مفكرون إسلاميون يؤكدون لـ الجزيرة الأمة الإسلامية تمتلك طاقات ينقصها الفرصة لإظهار نبوغها |
* كتب المحرر :
تتمتع دول العالم الإسلامي بتوفر الطاقات البشرية والموارد الاقتصادية التي تحقق لها القدرة على فرض وجودها على الساحة العلمية، حيث نسمع كثيراً عن تفوق ونبوغ اسماء كثيرة من أبناء المسلمين في تخصصاتهم وأبحاثهم العالمية والأدبية والتي يستغلها الغرب في صالح غير المسلمين، في الوقت الذي تغرق فيه الكثير من الشعوب الإسلامية في ظلمات الجهل والتخلف.
الجزيرة حرصاً منها على تدارك هذا الأمر، وتحقيق الاستغلال الأمثل لهذه الطاقات والموارد واستثمارها في خدمة الإسلام والمسلمين، التقت عدداً من المفكرين في العالم الإسلامي.
دموع أحمد زويل
فضيلة الدكتور محمد بن علي الجوزو مفتي جبل لبنان كان في مقدمة المشاركين بالرأي في هذه القضية الهامة، يقول: في كل عصر تظهر طاقات بشرية جديدة وتلمع في الأفق أسماء عباقرة جدد من أبناء الأمة العربية، يضيفون الى الثروة العلمية العالمية اكتشافات حديثة لم تكن معروفة من قبل، مما يؤكد ان هذه الأمة تمتلك من الطاقات البشرية ما يؤهلهم لحمل رسالة العلم، والنبوغ في مختلف فروعه، شرط أن تتاح لهم الفرصة لإظهار نبوغهم وكفاءتهم ومقدرتهم على الاختراع والابتكار.
واضاف فضيلته قائلاً: ان الحصار الغربي وفرض ستار حديدي حول دولنا، ومنعها من امتلاك أي سلاح متقدم ومتطور، لتظل خاضعة لمصالح هذه الدول الغربية وخاصة أمريكا، مما جعل دولة صغيرة كاسرائيل تتفوق على جميع الدول العربية في ميادين صناعة السلاح المتقدم والمتطور، بينما يحرم هذا على الدول العربية، ثم ان نظام التعليم الذي فرضته دول الاستعمار على بلادنا لفترة طويلة، حال دون انطلاق الطاقات العربية والنبوغ العربي وتعطل كل فرصة للتقدم العلمي.
ثم قال د, الجوزو: ورغم الثروة الطبيعية التي تمتلكها أمتنا، والتي كانت في الفترة الأخيرة عاملاً مساعداً للنهوض العلمي والتقدم التكنولوجي، فإن أسباباً سياسية كثيرة وقفت حاجزاً دون تحقيق ما تصبو إليه أمتنا من نهضة علمية وثروة تكنولوجية هي بحاجة ماسة إليها للسير جنبا إلى جنب الدول المتقدمة.
ومع ذلك فإن النهضة الثقافية التي تشهدها بلادنا كفيلة بأن تقضي على الحواجزالمصطنعة من حولنا، وتخطي العقبات لكي يتمكن النوابغ من أبنائنا من صنع مستقبلنا بصورة أفضل مما عليه الواقع العربي الآن.
وأوضح فضيلة المفتي اللبناني ان أبناءنا في الغرب، استطاعوا ان يبرهنوا أنهم لا يقلون عن غيرهم كفاءة ونبوغاً في ميدان العلم، وكم من عبقري يضيف لمسات جديدة على الاكتشافات العلمية ليستفيد منها الغرب، في الوقت الذي تحتاج فيه بلاده الى هذه العبقرية للنهوض من كبوتها، وان دموع العبقري المصري أحمد زويل التي تلألأت في عينيه أثناء احدى المقابلات التلفزيونية، عندما تمنى لبلاده ان تصبح في مستوى الدول المتقدمة، وان يكون انجازه في بلاده وليس خارجها، لخير دليل على مشاعر ابنائنا وهم يحققون تلك الانتصارات العلمية خارج بلادهم.
قنوات اتصال جديدة
أما الدكتور عبدالعزيز بن عثمان التويجري المدير العام للمنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة ايسيسكو فييقول: صحيح ان العالم الاسلامي يمتلك طاقات وقدرات ومؤهلات بشرية واقتصادية وعلمية وثقافية، تشكل في مجموعها الرصيد الضخم للأمة الإسلامية في حاضرها ومستقبلها، بيد أن الصحيح أيضاً هو ان معظم هذه الطاقات والامكانات غير مستثمرة بالقدر الكافي الذي يحقق التقدم الاقتصادي والازدهار العلمي والتنمية الشاملة.
ويرى د, التويجري ان عدم الاستثمار الأمثل، بل حتى مجرد الاستثمار العادي في حدوده الدنيا، لما يتوافر للعالم الاسلامي من موارد بشرية واقتصادية، يرجع الى عوامل متداخلة، وليس الى عامل واحد أو سبب فريد، يأتي في مقدمتها دون شك الضعف العام في الامكانات التربوية والتعليمية والعلمية والثقافية في عدد كبير من دول العالم الاسلامي، وغياب التنسيق والتكامل بين هذه الدول في تلك المجالات، مما يتطلب وبصورة عاجلة العمل على تصحيح هذا الوضع داخل كل دولة، وفي اطار العمل الاسلامي المشترك، خاصة في اطار منظمة المؤتمر الاسلامي، والمنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة، التي هي الجهاز الاسلامي الدولي المتخصص في تطور آليات التنمية العربية والعلمية والثقافية وتوجيه خططها العامة نحو المزيد من الفعالية والمردودية اللتين ترفعان من مستوى الكفاءة لدى الفرد والمجتمع في بلدان العالم الإسلامي.
