الحمد لله والصلاة والسلام على خاتم النبيين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
جميل جداً ان يستشعر الانسان ذكراً كان أو أنثى شاباً أو شابة عظم الوقت وأهميته وأن كل دقيقة أو ساعة تمر عليه فهي تنقضي من عمره وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لن تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه) وقال صلى الله عليه وسلم: (اغتنم خمساً قبل خمس حياتك قبل موتك وصحتك قبل سقمك وشبابك قبل هرمك وفراغك قبل شغلك وغناك قبل فقرك),, فهذان الحديثان العظيمان بين فيهما الرسول صلى الله عليه وسلم أن العبد مسئول ومحاسب عن جميع هذه النعم والذي يهمنا هنا نعمة الصحة والقوة ونعمة الوقت والفراغ فالشخص مهما كان لا بد وأن يستغل ذلك بما يعود عليه بالنفع في دينه ودنياه بما أحل الله وإن كان دقيقة أو ساعة تمر فأنت محاسب عليها إن خيراً فخير وإن شراً فشر والعياذ بالله فما بالك أيها الاخ الكريم ان يكون هذا الوقت في شهر كريم شهر المغفرة والرضوان شهر تضاعف فيه الحسنات شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار.
كل هذا وأتعجب كل العجب من أولئك الاشخاص الذين يضيعون أوقاتهم بما لا ينفع بل والعياذ بالله قد يكون شراً ووبالا عليهم بالتسكع في الأسواق، أشر البقاع وأبغضها الى الله لما فيه من الشرور والفتن والدوران فيها من غير حاجة فبعض الشباب أهدر وقته في هذه العشر المباركة وأطلق العنان لهواه وشر نفسه فدخل الاسواق من غير حاجة او لغرض المعاكسة وتصيد محارم المسلمين فوقت هذا شر ووبال عليه ولن يفلت من عقاب الله من جهتين الأولى تضييعه حق الصحة والفراغ والثانية تصيد محارم المسلمين ولن يفلت من جزائه سواء في الدنيا أو الآخرة إلا ان يتوب وهل يضمن أحد ألا يفاجئه الموت قبل ان يتوب.
وإن من المؤسف حقا ما يشاهد على كثير من النساء هداهن الله من بقائهن في الأسواق مدة طويلة وتنقلهن بينها ومن محل لآخر من غير حاجة او ضرورة بل لمجرد الفرجة وتضييع الوقت الذي يعتبر من أعمارهن وخصوصاً في هذه العشر المباركات ولسوف يسألن عن هذا العمر.
فالواجب على المرأة ان تستفيد من وقتها بما يعود عليها بالنفع والفائدة لها ولأهل بيتها وترك هذا الأمر الخطير على دينها وعرضها وبيتها وتغتنم الوقت بما يفيدها، وبعض النساء قد يأثمن بدخولهن الأسواق من جهات الاولى: أنها قد دخلت من غير حاجة أو ضرورة ملحة، والثانية: أنها قد تأتي الى السوق ولم تستأذن وليها، الثالثة: أنها قد تأتي الى السوق مع السائق من غير محرم، وهذه هداها الله قد عرضت نفسها للخطر وتنقلت بين المحلات من غير محرم وحادثت الرجل الأجنبي وجرأت المغرضين لمعاكستها، والرابعة: أن بعضهن هداهن الله قد يتساهلن في الحجاب بأن يكون النقاب واسع الفتحتين بحيث يظهر الحواجب وشيئا من الجبهة وأعلى الخدين ويظهر جزءاً من الشعر وبعضهن يلبسن الغطاء الخفيف الشفاف واللباس المشقوق ويلبسن العباءة على الكتف ويحسبن أنهن تحجبن وأرضين الله ولم يعلمن ان الحجاب عبادة وهو للستر وليس للزينة وكذلك خروجهن متعطرات وكل ذلك قد تكلم العلماء حفظهم الله وبينوا حكم الشرع بعدم جواز ذلك وإثم من فعل ذلك استنادا لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (صنفان من أهل النار لم أرهما وذكر نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمت البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ) فيا من أضاع وقته وهو في أمس الحاجة اليه في هذه العشر المباركة عشر العتق من النيران التي إذا دخلت اجتهد فيها الرسول صلى الله عليه وسلم وخصها بما لا يخص سائر هذا الشهر، فشد المئزر وأيقظ أهله وقام لياليها واعتكف في المسجد وفيها ليلة من صادفها قائما بواجباتها فكأنما قام ألف شهر كلها عبادة, فلماذا هذا الإهدار لهذا الوقت النفيس؟ أنحن مستغنون عن هذا الأجر العظيم ام مستغنون عن المغفرة والرضوان والعتق من النيران ودخول الجنة؟ أنضمن ان نعيش الى رمضان آخر ونستغله استغلالا كاملا؟ أنستكثر على أنفسنا الخير؟ فيا للعجب!
فالواجب على المسلم ان ينتبه لوقته ولا يقضيه الا بما ينفعه وخصوصا في هذا الشهر الكريم وهذه العشر المباركة.
وقد قال الشاعر:
يا الذي ما كفاه في رجب حتى عصى ربه في شهر شعبان لقد أظلك شهر الصوم بعدهما فلا تصيره إلى شهر عصيان واتل القرآن وسبح فيه مجتهدا فإنه شهر تسبيح وقرآن كم كنت تعرف ممن صام في سلف من بين أهل وجيران وإخوان أفناهم الموت واستبقاك بعدهم حيا فما أقرب القاصي من الداني |
وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (رغم أنفه رغم أنفه رغم أنفه قلنا من يا رسول الله؟ فقال: من أدركه رمضان ولم يدخله الجنة).
فأسأل الله للجميع الهداية والثبات والتوفيق في الدنيا والآخرة.
سعود بن محمد الرشود
رئيس مركز هيئة ظهرة البديعة