المناسبات الرمضانية د, محمد بن سعد الشويعر |
في شهور السنة تأتي مناسبات وتمر بالناس فيها مواقف، ولكن لشهر رمضان وقع في النفس لذيذ ونكهة متميزة لا يحس بها الا من سبر غورها وحرص على تذوق طعمها، فعلاوة على كونه شهر عبادة فهو خير وبركة,, ومناسبات رمضان تقترن بروحانيات هذا الشهر ويعين على اثرها ثم ثبوتها في النفس ان من فضل الله على الانسان انه مُعان على الاداء في هذا الشهر الكريم بأمور عديدة:
معان بنفسه، لأن مسببات النشاط في رمضان مهيأة حيث ثبّط الشياطين عن الاغواء والوسوسة فضعف عملهم، لما للصوم من اثر في هذا بتضييق المجاري في الجسم على الشيطان الذي اخبر صلى الله عليه وسلم انه يجري من ابن آدم مجرى الدم ولان مردة الشياطين تُغلُّ من اول يوم من ايام رمضان.
ومن هنا يدرك المرء في نفسه سرَّ النشاط على العمل وحب العبادات خلال ايام رمضان حيث يكون لذلك لذة خاصة وطعم لا يدرك كنهه الا من ارتبط وجدانيا بالعبادات محتسبا من الله الاجر في هذه الايام المفضلة كما اخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله الكريم: من صام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ,, فقرن رسول الله صلى الله عليه وسلم الصيام والقيام بحالتين مهمّتين؛ الايمان: وهو التصديق بالقلب والعمل بالجوارح، والاحتساب: وهو ان يقصد الانسان بعمله وجه الله سبحانه وطلب ثوابه استجابة واخلاصا.
ومعان في مجتمعه: حيث يجد كل من حوله قد اعطوا رمضان جهدا متميزا واجتهادا في العمل وتسابقا في الخيرات لما عرفوا من فضائل هذا الشهر وما هيأ الله فيه من مناسبات يتسارع الناس لاغتنامها تسابقا الى الاجر ومزاحمة في تقديم ما ينفع اخوانهم المحتاجين كل واحدة او واحد: انثى او ذكر: بقدر استطاعتهم: كلمة طيبة او دعوة الى الخير او اطعام الصائم بقدر ما يفطر عليه او صدقة يمد بها المحتاج او زكاة من المال الذي افاء الله به عليك أيها المسلم، تتلمس اصحابه المستحقين وهم الثمانية الذين ذكرهم الله في سورة التوبة، فتعطيهم من مال الله الذي اعطاك: سخية به اليد طيبة به النفس,, بدون منٍّ ولا أذى,, ويكون ذلك طوال شهر رمضان الذي يشعر معه المسلمون ببروز التكافل الاجتماعي والاهتمام بأحوال الآخرين ودراسة احوالهم براحة نفس وحسن استجابة لأن للاحسان فيه منزلة عند الله عظيمة.
وهذا التكافل يتم بصور متعددة من حيث الملبس والمظهر ومن حيث المطعم والمشرب، يتميز بها هذا الشهر دون شهور السنة اذ الكفارات لمن واقع اهله في نهار رمضان او لمن لم يقدر على الصوم بسبب الكبر او مرض لا يرجى برؤه أو للحامل والمرضع اذا خافتا على وليدهما ولم تصوما او لمن ادركه رمضان اخر ولم يقض السابق بدون عذر وغير ذلك,, كلها كفارات تعود نتائجها على الفقراء الذين جعل الله هذه المناسبات حقا لهم عند الآخرين,, ورزقا يقدمونه لهم بقناعة ورضا مع حسن الاستجابة والمبادرة.
وتأتي مناسبات اخرى في هذا الشهر تظهر طبيعة التكافل الاجتماعي في هذا الشهر برغبة من الباذل عندما رغب رسول الله صلى الله عليه وسلم في تفطير الصائم ولو على مذقة لبن او جرعة ماء أو تمرة، وما في ذلك من اجر دون ان ينقص من اجر الصائم شيء حيث يتبارى الناس في ذلك في البيوت والمساجد فلا يشعر المسافر بالغربة ولا تضيق الحال بالغريب والاعزب لان اخوانه المسلمين يتدافعون في هذا الميدان ويزيدون في تجهيز الطعام بوجباته المتكاملة عشاءً لهذا الصائم الذي تهيأ له الافطار وثنّي بالعشاء ولا مثيل لهذا العمل في اي موقع على الارض الا في المجتمع الاسلامي صغر أو كبر، حيث عودتهم تعاليم الاسلام على هذا العمل منذ النشأة واهتموا به رغبة في الاجر من الله وهي تعاليم تقوّي النفوس وتربي الاجيال على المنهج النبوي الذي رسمه محمد صلى الله عليه وسلم لأمته وكلما قوي الايمان في قلوبهم: جيلا بعد اجيال زادت الرغبة في هذا العمل وتوطنت النفوس عليه.
