تجربة,,, ورأي د, غازي القصيبي |
إن اقتناعي بأن تذوق الشعر عملية عفوية شخصية ولّد لدي نفوراً من الشعر الذي لا يُفهم,, إنني مع الذي قال: (لم لا تقول ما يُفهم) ضد الذي أجاب: (لم لا تفهم ما يُقال),, يذهب عدد من الشعراء الحديثين إلى أن قراءة القصيدة ليست تسلية أو متعة ولكنها مغامرة فكرية شاقة، يقول هؤلاء ان القصيدة لا تكشف عن نفسها ولا تفتح مغاليقها إلا لأولئك الذين يجابهونها بعزم وإصرار ويقضون الساعات في استجلاء اسرارها، انني لا أؤيد هذا الرأي فالقصيدة ليست أحجية أو لغزاً أو شفرة,, إنني على استعداد لأن اصارع قصيدة ما زمناً طويلاً لأعثر في النهاية على مقصد الشاعر ان كان له مقصد!!
على ان مشكلة الغموض في الشعر لا تزعجني، إنني اعتقد أنه لابد من وجود حدّ أدنى من الألفة النفسية والفكرية واللغوية بين الشاعر والقارئ ليستطيع الثاني ان يتذوق شعر الأول، إن الغموض قد لا يكون عيباً في القصيدة أو عيبا في القارئ ولكنه نتيجة لانعدام الحدّ الأدنى، إن عجزي عن فهم اثنين يتحدثان بالفرنسية ليس طعنا في الفرنسية ولا في قدراتي العقلية ولكنه نتيجة طبيعية لعدم المامي بالفرنسية، إننا لا نستطيع ان نشرح الفرق بين اللون الأصفر واللون الأخضر للمصابين بعمى الألوان ولا نستطيع التقاط إذاعة معينة إذا كان مذياعنا لا يحتوي على ذبذبة هذه الاذاعة والأمر نفسه يصدق بالنسبة للشعر، انني أقرأ ما أتذوق وأهمل ما لا أتذوق، مدركا ان العملية تتعلق بذوق يختلف من شخص لآخر، إنني لا اتهم أحداً بالغباء لأنني لا أفهم شعره وأرفض ان يتهمني أحد بالغباء لأنني عجزت عن تذوق قصيدة ما.
|
|
|