* هذا الدين دينُنا
هو دين الرحمة,.
* إلهنا هو الرحمن,, الرحيم،
نبدأ باسمه أعمالنا,, ونتوج به بداياتنا.
* ورسولنا صلى الله عليه وسلم رؤوف بالمؤمنين,, رحيم,.
* وأصحابه رحماء بينهم,.
يحنو كبيرهم على صغيرهم,, ويوقر صغيرهم كبيرهم,.
ويعود صحيحهم مريضهم,.
ويجود غنيهم على فقيرهم,.
* انها رحمة,, تنتشر فوق الموقف الاسلامي,, انتشار الظل بين العرائش، وتسري في الجسد الاسلامي,, انتشار الارتعاشة في الجسد الساكن، وتختلط بالحياة الاسلامية اختلاط حمرة الغروب بسحائب الأفق.
* وهي رحمة راشدة,, هادفة.
وهي اكثر ما تكون كذلك,, عندما تمارسها الجماعة,.
وتترجمها قوانين,, وسلوكاً,, ومؤسسات,, وحياة يومية.
* ولكن الاسلام,, كما هو دين الرحمة,, فهو دين القوة,.
انه يريد أتباعه أقوياء,, شامخين,.
فلا يرضى لهم الذلة أو الخنوع,.
أو الهوان على النفس وعلى الآخرين.
* يريد هاماتهم عالية,.
وقاماتهم منتصبة,.
وصدورهم ناهضة
وأبصارهم شاخصة,, طامحة
* إنه دين ينشد الرحمة القوية,, القادرة.
وهو دين يحبذ القوة الرحيمة,, الحانية,.
* فالرحمة تأخذ بلجام القوة,, فلا تبطش,, أو تستبد,, أو تطغى,,
* والقوة تأخذ بيد الرحمة,, فلا تتهاوى,, ولا تذل أو تستكين,.
* ومن ثم ظهر المثال الاسلامي المتكامل.
ومشت على أرضنا الشخصيات المحمدية,, الرائدة
أجساداً تأكل الطعام,, وتمشي في الأسواق.
لكنها تكاد تطير برحمتها الى ملكوت سماوي,.
وتثبت بقوتها في أديم الأرض المكين,.
وقامت مجتمعاتنا الاسلامية في صدر اسلامنا وفي فترات متقطعة من تاريخنا المجيد لتعكس هذا المزيج الرائع من الرحمة,, والقوة,.
وتُحكم هذا الميزان الدقيق من الحزم واللين.
* وعندما اختل هذا التوازن الفريد:
سيطرت القوة الغاشمة في غياب من الرحمة ,.
وتفشت الدروشة الساذجة في خلسة من القوة.
وتأرجحت المجتمعات الاسلامية في أزمنة وأمكنة مختلفة .
بين الغثائية والاستبدادية .
وتمزق الذهن المسلم،
بين لفح الظهيرة,, وخدرة السحر.
* لا يزال القلب المسلم يتوق الى تلك اللحظات القوية,, الرحيمة,, التي تألق فيها المعلم الأعظم،
رحمة عامرة,, بين أصحاب رحماء.
وعندما يتوق القلب الى تلك الرحبات,, وذلك الصحب,.
فلأن الواقع الذي صنعوه,, ما زال أزهى من أشهى أحلامنا,, وألذ من أعذب تطلعاتنا.
* وكيف لا يكون كذلك,, وهو يجعلنا نؤمن ولو ساعة
بأننا نستطيع ان نكون رحماء,, أقوياء,, في آن واحد.
* في الاسلام:
اليد العليا,, خير من اليد السفلى,, وفي كل خير.
واليد التي تعطي خير من اليد التي تأخذ,, وفي كل خير.
واليد التي تنتج خير من اليد التي تستهلك، وكلتاهما خير.
* وليست غاية الاحسان والصدقة,, ان تتكاثر الايدي التي تأخذ، والافواه التي تستجدي,.
والالسن التي تسأل,.
* الغاية,.
هي أن نعطي المحتاج حقاً,.
وأن نعين الأرملة واليتيم,.
وأن نطعم المسكين,, وأن نشجع القادرين على العمل,, ونؤهلهم,, ليعملوا,, وينتجوا,, ويكونوا بدورهم من المحسنين .
* ليست الغاية ان نخلق تجمعات من الشحاذين الهواة,, والمحترفين، أو ان ننشئ صناعة للنصب على عواطف الناس، والتحايل على شفقتهم،
أو ان نصفق لثقافة الاستجداء,, وفولكلور المسكنة.
* ومع ذلك:
فان هناك من يسمحون لعطفهم الكسول، وشفقتهم المتثائبة,, أن تجرفاهم لتشجيع هذه الحرفة الخائبة،
وتكثير هذا الذباب الأفاقي,, المنتشر على ابواب المساجد، وارصفة الطرقات خاصة ايام الجمع وفي المناسبات الدينية.
* ويفوت على هؤلاء المتصدقين المتثائبين,, أن هناك وسائل أكثر جدوى,, لإيصال الصدقات,, والزكوات الى من يحتاجونها,, وينتفعون بها,.
* ان الصدقة التي يكبر بها الأجر بإذن الله هي التي يحيطها صاحبها ببعض الجهد كي تصل الى من يستحقونها ولا يستجدونها.
* اولئك الذين لا يسألون الناس إلحافاً.
* المستترون في بيوتهم,, من اليتامى والمقعدين,, والأرامل والعجائز,, والبحث الشخصي عن هؤلاء أو من خلال جمعيات البر المنتشرة وزيارتهم,, وتفقد احوالهم,, أولى بتحقيق معاني التكافل,, والبر، وادعى الى ترسيخ جذور المحبة والرفق,, والتعاطف بين أبناء المجتمع,.
* وذلك أيضاً كفيل بالقضاء على هذه الظاهرة المقيتة,, واجتثاث تلك الطوابير المستجدية,, والحد من استيراد هذه الموضة,, الشحاذية,, الجديدة الى مجتمعنا.
أنور عبد المجيد الجبرتي