والذي يقلّب صفحات التاريخ يرى ان شهر رمضان المبارك اقترن بمناسبات عديدة فيها عز لدين الله ورفع لمكانة الاسلام، وقد مرّ بنا في حديث سابق ما جاء في حديث رواه واثلة بن الاسفع رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال: أنزلت صحف إبراهيم في اول ليلة من رمضان وأنزلت التوراة لستٍّ مضين من رمضان والانجيل لثلاث عشرة ليلة خلت من رمضان، وأنزل القرآن لاربع وعشرين خلت من رمضان رواه ابن مردويه في تفسيره عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما,, كما جاء ان القرآن أنزل جملةً من بيت العزّة الى السماء الدنيا، ثم أنزل على رسول الله منجّماً.
وهذا يعطينا دلالة على امور منها فضل القرآن على جميع الكتب وانه ناسخ لها ولا يصح التعبد بغيره حيث روي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في يد عمر بن الخطاب رضي الله عنه صحيفة من التوراة فبان الغضب في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: أفي شكٍّ مما جئت به يا ابن الخطاب والله لو كان موسى حيّاً لما وسعه الا اتّباعي,, فرمى بها عمر.
وفضل العشر الاواخر من شهر رمضان، لأن القرآن أُنزل فيها وهي من مناسبات العبادة والاعتكاف، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا دخلت العشر يشدُّ المئزر ويوقظ اهله ويعتكف لكي يختم الشهر بالعبادة المتواصلة، اغتناما للوقت وحبا في زيادة الخير لما يعتق الله فيه من الصائمين من النار وفي آخر الشهر يعتق الله اضعاف ما اعتق في الشهر كله رحمة منه سبحانه وتفضلا على عباده، فيحسن بكل فرد منا ان يغتنم ما تبقى من الشهر ليختمه بجهد طيب وعمل صادق، لأن الاجير لا يعطى أجرته الا مع نهاية عمله.
وان ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر في العشر الاواخر منه حيث قال صلى الله عليه وسلم: التمسوها في العشر الاخيرة وجاءت احاديث انها في الإفراد منه,, ويقول ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية بعدما اورد الحديث عن نزول القرآن: لأربع وعشرين خلت من رمضان ,, وفي تفسيره أيضاً القول: ولهذا ذهب جماعة من الصحابة والتابعين الى ان ليلة القدر ليلة اربع وعشرين وقد ورد في هذا حديث اخرجه البخاري في صحيحه عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: التمسوها في اربع وعشرين .
ويرى بعض العلماء ان من اهتمّ وحرص على القيام ليالي العشر الاخيرة كلها ادرك ليلة القدر وهذا احوط وأرجى للخلاف في تحديد الليلة التي ترد فيها ليلة القدر حتى ان بعض العلماء يرى,, أنها قد لا تكون ثابتة في ليلة بعينها في جميع السنين فتكون في بعض الاعوام غير ماهي فيه في الليالي الاخرى ولله الحكمة البالغة,, كما ان من الحكمة البالغة ان أُنسي الرسول الكريم عنها عندما اراد تبليغ اصحابه ولكنه رأى رحلته تشاجر به.
ولعلّ هذا من اسرار حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعض صحابته الكرام على الاجتهاد في العبادة ومضاعفتها في العشر الاواخر طمعا في زيادة الاجر، ولعلهم يصادفون هذه الليلة الكبيرة في قدرها لأن من حُرِم اجرها فقد حُرِم واذا كان ثابتا بالنص الكريم من كتاب الله سبحانه بنزول القرآن في شهر رمضان، فإن المشهور عند المؤرخين ان النبي صلى الله عليه وسلم بعثه الله للأمة نبيا يبلغ رسالة ربه في شهر رمضان، حيث نزل عليه الوحي من السماء كما ذكره محمد بن اسحاق في السيرة ونصّ عليه عبيد بن عمير وغيرهما,, وهذه مناسبة كبيرة في الاسلام، لأنها تمثل البداية وقد اورد ابن كثير في البداية والنهاية استدلال ابن اسحاق بقوله: قال ابن اسحاق مستدلا على ذلك بما قال الله تعالى: شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس 185 البقرة فقيل في عشرة وروى الواقدي بسنده عن أبي جعفر الباقر انه قال: كان ابتداء الوحي الى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان، وقيل في الرابع والعشرين منه البداية والنهاية 3:10 .
