المياه هي أغلى الثروات دون منازع، والتعدي عليها بمثابة تعدٍ على بقاء الحياة، حيث يصبح الإنسان أغلى الثروات عرضة للهلاك إذا انعدمت مقومات بقائه من احتياجاته المائية.
والمراقبون ومعهم المحللون الاستراتيجيون يكادون يجمعون على ان أخطر مهددات السلم في المرحلة القادمة هي المياه، حيث يتوقعون أن تكون الحروب القادمة كلها صراعاً على الماء، فالاتساع مطرد في الرقع الزراعية الضرورية لتوفير الغذاء للبشر في العالم، والافواه الظمأى للمياه تتكاثر بأرقام كبيرة، في حين تتراجع مخزونات المياه أمام الطلب المتزايد عليها، مما يثير القلق الفعلي على الثروات المائية ويحتم ضرورة ترشيدها والمحافظة عليها مهما كان الثمن.
واسرائيل التي ظلت تضع عينها على كل ثروات العرب لم تغفل الماء، بل جعلته في رأس أولوياتها، فكل تحرك إسرائيلي لوضع اليد على ثروات العرب يستهدف أولاً الماء، وكل مماطلة تأتي من تل أبيب هدفها المزيد من النهب لمياه العرب، بل ان إسرائيل لم تتورع بالفعل من الاستيلاء على المياه الجوفية في الاراضي العربية المحتلة وبيعها للفلسطينيين بسعر دولار أمريكي للمتر المكعب!!
وتنهب اسرائيل حاليا ما مقداره 80% من المياه الجوفية الفلسطينية لتغذي بها المستوطنات ومنطقة الخط الفاصل، فيما تبيع للفلسطينيين 20% وبما يعادل 22 مليون متر مكعب.
ان هذا النهب الخطير والمدروس بعمق في المخططات الاسرائيلية لاستنزاف ثروات العرب لم يعد خافيا على احد، وهذا ما جعل الاصوات العربية ترتفع منادية بوضع حد لما تفعله اسرائيل بهذه الثروات.
وفي اطار الاهتمام بهذه القضية، فمن المقرر أن يبحث مجلس وزراء الخارجية العرب خلال اجتماعه بالقاهرة اواخر شهر مارس المقبل قضية استمرار نهب الاحتلال الاسرائيلي للمياه العربية في فلسطين والجولان وجنوب لبنان، حيث قررت جامعة الدول العربية وفق ما أعلن عرض القضية على المجلس الوزاري في اجتماعه القادم الذي سيكون الأول في القرن الميلادي الجديد.
ويجيء ترفيع الاهتمام من جانب جامعة الدول العربية بقضية نهب مياه العرب بمثابة استشعار للخطر الذي بات يطرق الأبواب ، فالاستيلاء على المياه العربية لم يعد تلويحاً بل أصبح أمراً واقعاً تمارسه إسرائيل جهاراً نهاراً، وإذا لم يوجد ما يكبح جماح الأطماع الاسرائيلية فان هذه الممارسات ستستمر ، مما يهدد الثروات المائية بالنضوب أو في أخف الأحوال يحرم الفلسطينيين والعرب من أخذ نصيبهم الكامل من مياه أراضيهم.
الملفات المائية الآن بيد وزراء الخارجية العرب، والمطلوب تفعيل الخطوات للجم أطماع اسرائيل قبل أن يصبح الوقت متأخرا جداً على التحرك في هذا الجانب.
الجزيرة