رؤية اقتصادية الحقبة الزمنية القادمة والتحديات المنتظرة د، محمد بن عبدالعزيز الصالح |
في الوقت الذي نعيش فيه بداية القرن الجديد او بالاصح الالفية الجديدة، وفي الوقت الذي تتسارع فيه مختلف الدول في سباق مع الزمن بهدف السيطرة على كافة التحديات التنموية التي ستفرضها الحقبة الزمنية القادمة، فإن التساؤل الذي يتبادر الى الذهن يتمثل في موقع المملكة من هذا التنافس المحموم بين الدول ومدى جاهزيتنا للتكيف مع الكثير من التحديات المستقبلية، وما يتوجب علينا القيام به حيال ذلك،
وفي بداية حديثي، احب ان اؤكد على اهمية ان ننطلق في وضع كافة استراتيجياتنا وسياساتنا للتصدي لتحديات المستقبل من الثوابت العميقة ومن المنهج الواضح في الحفاظ على قيمنا الاسلامية، فالمملكة العربية السعودية قامت من الاساس من اجل اعلاء كلمة الله، خصوصاً وان المملكة تحتضن الحرمين الشريفين وتتشرف بقيادة العالم الاسلامي،
وفيما يتعلق بالتحديات التي يجب ان نستعد للتعامل معها في هذا القرن الجديد والكيفية التي يمكننا من خلالها وترتيب اولوياتنا للتصدي لتلك التحديات فيمكن لي ان اوجزها في عدد من العناصر حيث يأتي من اهمها السباق التقني الذي يتوجب ان يكون لنا نصيب في هذا المجال،
فأين نحن من التطورات التقنية المتجددة في مجال الانترنت بصفة خاصة وفي قطاع الاتصالات على وجه العموم، وفي اعتقادي انه من الاهمية ان يتم توظيف كافة الطاقات المؤهلة لتفعيل الاستفادة من ايجابيات الانترنت والحد من سلبيات التعامل معه سواءً كان ذلك من الناحية الاقتصادية او الاجتماعية او الاعلامية،
اما في المجال التعليمي فانه قد يكون من الصعوبة علينا القدرة على التعايش مع ما وصلت وستصل اليه المجتمعات الصناعية في هذا القرن مالم يكن هناك مراجعة وتطوير شامل في منهجية التعليم وسياساته وتوجييها لما يخدم سوق العمل، سواء كان ذلك فيما يخص بالتطوير النوعي لمناهج التعليم او من خلال تحقيق المواءمة اللازمة بين حاجة السوق من جهة وبين مخرجات التعليم من جهة اخرى، اضافة الى تسخير الطاقات الموهوبة والمؤهلة لرسم مستقبل اكثر اشراقاً،
اما في المجال الاقتصادي، فان تحديات القرن المقبل تفرض علينا ان نعمل بشكل اكثر فاعلية من اجل تنويع مصادر الدخل سواءً كان ذلك في المجال الصناعي ام الزراعي او في مجال الخدمات، لانه من الاستحالة ان نجعل مصيرنا ومصير الاجيال القادمة معلقاً على سلعة واحدة وهي النفط بغض النظر عن ضخامة المخزون النفطي الذي تتمتع به اراضي المملكة،
وكذلك فانه من الاهمية ان تتضافر الجهود وصولاً الى ايجاد بيئة استثمارية جاذبة لا تقتصر على توطين روؤس الاموال الوطنية فحسب وانما تتجاوز ذلك الى استقطاب رؤوس الاموال الاجنبية ايضاً، ومما لا شك فيه ان ذلك يتطلب ايجاد سياسات وانظمة اقتصادية اكثر مرونة وقادرة على التعايش مع تحديات القرن الجديد،
ويظل احد اهم التحديات التي تنتظرنا مع حلول الالفية الثالثة ودخول العالم قرناً جديداً تحدي المياه، فوفقاً لتوقعات العلماء الجيولوجيين، نجد انهم يتوقعون بأن منطقتنا في القرن القادم ستكون منطقة حرب على المياه، فأين نحن من هذا التحدي القادم، ومتى سيكون لدينا الابحاث المتخصصة في مجال تحلية مياه البحر التي من المؤكد انها ستنعكس ايجاباً من حيث تخفيض التكلفة ورفع الفعالية الخاصة بتقنية تحلية المياه،
وفي الختام فإن هذه التحديات لا يعدو كونها جزءاً من مجموعة تحديات ستقرضها علينا معطيات الحقبة الزمنية الجديدة، التي لن يكون لدينا القدرة على مواجهتها والتصدي لها مالم يكن لدينا جميعاً الارادة الصادقة والشعور بخطورة الموقف ومن ثم العمل الجاد بهدف تفعيل كافة الآليات الكفيلة بتحقيق التعايش الامثل مع تلك التحديات،
|
|
|