذي تسبب في كل هذه الفوضى على مستوى العالم خطأ بدأ من البلاد المتقدمة تقنياً وربما لا نكون مخطئين إذا وجهنا أصابع الاتهام إلى الولايات المتحدة الأمريكية تحديداً، فهناك صنعت الحاسبات الآلية الأولى، وهناك طورت وهناك اكتشفت الأخطاء وهناك أيضا وضعت الحلول.
ورغم كل ذلك فإني أعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية ستكون من أقل الدول تعرضاً للنتائج السلبية المتوقعة مما يعرف بمشكلة ال)Y2K( والتي ستتضرر منها بلدان العالم كافة وبشكل متفاوت يزيد وينقص حسب حجم اعتمادها على تقنيات الحاسب الآلي في مؤسساتها وأعمالها، وتقديري هذا مبني على عدد من الحقائق: أولها: أن الامريكيين على ضخامة اعتمادهم في معظم مجالات الحياة على الحاسبات الآلية إلا أنهم يعملون دائماً على تحديثها والتخلص من الأجهزة والبرامج القديمة، حالما يظهر لهم أنها لم تعد تتناسب مع حاجاتهم ومقتضيات تطور أعمالهم.
الحقيقة الثانية: هي أن الأمريكيين سعوا منذ وقت مبكر إلى إيجاد حلول ناجحة لهذه المشكلة واستطاعوا بالفعل تعديل برامجهم الحاسوبية وأجهزتهم لمواجهة المشكلة, والحقيقة الثالثة: هي أن الموقع الجغرافي للولايات المتحدة سيعطي الأمريكيين الفرصة لساعات طويلة للتعرف على ما سيحدث في البلدان التي ستحل بها الألفية قبل الولايات المتحدة ابتداء من نيوزيلاندا ومروراً باستراليا ثم آسيا وأوروبا، مما سيعطيهم الوقت للمراقبة والملاحظة عبر وسائل الاتصال المختلفة والتعرف على ما سوف يحدث في تلك البلدان، ومن ثم التعامل مع المشكلة بالطرق والحلول المناسبة قبل ان تحدث عندهم.
وعلى الرغم من كل ذلك فقد بدأت المشكلة تلقي بظلالها منذ أيام وظهرت بوادر من تلك الأخطاء المتوقعة، في بعض البلدان، فمثلا قرأنا أن إحدى شركات الاتصالات أصدرت فواتير تحمل التاريخ 1900 بدلا من 2000!, وإن كان في العمر فسحة عشنا وشفنا.
لاشك أن الإعلام قد ضخم القضية وجعل لها من المواصفات مالا يتلاءم معها، فصدق كثير من الناس بعض التوقعات على أنها ستحدث لا محالة، فهناك من ذهب إلى البنك فحسب كامل حسابه خوفاً من تعطل أجهزة البنك فينكرون أن له رصيداً عندهم!!.
وهناك من ذهب إلى السوق فتبضع ما يكفيه لشهر أو يزيد خوفاً من تعطل المواصلات فترتفع اسعار المؤن!!، ولحسن الحظ فإن ردود الفعل عندنا في هذه البلاد شبه معدومة رغم ما نسمع ونقرأ عن هذه المشكلة، ولعل ذلك ناتج عن سوء فهم لطبيعة المشكلة في المقام الأول، أو لعل ذلك ناتج عن ثقة المواطن شبه المطلقة في المسؤولين في هذه البلاد المحفوظة بإذن الله,, أليس هذان الصفران أغلى الأصفار على الإطلاق؟.
awazrah*yahoo.com

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

المتابعة

منوعـات

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]
ContactMIS@al-jazirah.com with questions or comments to c/o Abdullatif Saad Al-Ateeq.
Copyright, 1997-1999 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved.