Saturday 1st January, 2000 G No. 9956جريدة الجزيرة السبت 24 ,رمضان 1420 العدد 9956



بين تأكيدات العطارين ونفي الأطباء
الشمم وهمٌ أم حقيقة؟
استشاري جراحة: هذا الاعتقاد ليس له أي أساس علمي وما يصيب الجرح تلوث وليس شمماً

تحقيق : ظافر الدوسري
الطب الشعبي شأنه كشأن الطب الحديث له العديد من السلبيات والايجابيات، كما ان له رواده على اختلاف الطبقات,
والشمم هو اعتقاد سائد بين الناس توارثته الأجيال من قديم الأزل، مفاده أن المريض اذا اجريت له عملية جراحية او اذا دخلت المرأة في فترة النفاس فيجب الابتعاد عن شم الروائح العطرية والهواء البارد كيلا يلتهب الجرح ويتعفن,, بل وصل الاعتقاد ان يستخدم المريض أدوية شعبية منها المرّة وروائح غير عطرية ونسمع عن حالات نجحت عندما استخدمته بينما الطب الحديث ينفي ذلك بقوله ان التهاب الجروح يعود لأسباب ميكروبية وبعيدة عن هذا الاعتقاد الخاطىء.
فما هو نصيب هذا الاعتقاد من الصواب؟, كان ل الجزيرة هذا الاستطلاع عن مدى انتشار هذا الاعتقاد بين الناس وهل هو وهم أم حقيقة؟.
بداية التقينا بالمريض (ابراهيم العلي 27 سنة) من الجبيل حيث قال: مهما تطور الطب الحديث فلا بد من الرجوع للطب الشعبي في بعض الامراض فلا يمكن نسيان او تجاهل دوره وعلاجه للعديد من الامراض التي وقف الاطباء أمامها عاجزين.
وأضاف قائلاً: عندما انكسرت رجلي اليمنى اتجهت الى المستشفى واجريت العلاج اللازم واخذت بعض المهدئات وعدت للمنزل وعندما زارني احد الاصدقاء الذي كان متعطراً زاد الألم في رجلي ولم تهدأ بالرغم من استمراري ومواظبتي على العلاج فنصحني اخي الأكبر باستعمال دواء شعبي يطلق عليه اسم المُرّه، وعندما استخدمتها لم أعد أتأثر من اي شخص متعطراً, لذا ارى واؤمن بأن الشمم ما زال سائداً في الوقت الحاضر.

إنه موجود ومؤثر
أما (ابو عيسى 47 سنة من الدمام) فيقول: اؤمن بأن الشمم موجود في الوقت الحاضر ولا صحة لكلام ان التهاب الجروح ينشأ لاسباب ميكروبية وعدم اهتمام المريض بمكان الجرح، فظاهرة الشمم تحدث عندما يتعرض المريض للهواء البارد او العطورات مما يسبب له ألماً بمكان الجرح أو الكسر.
وعن علاج الشمم فيقول ابو عيسى: ان علاج الشمم يتمثل في الادوية الشعبية التي تتكون من: المُرّه وقشر البصل والكمون، فالمره تستخدم كمشروب وباقي الأدوية تخلط ويتبخر بها المريض وخاصة النساء في فترة النفاس.
ويضيف قائلاً: من التجارب الواقعية التي مررت بها هي انني عندما اجريت عملية جراحية بالمعدة وزارني احد الجيران وهو متعطر أحسست بآلام شديدة بمكان العملية (خيط الجراحة) واستمرت هذه الآلام لفترة طويلة لكنني بعد استخدام الادوية الشعبية احسست براحة تامة!!.
ويذكر في ختام حديثه أن الطب الحديث لم يتوصل حالياً الى علاج للشمم وينحصر علاجه في الادوية الشعبية فقط المعروفة لدى الكثير من الناس.

حكاية!!
أما (محمد الغامدي 30 سنة) فيذكر انه سمع ان الجرح قد يستشم من رائحة العطر واشياء اخرى فيلتهب الجرح، وهي حكاية ما تزال متداولة بين الناس، فمنهم من يؤمن بها ومنهم من لا يؤمن، وسمعت هذا الكلام من كبار السن خاصة الذين يؤمنون به ايماناً لا شك فيه.
واختتم مشاركته قائلاً: انا حقيقة لم أمّر به الى وقتنا الحاضر ولكن اذا اكد الطب عدم صحة الشمم فسوف اصدقه.
مكملان لبعضهما
أحد العطارين (سيد محمد) قال: ان الطب الشعبي والطب الحديث مكملان لبعضهما كما أن هناك اتجاهاً في العالم بأجمعه للطب الشعبي أو طب الأعشاب.
والشمم مرض يعرفه كثير من الناس وخاصة كبار السن كما أن النساء اكثر عرضة لهذا المرض خاصة في فترة النفاس بل أن ادوية عشبية اصبحت ضرورية واساسية للمرأة تستحضرها قبل فترة النفاس.
واضاف قائلاً: توجد عندي حالات عديدة تثبت وجود هذا المرض كما ان لدينا الأدوية العشبية التي تستخدم في علاج ذلك وحينها لن يتأثر بإذن الله عندما يشم روائح عطرية.
وعن ماهية هذه الاعشاب اوضح العطار سيد انها عبارة عن اعشاب تسمى المرّه والصبرة (مباركة) فهي تعمل على قتل البكتيريا بالجرح واذا كان ملتهباً وتحقنه حماية ضد شم اية روائح عطرية او تعرض لهواء بارد وذلك لمفعول المادة المره بهذه الاعشاب كما أن عسل زهور البرسيم هو أيضاً من العلامات المجربة في سرعة التئام الجروح.
حالة مزاجية
أما الاستاذ محمد بن علي الزهراني اخصائي طب نفسي فقد شاركنا برأيه قائلاً:
انني احترم الطب الشعبي كجزء من تاريخنا وتراثنا ولكن الشمم لا نستطيع ان ننفيه او نثبته الا بالتجربة، فأنا مع كل ما برهنت التجربة العملية على سلامته وفعاليته، واحب ان اوضح ان المعتقدات بالناس تؤثر بالحالة النفسية وبالتالي تؤثر على الجانب العضوي بالجسم بمعنى ان الشخص اذا كان يعتقد انه لو شمّ أي شيء سوف يلتهب الجرح الذي به فبلا شك ربما يتأثر لأنه من الدراسات الحديثة بينت ان الحالة المزاجية تؤثر على جهاز مناعة الانسان.

