الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:فإن مما يندى له الجبين اكتظاظ الاسواق بالنساء والرجال ليالي العشر الأواخر لشهر رمضان المبارك وهذا الزحام يحتم مضاعفة الجهد للعمل بهذه الاسواق حيث تكثر للاسف الشديد الممارسات الشاذة التي يجب ان يترفع عنها كل مسلم ومسلمة دوما، وهي المعاكسات وربط العلاقات المحرمة والتعرض لمحارم المسلمين بالاذى, إن هذه الممارسات لو نظر لها كل شاب وفتاة بمنظور الشرع والعقل لنبذها وترفع عنها وتنزه عن قذارتها فأقل ما يقال فيها أنها تعد على حدود الله وانتهاك لحرماته في ليال تسكب فيها العبرات وتنكسر فيها القلوب بين يدي علاّم الغيوب وتلهج فيها ألسنة المصلين بسؤال الله العتق من النار وهؤلاء السفهاء من رجال ونساء يستجلبون الرق للنار لذا فإنني أدعو كل مسلم ومسلمة يبلغه هذا الكلام ان يقبل على الله ويستغل هذه الليالي المباركة بما ينفعه في دينه ودنياه، ولا اعظم من مناجاة الله تعالى ففيها من اللذة والسرور ما لا يحصل عليه العاشق مع معشوقته كما ذكر ذلك ابن القيم رحمه الله, وإن رجال الحسبة ليستشعرون هذه الليالي ويضاعفون فيها الجهد ويبذلون اوقاتهم الثمينة للقيام بهذه الشعيرة أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر سائلين الله عز وجل ان يكتبهم من القائمين في هذه الليالي المباركة حيث حرموا من قيامها بسبب اشتغالهم بالاحتساب على الناس ومن فضل الله تعالى على هؤلاء (الأمة التي نسأل الله تعالى ان يجعلهم من المفلحين) أخذاً من قوله تعالى: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير,,) الآية، إن الشرع المطهر قد قرر أن النفع المتعدي أفضل وأحب الى الله من النفع القاصر ومما لاشك فيه ان الاحتساب نفعه متعد وقيام الليل نفعه قاصر وهذه بشرى تزف لكل محتسب بل تشد من أزره وتدفعه الى مزيد من البذل والعطاء مستصحباً في ذلك إخلاصه لله تعالى واتباعه لسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم فقد يبلغ المحتسب باحتسابه منزلة القائم القانت متى اكتملت الشروط وانتهت الموانع وقد قرر أهل العلم في هذه البلاد المباركة أن عمل المحتسب في الأسواق والاماكن العامة خير له من قيام الليل وأداء العمرة لذا فإن على المحتسب أن يستشعر هذه المعاني ويحذر من تلبيس الشيطان الذي ينقله من الفاضل الى المفضول, وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
*رئيس مركز هيئة حي الملك فهد