ويأتي في المناسبات الرمضانية: ان الله جلّت قدرته فرض صيام رمضان على أمة محمد في السنة الثانية من الهجرة النبوية, قال ابن جرير: وفي هذه السنة فرض صيام شهر رمضان وقد قيل انه فرض في شعبان منها ثم حُكي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم عنه: فقالوا: هذا يوم نجّى الله فيه موسى فقال: نحن احق بموسى منكم فصامه وامر الناس بصيامه,, قالت عائشة رضي الله عنها: كان عاشوراء يصام فلما نزل الامر بصيام رمضان كان من شاء صام ومن شاء افطر واطعم، ثم لما نزلت الآية بعدها كان الصيام لزاما الا من عذر او سفر, ثم جاءت مناسبة اخرى في رمضان العام الثاني من الهجرة اقترنت بفريضة شهر رمضان هي زكاة الفطر التي قال فيها ابن جرير: وفي هذه السنة أُمِر الناس بزكاة الفطر، وقد قيل ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس قبل الفطر بيوم - او يومين - وامرهم بذلك: فكانت التشريعات التي عملها رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجه أمته إليها في السنة الثانية من الهجرة مقترنة بالصيام الذي كان اول رمضان يصام في الاسلام في السنة الثانية من الهجرة وهذه من المناسبات الرمضانية,, وقد ختم صيام رمضان رسول الله صلى الله عليه وسلم بمناسبة ذات اهمية في تاريخ الاسلام هي صلاة العيد وخطبتها التي أمر بها لتكون ثابتة في تشريعات الله لهم، حيث ابدل الله المسلمين بعيدي الفطر والاضحى عوضا عن اعياد المشركين, قال ابن جرير: وفي السنة الثانية من الهجرة قيل ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس وصلى صلاة العيد وخرج بالناس الى المصلى، فكانت اول صلاة عيد صلّاها وخرجوا بين يديه بالحربة وكانت للزبير وهبها له النجاشي فكانت تحمل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاعياد.
وما يسرُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يرتاح له كل مسلم، فقد تزوج الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام في رمضان في مناسبة كريمة زينب بنت خزيمة بن الحارث الهلالية في السنة الرابعة من الهجرة ودخل بها في رمضان ايضا، وقيل لم تلبث عنده الا شهرين او ثلاثة حتى توفيت رضي الله عنها.
ولما كانت وقعة الاحزاب التي تعتبر نصرا للاسلام والمسلمين في شوال سنة خمس من الهجرة، فإن هذه الغزوة قد سبقها تواعد من المشركين وحياكة للمؤامرة على الرغبة في استئصال شأفة المسلمين في المدينة ولكن مكرهم كان مردودا عليهم، فكانت عجائب قدرة الله لهم بالمرصاد فسلط الله على الاحزاب الذين جاءوا من فوق ومن تحت حتى زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر وظنوا بالله الظنون ريحا كفأت قدورهم وشتّتت شملهم فولوا مدبرين وسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكائدهم بفضل الله وتأييده.
ويبدأ من مناسبات الجهاد ضد المشركين في رمضان كما قال الواقدي: ان عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم أول لواءٍ للجهاد في سبعة اشهر مهاجرة عليه الصلاة والسلام لعمّه حمزة بن عبدالمطلب بلواء ابيض في ثلاثين رجلا من المهاجرين لكي يعترضوا عيرات قريش، فلقي حمزة أبا جهل في ثلاثمائة رجل من قريش ولم يكن بينهم قتال لكن قريشاً بدأت تخاف على تجارتها واموالها من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ان اصبح في المدينة: دار المنعة والجوار.
وزادت بعد ذلك مكانة الجهاد في سبيل الله ومجابهة المشركين حيث كان في يوم سبعة عشر 17 من رمضان المبارك وقعة بدر الكبرى، هذه الغزوة التي أعزّ الله فيها الاسلام ونصر رسوله على المشركين وأعلى سبحانه راية دينه فغلبت الفئة المؤمنة القليلة الفئة الكافرة الكثيرة حيث قُتل صناديد الكفر وأُسِر منهم عدد كثير وغنم رسول الله صلى الله عليه وسلم اموالا كثيرة بالفداء من المأسورين وبالغنائم.
وقد توسع ابن هشام في السيرة النبوية وابن كثير في كتابه البداية والنهاية في ذكر تفاصيل هذه المعركة الفاصلة بين الشرك والاسلام، بين جيش المشركين الذين جاءوا بخيلهم وخيلائهم وعددهم الكثير وعتادهم وبين جيش المسلمين الذين لم يقصدوا قتالا، وبعددهم القليل,, ثم ما حصل في هذه المعركة من المعجزات الربانية فكانت من المعارك الفاصلة في شهر رمضان ومن المناسبات الكبرى في شهر رمضان ايضا التي رفع الله بها قدر الاسلام وأعلى سبحانه كلمته ونصر جنده.
