مَاذَا بَينَ :المُؤَجِّرِ ,, والمُستَأجِرِ؟ صالح بن سعد اللحيدان |
لعل مما قد يقع فيه بعض النزاع بين فئة من الناس هو أمر: الإجارة، فإن الناس في هذه الحياة لابد أن يتعاونوا ويقوم بعضهم بشأن بعض ذلك حتى تسير الحياة سيراً حسناً مبنياً على التعاون بالبر والتقوى.
والإجارة حالة من حالات كثيرة لا يكاد يستغني عنها أحد من: الخلق ولما كانت الأهواء والنيات والعادات تختلف من شخص إلى آخر، ولما كانت الدنيا مطلباً من المطالب الساعي إليها الإنسان جاداً إلى ذلك ما وسعه الجد إلا من شاء الله تعالى فإن الإجارة سبب كبير لحصول النزاع بين البعض، فقد يحصل خلاف لحقيقة الإجارة كيف تكون؟
أو يحصل نزاع بسبب العين المؤجرة كالبيت أو الأرض أو الزراعة أو الاسواق التجارية أو السيارات من أجل ذلك رأيتُ طرق هذه المسألة متجاوزاً الإطالة حتى يحيط من يقرأ هذا الكلام بشيء ينفعه بإذن الله تعالى في أمر المتاجرة التي منها الإجارة من باب واسع خاصة وقد رأيتُ الناس اليوم يشترون الأراضي لعمل ما ينفع الناس بها من: فلل، ودكاكين، وأسواق، ومستودعات ونحوها.
لكن هناك بعض الأمور التي لابد من بيانها حتى يقف الناس عليها قبل نظر المسألة:
أولاً : الأرض لابد أن تكون مملوكة ملكاً شرعياً بمعرفة مالكها أو وكيله الصحيح.
ثانياً : أن تكون الأرض أو العمارة,,, إلخ,, ذات صفة نهائية بالقطع فلا فيها نزاع بين جار وجار وأن يتفق الورثة على إجارتها إذا كانت لورثة.
ثالثاً : أن يعلم مالك الأرض أو العمارة ,,, إلخ,,, حقيقة المستأجر ومراد لئلا يقع هنا، الحرام، فيستغلها المستأجر، مثلا، لبيع الخمر أو ما هو محرم أو ما يكون وسيلة إلى ذلك وسيلة حقيقية.
رابعاً : أن لا يتصرف المالك بالعين المؤجرة إلا في حال ضرورة وبإذن من المستأجر إلا في حالات موجبة مثل: سقوط جدار، أوحريق، أو تسرب المياه لكن بعد إذن من الجهات الرسمية لنظر الحال على ما هي عليه، والمستأجر في هذه الحالات قد يكون غائباً في سفر ونحوه.
لكن في حال وجوده لابد من إتيان البيوت من: أبوابها.
خامساً : أن لا يتصرف المستأجر بالعين التي استأجرها إلا بعد موافقة المالك أو وكيله.
وإذا جئنا إلى هذه النقطة فإن المستأجر ليس مالكاً لكن له التصرف فيما يراه غير ضار بالعين بصورة من الصور.
وهنا ندخل في المراد في هذه المسألة المهمة فنقول: إن الإجارة على وزن فعالة وأصل اشتقاقها أنها من الأجر هكذا (أج ر) وهو: العوض بدل الانتفاع بالعين.
وأصل إباحة الإجارة أنها من المعاملات التي الأصل فيها: الجواز، إذ هي عقد شرعي صحيح على: عين يُنتفع بها معلومة مُباحة شرعاً حسب مدة معينة بوقت ابتداءً وانتهاءً.
وتكون الإجارة كذلك اتفاق بين شخص وآخر أو أشخاص للقيام بعمل ما مباح الصفة والذات بأجرة معلومة ولابد، لكن الإجارة لا تجوز إلا إذا توفرت هذه الأمور الضرورية فيها:
الأول : الوقوف على العين المراد تأجيرها من رؤية: من عاقل، بالغ، مميز، عالم بمثل هذا.
فيقف على الأرض، أو العمارة، أو السيارة وقوفاً ذاتياً، أو وكيله المعتبر شرعاً وتبطل,, الإجارة,, بالحيلة، والكذب، ومثل هذا من تم بينه وبين عامل عقد على عمل معين ومحدد لكن صاحب العمل لم يف بالعقد فزاد على العامل العمل المحدد أو جعل له عملاً لم ينص العقد عليه فهنا يبطل العقد إلا إذا رضي العامل بهذا أو ذاك دون حيلة أو إكراه، لكن ضابط هذا عدم تكليف العامل: مالا يطيق وزيادة الدفع له عند طلبه ذلك.
