تعليم 21 مشاهد تربوية د, عبد العزيز بن سعود العمر |
* المشهد الأول:
هنا نشاهد مجموعة من المتلقين يجلسون على مقاعد قد التصقت بالارض على شكل صفوف وأعمدة, الناظر الى هؤلاء المتلقين يجدهم منصتين في انضباط تام لما يلقى عليهم ومحدقين في رجل قد وقف خطيباً في مقدمة المكان, الخطيب - والذي غالباً ما يكون قد حضر بدون أدنى رغبة منه - يهيمن بحديثه على الموقف، في حين اكتفى الحضور بمجرد الإنصات رغم شعورهم بالملل, المحاضر أو الخطيب فخور بأنه استطاع ان يفرض شخصيته على الموقف ليفوز بمستمعين غلب عليهم الصمت, أما المكان فهو لا يكاد يستوعب اكثر مما فيه من المتلقين، بل إن ايا منهم لا يكاد يقدر على شق طريقه ليصل الى مقدمة الصفوف، أرجو ألا تظن اننا نتحدث عن مجريات محاضرة في النحو في احدى الجامعات في القرون الوسطى، اننا نصف وبدون مبالغة ما يحدث غالبا في درس يقدم في القرن الحادي والعشرين لطلاب الصف الأول الابتدائي هنا، وقد تزداد عجباً اذا ما علمت انه متوقع من هؤلاء الطلاب ان يتعلموا من خلال الممارسة والتجريب والحوار كيف يبنون المفهوم بأنفسهم، وأن يتعلموا ما يثري ويعزز من قدرتهم على التفكير والابداع ويساعدهم على مواجهة وحل ما يعترضهم من مشكلات.
***
* المشهد الثاني:
هنا نشاهد مجموعة من المتلقين (طلاب) يجلسون على مقاعد متحركة أمكن تنظيمها بالطريقة التي تخدم هدف الدرس, المعلم في هذا المشهد يكتفي باستثارة فضول الطلاب ثم يختفي من المسرح ليعود من وقت لآخر كلما دعت الحاجة, أي ان الحدث في مجمله يهيمن عليه الطلاب, اما المكان فهو من السعة بحيث يستطيع كل طالب - او المجموعة من الطلاب - ان يمارس النشاط الذي اختاره او حدده له المعلم, الطلاب يجدون مناخا من الحرية والتشجيع ليمارسوا التجريب والاكتشاف والتعبير عن وجهات نظرهم دون خوف او تردد, تتوفر امام الطلاب كل الخامات التعليمية التي يمكنهم استخدامها لاثراء تعلمهم, مشكلات الطلاب السلوكية تتلاشى او تكاد نظراً لانشغالهم النشط والمستمر بالتعلم، انهم مشدودون بمتعة التعلم فلا وقت لديهم للمماحكات او الاحاديث الجانبية او تمرير قصاصات الورق فيما بينهم.
|
|
|