وقد كان من اكبر المناسبات وأمكنها في اتساع رقعة الاسلام وتمكينه في قلوب ابناء الجزيرة حيث دخلوا بعدها في دين الله افواجا، مناسبة حصلت في شهر رمضان في السنة الثامنة من الهجرة، تلك هي فتح مكة المكرمة على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم وتطهيرها من المشركين والقضاء على اصنامهم العديدة المحيطة بالكعبة المشرفة، وقد جعل الله سبب ذلك: قتالا دار بين قبيلتي بني بكر بن عبد مناة بن كنانة وخزاعة حيث عدت الاولى على الثانية على ماءٍ لهم بأسفل مكة يسمى الوتير وكانت خزاعة في جوار رسول الله وبنو بكر في جوار قريش وقد اخفى رسول الله وجهته في اول الامر عن الناس حتى لا يصل الخبر الى قريش,, ثم دخل الرسول الكريم مكة عنوة، وقد افاض ابن هشام في كتابه السيرة النبوية في تفاصيل فتح مكة حيث كان ذلك الفتح نصرا مؤزرا، دخلت مكة بأهلها دين الله وطهرها الرسول الكريم من مظاهر الشرك.
وهكذا نجد رمضان يحفل في مروره الزماني بمناسبات اسلامية جيدة اذ كل معركة تتم فيه من الوقائع بين الشرك والاسلام تكون نصرا للاسلام، فصلاح الدين نصره الله على الصليبيين في رمضان والعرب اظهرهم الله على اليهود في العصر الحاضر في رمضان,, والوقائع الكثيرة شاهدة بما في ارتباط مناسبات رمضان من عزة ونصر للاسلام والمسلمين في كل عصر من عصور التاريخ مثلما ان مناسبة حلول رمضان في كل عام مناسبة ينتصر فيها الانسان على هواه وشيطانه اذا صبر واحتسب.
المخزومي والقضاء:
ذكر ابو حيان المعروف بوكيع في كتابه اخبار القضاة قال: حدّث صقر صاحب النجائب قال: والله إني لعند محمد بن سليمان يكلمني في امر النجائب اذ دخل عليه محمد بن منصور فقال: هذا عبدالرحمن المخزومي قال: أدخله، فأدخله وجلس فقال له محمد اني قد اردت ان ارفعك وأشرّفك، فقد وليتك القضاء قال: إني والله ما أُحسنه وما أصلح له فقال محمد: هذا كلام قد تعلّمتموه ولابد من ان تقولوه، انهض فإني غير معفيك فقال: اذن والله لأفتضحن فقال محمد: انظر منذرا على الباب: فقال: قد انصرف فقال: لو كان حاضرا لأمرته ان يأخذ بيدك فيقعدك في مقعدك فقال: إني أسالك بحق أبي ايوب إلا اعفيتني فقال: والله لا اعفيتك, فقام وانصرف فأتى أباه وكان شيخا سهلا سمحا فيه اخلاقه قريش يجلس على بابه فاذا حضر وقت غدائه دعا بخوانه فان كان عنده لحم اكل، والا اجتزى بما حضر فأكل ويأكل معه الرجل والرجلان من جلسائه، فأتاه ابنه فقال: يا أبه أرانا والله قد افتضحنا قال: وما ذاك يا بني نعوذ بالله من الفضيحة؟ قال: قد عزم هذا على توليتي القضاء، والله لئن ولّيته لأفتضحن قال: فهنأك الله ما ولاّك، ركبت البغلة الشهباء وتساندت الى الاسطوانة ووضعت احدى رجليك على الاخرى وقلت: قال ابو حنيفة وقال زُفَرُ، طلبا لهذا الامر، وقد بلغته فهنأك الله.
قال: يا أبه أنا اعلم بنفسي والله لئن وليت لافتضحنّ فقال: يا بني أعوذ بالله من الفضيحة والله ما قلت لك ما قلت الا مازحا، فأما اذا كان هذا منك الجد فسأبلغ جهدي ان شاء الله.
قال صقر: فوالله اني لعند محمد بن منصور وهو يلقى الباب بوجهه اذ قال: هذا المخزومي، فدخل عليه فقال: استأذن لي على الامير فقال: ان الامير يريد الدخول فقال: والله ان مؤنتي عليه لخفيفة فتذمم منه وقام فاستأذن له فأذن له، فقال: أصلح الله الامير ان لنا أنك وليت عبدالرحمن القضاء واني لأعلم انك لم ترد الا خيرا وقد حلف لي انه لا يضبط ما ولّيته ولئن تمّمت على رأيك فيه ليفتضحنّ فاني رأيت الا تهتك أستارنا فافعل، فقال: والله ما اردت الا تشريفكم ورفعكم فان كان رأيك ورأي ابنك فقد أعفيته, قال: فكَّر عليه والتزمه وقبّله,, واقام شيئا يسيرا, اخبار القضاة 2: 140-141 .
|
|
|