الثاني: لابد هنا من معرفة أمرين مهمين:
الأول: صلاحية العين شرعاً فلا تكون: وقفاً أو نحو هذا ما لم يعد نفع العين للوقف فلا بأس بهذا، أو ما نص عليه شرط الواقف حسب أمور الوقف الشرعية في مثل هذا.
الثاني: عدم جواز الإجارة لمن يتخذ العين وسيلة لحيلة ما كإخراج سجل تجاري مثلاً ثم يترك العين لصاحبها دون علمه.
الثالثة: الاتفاق بين الطرفين على الأجرة اتفاقاً ينص عليه العقد الصحيح لأن الأجرة هي النفع العائد لمالك العين ومن هذا فلا يجوز له زيادة ما نص عليه الاتفاق إلا بموجب شرعي ويقابله عدم جواز إحداث شيء ما في العين المؤجرة من قبل المستأجر إلا لحال ضرورة بنظر المالك أصلاً.
ومن هذا أقول بجواز التأجير المفضي إلى التملك فإن التأجير المفضي إلى التمليك ملك الدار أو الأرض أو السيارة أو البيت الأصل في هذا الجواز ما لم يخالف نصاً شرعياً أو قاعدة شرعية صحيحة: كالإضرار، والجهالة، والغبن، والحيلة، والربا.
الثالث: المقدرة التامة على تسليم العين لمن طلب الإجارة، فلا يجوز أن يُؤجر: بيتاً، أو أرضاً مرهونين إلا بوضوح تام لمثل هذا بشرطه.
ومثله تأجير المحجور فإن البيت,,, إلخ,, لا يجوز تأجيره إذا كان محجوراً على مالكه حجراً شرعياً ويطول اللوم من يقوم بهذا وهو: يعلم.
الرابع: انتفاء المانع فلا يجوز تأجير بيت لمن يستعمله لمحرم ما.
الخامس: معرفة حال المستأجر من: خلق وديانة وصلاح إن أمكن ذلك، لأنه قد يطول الجار أذى من مثل هذا.
ولاشك أن الأمانة والصدق وحسن الخلق في الحياة مهمة وهي مطالب ذات مطلب ملح أبداً لكنها فيما بين الناس الذين يتعامل بعضهم مع بعض أوجب وآكد، لأن المعاملة بين الخلق قد توجب كسب المال كمسألة الإجارة والبيع والشراء عموماً فلهذا كانت: الأمانة والصدق وحسن الخلق ونزيد قائلين: الورع هنا ألزم حتى لا يقع الأطراف في الكسب الحرام، وقليل الحرام يؤدي بكثير الحلال إلى التلف مثل ذلك مثل صندوق امتلأ بتفاح جيد بكر نظيف لكنه يوجد بينه تفاحة تالفة متعفنة فإنها خلال وقت يسير تعطب بجميع التفاح ما لم يتدارك مالك الصندوق ذلك فيخرج هذه التالفة.
والمال من الأمور التي تقع تحت دائرة الظلم إذا أخذ بغير حق شرعي، والحقوق حسب علمي هي:
1 الإرث.
2 التجارة.
3 الهبة/ ممن يملكها ملكاً شرعياً.
4 الجائزة المباحة على عمل مباح شرعاً.
5 التنازل عن: (الدين) بطواعية نفس.
6 الركاز وهو الكنز إذا أدى زكاته.
7 لقطة الضالة غير الابل.
8 تنازل بعض الورثة لأحدهم لسبب ما قد يكون: زواجاً، أو مرضاً، أو ديناً، والتنازل هذا ضابطه تمام: الرضاء من الوارث المتنازل.
9 (لقطة المال) الذي لا تتبعه همة اوسط الناس، إلا المال الكثير وما في معناه فهذا لابد من تعريفه عاماً كاملاً في مكانه الذي وجده فيه، وكذا وسائل الاعلام.
فإن جاء صاحبه ووضعه وضعاً تاماً فهو حقه يعطيه إياه.
وإن لم يأت أحد فالذي وجده مخير بين أمرين:
1 يتملكه إن كان مضطراً إليه.
2 يتصدق به إن كان غنياً عنه.
|
|
|