واضاف المدير العام للايسيسكو بقوله: اما على مستوى الاستفادة من العلماء النابغين في الغرب، فإن الأمر يتطلب ايجاد قنوات الاتصال الجيدة، وخلق المزيد من الفرص المناسبة والملائمة في البلدان الإسلامية، لجذب هؤلاء العلماء وتقديم كل ألوان التشجيع لهم ليقوموا بدعم بلدانهم الأصلية، ولو من مواقع وجودهم في الغرب، إذ ليس المطلوب عودتهم الى أوطانهم بالكلية، فهذا ليس من اليسير في كل الأحوال، وانما لحث هؤلاء العلماء النابغين في تخصصاتهم لافادة بلدانهم الأصلية بعلمهم وبجهدهم.
عمل الجماعات المتخصصة
ومن جانبه أكد سعادة نائب رئيس الجامعة الإسلامية العالمية في اسلام أباد بباكستان الأستاذ الدكتور أحمد بن محمد العسال انه مما لا شك فيه ان الأمة تقوى وتأخذ مدارج الرقي بتقدمها العلمي وان هذا التقدم العلمي هو عمل الجماعات المتخصصة في كل فن، وان فروض الكفاية توجب ان تكون الأمة الإسلامية مستغنية بنفسها قادرة على أن تقود غيرها وتعطي المثل الصالح في كل شيء فهي خير أمة أخرجت للناس.
وأضاف قائلاً: كذلك فان المناخ والحياة التي ينمو فيها الفرد يجب ان يساعد على ذلك، وأخطر قضية تواجه أمتنا هي قضية الانتماء وقضية الهوية، وكلما كان الفرد مشاركاً فعالاً في قضايا أمته المتعددة كان مجتهداً وساعياً إلى افضل الحلول بتوفيق الله تعالى.
ولهذه الأسباب مجتمعة يرى الدكتور أحمد العسال اننا في أشد الحاجة إلى اصلاح مؤسساتنا العلمية والاجتماعية والتربوية حتى نهيىء المناخ الذي يجذب الطاقات المتعددة والقدرات المتفوقة.
لا نظام لدينا
ويشارك المفكر الاسلامي الدكتور علي جمعة عبدالوهاب من جمهورية مصر العربية موضحاً ان هجرة العقول من أرض الإسلام إلى غيرها ونجاحهم في الاستفادة منها سببة وجود النظام وشيوعه في تلك البلاد، ونقصد بالنظام هذا الجو العام والقواعد المقررة المستقرة والنسق المتكامل الذي يتيح للإنسان أن يعطي ما عنده من علم وجهاد.
وقال: وما دام لا نظام لدينا فلا عودة لهذه العقول إلينا حتى يشيع النظام ويتمكن من حياتنا.
أمر ذو شقين
كما تحدث فضيلة رئيس جمعية احياء التراث الاسلامي بالكويت الشيخ طارق العيسى فقال: ان التاريخ يشهد بتفوق العرب والمسلمين في مختلف مجالات العلوم اذا ما هيئت لهم ظروف العمل والابداع، وما وجود الأسماء الكثيرة التي نبغت من أبناء المسلمين في مختلف التخصصات والأبحاث العالمية والأدبية في بلاد الغرب والتي أصبحت وللأسف سلاحاً في يد أعداء المسلمين ليس إلا اثبات لهذا الأمر وهو أن العرب والمسلمين هم أقدر الناس على التعلم والابداع والنبوغ في مختلف مجالات العلوم فهم كالبذرة الطيبة التي متى صادفت أرضاً خصبة وظروفاً مناسبة أنبتت وأيعنت وآتت أكلاً طيباً.
ويرى الشيخ طارق العيسى ان تحقيق الاستغلال الأمثل لهذه الطاقات والموارد البشرية لخدمة الإسلام والمسلمين هو أمر ذو شقين أولهما المتعلق بأبناء المسلمين من العلماء والباحثين وأصحاب الاختراعات لضرورة اثبات عقيدة الولاء والبراء من خلال ما يقومون به من اعمال مما يستوجب تقديم وتفضيل دول الإسلام على غيرها في تحقيق الفائدة من بحوثهم ونتاجهم العلمي.
كذلك من الواجب عليهم النظر في فتاوى علماء الإسلام فيما يتعلق بالهجرة إلى الدول الكافرة والعمل بها وما يجب عليهم اتخاذه من تدابير في هذا الشأن.
أما الشق الآخر فيقول عنه الشيخ العيسى إنه يتعلق بالدول الإسلامية، وانه من الواجب عليها تحقيق وتهيئة الظروف المناسبة لتشجيع العلماء والباحثين من أبناء المسلمين على البقاء والعمل بكل جد واخلاص وايجاد كل ما يكن من الحوافز بما يمنعهم من الهجرة والعمل في دول الغرب.
ويعتقد العيسى ان أي عالم أو باحث مسلم متى ما تهيأت له الفرصة المناسبة والبيئة الصالحة للعمل في أي أرض اسلامية فإنه لن يفضل ابداً عليها دولة من دول الغرب.
وقال: ولا شك اننا ومتى ما حققنا هذين الشرطين سنرى نهضة اسلامية علمية في مختلف المجالات يقودها علماء وباحثون من أبناء المسلمين.
واقترح رئيس جمعية احياء التراث الإسلامي بالكويت انشاء رابطة اسلامية عالمية تضم العلماء والباحثين المتميزين من أبناء المملكة، والذين لهم أعمال متميزة واختراعات مسجلة كخطوة أولى، لتشجيعهم وان كانت بقيادة المملكة العربية السعودية فستكون محل قبول الجميع,>من وحي المنبر
|
|
|