عزيزتي الجزيرة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وكل عام وأنتم والمسلمون جميعا بألف خير,, وبعد:
فما أكثر ما نقرأ في الصفحة الطبية اللطيفة المفيدة من صحيفتنا الجزيرة عن أنواع الأمراض وعلاجها واحببت أن اشارك بهذه المقامة، عل فيها فائدة أو على الاقل فكاهة وتسلية وتسرية,.
حدثنا رمضان السكري قال:
وفي شهر رمضان، شهر العبادة والصيام، شهر التهجد والقيام، يكثر أيضا الأكل والطعام، ويتنوع الغذاء، بالصحة والهناء، ويقول الناس، عندما يعض الجوع منهم الاحساس: ماذا نأكل في الفطور؟ وماذا نعد للسحور؟ وتكثر فيه الدعوات والولائم، والحفلات والعزائم .
قال : وكان لي جار كريم، وليُّ حميم، أراد ان يقيم مأدبة افطار، عندما يأتي الليل ويدبر النهار، عزم ان يقيم الوليمة لذي القربى من الجار، وللقريب من الدار، وكان جاري واسمه أبو زيد، قد دعا إلى الوليمة جاره وجاري أبا عُبيد.
فاعتذر أبو عبيد عن الاجابة، وكان ذاك منه حسن اصابة، فهو مصاب بداء البول السكري، فهو دائما لأدويته المشتري، جعله رهين المحبسين: الثلاجة والحمام، لشرب الماء وتصريف السوائل والطعام، لكن جاره أبا زيد الكريم، ذا الخير العميم، قال له: لا تخيب فيك نظرتي، وآمل منك اجابة دعوتي، على اني سأجعل لك أكلا خاصّا، لا يجعل في امعائك للسكر ماصّا، فما أريد ضَيرك، وما ارجو الا خَيرك.
فقال أبو عبيد: ان كانت الحال كما تقول، فمنك الدعوة ومنا الشكر مع القبول.
ولما جاء الوقت الموعود، والحفل المشهود، دخل ابو عبيد إلى قاعة الطعام، مصحوبا بالاجلال والترحيب والاحترام, فرأى على المائدة مارأى، ويا لهوله من مرأى:
كانت الموائد تعج بأطايب الطعام، مما يعجز عن وصفه الكلام، والأكل منه حلال، ولو أنه على مرضى السكري حرام، يُسيل اللعاب، من مأكل وشراب:
فمن اللحم: المشويّ والمقليّ، والمندي والمظبي، والكباب والكفتة، والكبدة وقطع (الفتايل) على الفتّة، ولم تخل المائدة من (شربة) الكوارع، مما لا يحتاج إلى اسنان قواطع، بل يبلع بلعا، وينزرع في المعدة زرعا.
وأما المطبوخ، فكل انواع الخضار، وهذه يسمح لابي عبيد بتناولها بمقدار: من الفاصوليا والباميا والسبانخ والباذنجان والقرنبيط، وعدها كلها ليس بالأمر البسيط, والكوسا وورق العنب من المحاشي، إلى امعاء المواشي.
ويا ويل ابي عبيد من الحلويات: البقلاوة والنواشف، وزنود الست والقطايف، والكول واشكر، والبرمة التي بالسكر تقطر، والكنافة,, وآه وألف آه من الكنافة، التي تتميز بالحلاوة واللطافة:
إليك اشتياقي ياكنافة زائد فليس غنى لي عنك كلا ولي وطرُ فلا زلت اكلي كل يوم وليلة ولا زال منهلا بجرعائك القطرُ |
وأما الاشربة فلا تسل: الخروب والعرقسوس والعصير، من كل الفواكه كثير, وأما الفواكه: فالتفاح والبرتقال، والعنب على عنقوده ميال، والتفاح والموز والكمثرى، والخوخ وما القارىء بأنواع مالم نذكر ادرى.
والمكسرات: اللوز والجوز، والفستق والبندق، وكل ما يخطر وما لا يخطر ببال، ولا تستقيم لمريض السكري مع اكله حال.
ماذا يأكل أبو عبيد وماذا يدع؟ لقد أصابه اولا الفزع، قالوا له: كل من كلّ شيء حبّة، من الذي في قلبك له محبة.
لكن أبا عبيد لم تكن له ارادة، وسار على مابه من الدأب والعادة، من الشره والنهم، ومقابلة نصح الأطباء بالبكم والصمم، فأقبل يأكل من كل جانب، وهو لا خائف ولا راهب، فكان ان سقط صريعا، بعد أن أغمي عليه سريعا، وطلبوا له سيارة الاسعاف، وكان يتمنى الا أحد درى ولا شاف، ولكنها كانت فضيحة طنانة، وفكاهة عند الناس رنانة، مع انها لدى ابي عبيد تراجيديا ومأساة، لا كوميديا ولا ملهاة, ورب أكلة حرمت أكلات، ورب شهوة ساعة أورثت هما ثقيلا، وحزنا طويلا.
فيا أيها الناس: التوسط التوسط، وحسن التصرف لا التورط، لا يصيبكم ما أصاب أبا عبيد، من وليمة جاره أبي زيد, والله تعالى يقول، وعليكم السماع والقبول: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين), اللهم اهدنا للطاعة، وارزقنا القناعة، واشف مرضى المسلمين,, آمين.
شكراً لصحيفة الجزيرة الكريمة، ولصفحة عزيزتي الجزيرة العظيمة، والقراء الكرام,, والسلام ختام.
نزار رفيق بشير
الرياض