يسعدني جداً اختيار الرياض عاصمة للثقافة العربية عام 2000 ، ، ولعل في اختيارها هذا العام بالذات شيئا من ادراك المعنى الأعمق لهوية هذه المدينة، ، محورا لبلاد حباها الله اصالة تاريخ وإثمار حاضر ووعود مستقبل نأمله باذخاً،
مدينة مميزة بما لا يتميز به غيرها، متجذرة في موروثاتها العربية الاسلامية وبيئتها البدوية الصحراوية وتقاليدها العريقة، ، ومثمرة مورقة في أفق التطور العلمي الراهن امتدادات من المدنية، ، وحديثة مرنة في استيعابها لمعطيات عصر جديد حافل بدعائم التطور المتصاعد قدماً،
عام 2000 الذي اختيرت الرياض فيه عاصمة للثقافة العربية، عام تحد علمي يواجه ثقافة العالم كله، بدءاً بإشكالية اصطدام مباشر بين الوجوه المتناقضة المتداخلة لوجود الانسان، ، الحاضر والماضي والمستقبل،
عام يبتدىء بمشكلة استيعاب تاريخ غير معتاد في مجريات حياة اعتاد العالم فيها الاعتماد على سرعة الآلة، ، وحسابات الكمبيوتر، ، ولو توقفت الحواسب الآلية في العالم كله مهزومة امام عجزها عن استيعاب عام يبدأ بثلاثة أصفار، ، لتوقفت الحياة على هذه الأرض الموغلة في التقنية حتى النخاع، ، ولكنه توقف إن حدث أجزم أنه لن يستمر فإنسان هذا العصر يمتطي صهوة التقنية ليسخرها في خدمته، ، وسيكون الارباك فرصة تطور جديد في تقنية الحواسب والعالم المعتمد عليها، خسارته محتملة،
عام متميز ينقلنا الى عتبة الألفية الثالثة،
ألفية لا أشك انها ستكون مرتبطة جداً بمفهوم جديد للثقافة،
ثقافة عالمية تدخل كل مواقع العالم في حوار حول الأهم من وجود الانسان، ، وثقافة تركز على فتح آفاق التقنية الجديدة ومكتشفاتها المتطورة ونجاحاتها العلمية لتضعها في خدمة الانسان اي انسان،
الرياض ما زالت تحتفظ بمعطيات الأصالة التاريخية المتوارثة وتمد يدها متطلعة الى أفق حداثة العصر القادم،
وشرف أن يبرز أي موقع مرتبطاً بالثقافة، ،
أتطلع الى عام من النشاطات الثقافية الحيوية، ، للكبار والأطفال، ،
ندوات وأمسيات أدبية ومعارض فنية تشكيلية وعروض مسرحية متميزة،
وأتطلع الى تطوير في برامج التعليم تربطها برؤية مستقبلية مرتبطة بالتطور لا بالتحجر، وبقدرة تطويع المستقبل وليس فقط قدرة احترام الماضي، ، برامج تبني قدرة الجيل القادم على المشاركة في عصر الفعل والاضافة لا عصر الحفظ واستذكار انجازات السابقين والآخرين،
وأتطلع الى مشاركة مثمرة للمرأة السعودية في كل مجالات الحياة العامة، ، وفي مجالات الثقافة وفي موسم هذا العام بالذات، ،
أتطلع الى منحها موقع مواطنة فاعلة تثمِّن قدراتها وانسانيتها غير محفوفة بالتخوّف من كونها أنثى أو من كون الرجل ضعيفاً امام تميزها بالأنوثة،
أتطلع الى عضوية لها معترف بها رسمياً في المؤسسات الثقافية مثل النوادي الأدبية وجمعية الثقافة والفنون ومهرجان الجنادرية وغيرها من منابر النشاط الابداعي والثقافي،
أتطلع الى موسم حافل للجميع، ، يتشجع فيه ابداعنا المحلي على التسامق الى مستويات أفضل ونتعرف فيه على نشاط وابداع الاخوة العرب مدعوين الى ديارنا لعرض ما لديهم،
أتطلع الى حركة مثمرة في التأليف والنشر الابداعي والعلمي، وأتطلع الى نمو في الأذهان وليس في المنشورات الورقية فقط، وأن تكون الرياض وكل مدن الوطن الحبيب موسم ازدهار ثقافي دائم،