نفسي فقط
بينما يرى الاخصائي الاجتماعي مكي خليفة ان الحديث عن الشمم ظاهرة وهاجس تشيع بين النساء وكبار السن بكثرة، واضاف قائلاً: أما الأجيال الحالية والأجيال القادمة فلا اعتقد انهم سيؤمنون بذلك لأن الطب الحديث وصل مرحلة متطورة جداً يجعل الانسان يشيد ويثق به ولا يضع لهذه الاعتقادات مجالاً للتصديق بالرغم من وجود اناس يؤكدون هذه الحقيقة ويصر عليها الا انني انا حقيقة عن نفسي حيال مواقف الناس لا أنفي هذا الشيء ولكن لا اؤكده ولذا اتصور ازاء ذلك ان أصل هذا الهاجس هو ان الشخص المصاب بجرح تحدث لديه عملية إيهام او ايحاء قوية بأنه سوف يحدث لديه ألم اضافة الى ان هذه الروائح الزكية بالذات بما ان لها نفاذ شديد فانها تؤثر على أجهزة الاعصاب بالمخ، فنحن نعلم ان هناك روائح مختلفة عندما نشمها تحدث لدينا اثراً نفسياً هذا الأثر النفسي يصبح له مردود جسدي على الشخص وعلى هذا فإنني ارى ان الشم يحدث بنفس الطريقة.

ليس له أي أساس علمي!!
والآن ما هو نصيب هذا الاعتقاد من الحقيقة في الرأي الطبي؟ حيث بادرنا د, ابراهيم عمر الأحول استشاري ورئيس قسم الجراحة بمستشفى الجبيل العام بقوله:
إن هذا الاعتقاد ليس له اي اساس علمي حيث ان شم الروائح والعطور لا يسبب اي تلوث بالجروح بل على العكس تماماً فإذا علمنا اننا نطهر الجروح بالمواد الكحولية او المطهرات التي يدخل في تركيبها الكحول وفي الوقت نفسه فان جميع العطور يدخل في تركيبها مادة الكحول بنسب متفاوتة فلا نكون قد اخطأنا اذا قلنا انه بالامكان تطهير الجروح بالعطر نفسه اذا مسحنا على الجرح قطعة مبللة بالعطر في حالة عدم توفر اي نوع من المطهرات.
وعن اسباب تلوث الجروح فيذكر د, الاحول بانها عديدة ولكن اساس تلوث الجروح من توالد ميكروبات صغيرة تسمى بكتيريا تتوالد وتتكاثر هذه الميكروبات وتتسبب في موت خلايا الجسم حول الجرح وتتحول هذه الخلايا الى صديد.
اما اسباب تكاثر البكتريا في الجروح فهي كثيرة وتنقسم الى جزءين اساسيين:
1 التلوث وقد يكون ناتجاً عن عدة اسباب:
أ تلوث اثناء العملية الجراحية نتيجة عدم التعقيم الكامل للآلات او عدم تعقيم مكان العملية جيداً او استعمال خيوط غير معقمة او حدوث عدوى مباشرة من الفريق الجراحي نتيجة مرض احدهم بالزكام او الرشح.
ب تلوث بعد العملية نتيجة عدوى من مريض آخر أو ممرضات القسم.
2 ضعف المناعة لدى المريض نتيجة مرضه ببعض الامراض الاخرى التي تضعف مناعة الجسم مثل مرض السكري او الصفراء او الفشل الكلوي او السرطان او يكون ضعف المناعة نتيجة تقدم السن.
ومما سبق يتضح لنا ان تلوث الجروح ناتج عن اسباب كثيرة يمكن تلافي معظمها ولا يوجد من بينها شم العطور، ويجب علينا جميعاً محاولة اصلاح هذا المفهوم الخاطىء لدى جميع الناس حتى لا يستمر توارث هذا الاعتقاد على مدى الأجيال.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

المتابعة

منوعـات

لقاء

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]
ContactMIS@al-jazirah.com with questions or comments to c/o Abdullatif Saad Al-Ateeq.
Copyright, 1997-1999 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved.