عزيزتي الجزيرة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,, وبعد:
ما أشبه الليلة بالبارحة,, وربما كانت الذريعة هي (اللائحة),, اعني (لائحة الاختبارات الجديدة),, ونحن نقف على ضفاف (النتائج) حيث يتلهف طلابنا للحصول على تقديراتهم ومعرفة نتائجهم ويترقبون ساعة اعلان النتائج وتوزيع البطاقات والاشعارات اعتقد جازما أن هناك من سيربط تلك النتائج باللائحة الجديدة التي كثر الحديث عنها ما بين مؤيد ومعارض,, ومنتقد ومقترح او متسائل,, وربما اتهمها البعض بأنها سبب تدني المستوى وضعف التحصيل وانخفاض النتائج.
ويرى البعض من زملاء المهنة أن تلك اللائحة بالرغم مما حملته من مبادىء تتسم بالمرونة والتجديد الا انها اضفت نوعا من (غياب الحوافز) فالخمس درجات التي اعطيت للمعلم طوال الفصل الدراسي غير كافية لجذب الطالب وإثارة حماسه وربطه بالدرس ورصد مشاركاته وتغطية جهوده.
كما سمعنا اصواتا ترمي اللائحة بكثرة التشعب وتداخل الجزئيات واختلاط المرئيات فهناك من المعلمين من وجد صعوبة كبيرة في فهم معطيات اللائحة والتعامل مع ضوابطها وخصوصا في المرحلة الابتدائية فضلا عن اولياء الامور الذين يوجد بينهم شريحة واسعة مازالت تجهل توصيات تلك اللائحة وتعجز عن ترجمة (رموز التقويم الجديد ومعرفة طرقه واساليبه).
ويواصل البعض نقده محاولا سرد جوانب القصور في (النظام الجديد للاختبارات) وتسجيل الثغرات التي يراها، معتبرا ان اللائحة جاءت لتمنح الطالب عنصر الأمان وتهبه ثقة مفرطة في النجاح المضمون عبر نزوعها (تحجيم هاجس الاختبار) الذي هيمن على ذهن الطالب لزمن وملأ نفسه بالرهبة والقلق.
كانت تلك الآراء والهواجس التي دارت في فلك اللائحة الجديدة او وجهات النظر التي يرددها البعض حول آثار اساليبها الجديدة على مستوى الطلاب ونتائجهم,, وسيكثر الحديث عنها بعد ظهور النتائج سواء من المعلمين او اولياء الامور وحتى الطلاب الذين لم يهضموا قوانينها بعد ولم يدركوا اسس (التقويم),.
واعتقد ان الوقت مبكر للحكم على اللائحة وتقويم آثارها فليس من الملائم ان نوجه سهام النقد الى بنودها قبل ان تتضح معالمها وتبرز ابعادها وتنضج ثمارها المباركة باذن الله تعالى,, ثم انه ليس من الانصاف ان نركز على سلبياتها ونغض الطرف عن ايجابياتها,.
يجب ان نعرف ان (اللائحة الجديدة) اتت بضوابط تقويمية جديدة كسرت روتين النظام القديم وحاولت تخفيف حدة جموده وملل ركوده,, وهي كذلك ثمرة فكر,, وخلاصة تجربة,, ونتاج خبرة,, وحصيلة دراسة متأنية,.
لابد ان نقف جميعا امامها وقفة اكبار وتقدير باذلين الجهد لاستيعاب اساليب التقويم الجديد وفهم انماطه ,, علينا ان نحسن الظن بقدوم تلك اللائحة وننتظر الاغصان حتى تورق وتثمر ,, وهذا القول ليس من باب (تلميع) اللائحة أو نظم معلقة اعجاب بقدر ما هو دعوة الى التعامل مع تلك اللائحة بتقويمها الجديد تعاملا متزنا عاقلا عبر رؤية متأنية,, هادفة وموضوعية,, ذات انطباع حسن,, عابق برائحة الأمل,.
ولا يمكن (تبرئة) اللائحة الجديدة من السلبيات الا انه لابد من ان يتعاون الجميع من اجل (تفعيل) مرئياتها بدقة وتمكين الطلاب واولياء الامور من الالمام بأبعادها واستيعاب انماط التقويم الجديد وفهم متونه,.
لقد باتت ولله الحمد جل المستجدات التعليمية بأطرها المتنوعة تنبجس من عمق تربوي مبارك ذي خصوصية معرفية مضيئة وصياغة تقويمية واعية تخدم فكر الطالب وترقى بتحصيله ومازال المعلم يقف بشموخ على ارضية صلبة مؤديا دوره التربوي النبيل وممارسا رسالته الاصيلة,, ومتجاوبا مع النماذج المطروحة في مناخه المدرسي من طرق تدريس او وسائل تقويم وهو قادر على مواكبة متغيرات المرحلة التعليمية وبذل الجهد والتضحيات لتطبيق برامجها وتنفيذ نشاطاتها وتحقيق اهدافها ولا غرو فهو رجل الميدان الاول وبإمكانه احتضان مفردات اللائحة الجديدة وتجيير نقاطها لصالح ابنائه الطلاب,, وهو قادر على ان يتوغل في اعماقها ويلم بتضاريسها ويستوعب مضامينها ليحيلها شجرا مثمرا في عقول طلابه,, اطمئنوا فلن يقف المعلم موقفا سلبيا امام اللائحة الجديدة,.
لقد اعتاد على تجديد حماسه وتطوير ادواته التربوية ومصافحة وسائله التعليمية دونما ملل وهو يدرك ان اللائحة الجديدة جاءت لتلبي حاجة الى التجديد والتطوير.
كما ان اولياء الامور مطالبون وهم يتسلمون بطاقات ابنائهم ان يتريثوا في الحكم على نتائج ابنائهم ونقد اساليب التقويم، عليهم اولا ان يستوعبوا سبل الاختبار ويدركوا طرق التقويم الجديد ومعرفة خطوطه,, لقد اصبح المنزل يشارك المدرسة في صياغة نتيجة مضيئة للطالب وخصوصا في المرحلة الابتدائية (الصفوف الاولى) لابد ان يقيم ولي الامر جسرا من التواصل المستمر مع المدرسة فهو بحاجة لفهم معطيات النظام الجديد واستيعاب معاييره قبل ان يزرف مشاعر التضجر من (التقويم المستحدث) ويجعله شماعة الاخفاق ,, يجب ان ندرك أن (الاختبار) لم يعد هدفا مجردا,, ولم يعد (النجاح) غاية موجهة إنما بات الطالب يحظى بالقيم التربوية الأصيلة,, والمبادىء الكريمة,, والاخلاق الرفيعة,, ليكون عضوا منتجا,, ومواطنا صالحا يشارك بفاعلية في خدمة دينه الحنيف وبناء حضارة وطنه المعطاء,, نعم لم يعد (التقويم) مجرد ارقام توضع,, وخانات تعبأ ومربعات تملأ بل صار سلوكا تربويا وقناة تقويمية تكشف مستوى الطالب وترصد مهاراته وترعى ملكاته وترقى بتفكيره,, وتفتح له آفاق الابداع,, وكل ذلك من شأنه ان يسهم في (تأصيل) تحصيل دراسي موفق وتأطير نتيجة مشرفة، عفوا رفقا باللائحة من آرائكم الجامحة,, واتيحوا لها الفرصة لتثبت حضورها الفاعل والمؤثر في الواقع الدراسي.
محمد بن عبدالعزيز الموسى
ث الشقة بريدة