الحسد والأنانية يزاحمان الطموح في مجتمعنا عبدالعزيز بن محمد الزير |
لا يختلف عاقلان على أن الحسد الذي حرمه الله سبحانه وتعالى في قرآنه الكريم وبينه رسول الهدى عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم والأنانية يناقضان جملة وتفصيلاً ما يعرف بالطموح المطلوب من كل شخص للرقي بمستواه الفكري والعلمي والاجتماعي والمادي والنفسي من غير ضرر ولا ضرار، والذي غالبا ما ينمو مع الإنسان منذ الصغر في ظل ظروف وعوامل إيجابية يهيئها له مجتمعه الذي يعيش فيه ليصبح ذلك عالقا في ذهنه مؤملا الوصول الى هدف محدد منشود, والطموح الذي نحن بصدد الحديث عنه لا يقف عند مرحلة عمرية محددة وإنما يستمر مع الشخص العاقل إلى ما لا نهاية ليحس هذا الشخص أو ذاك بطعم الحياة حلوها ومرها من غير الولوج في عالم الكذب أو الكراهية أو الأنانية أو الحسد, وللطموح عدة أوجه نذكر منها على سبيل المثال: الطموح لأن يواصل الشخص دراسته للحصول على شهادات علمية عليا تؤهله لمنزلة وظيفية مناسبة وتكون له عوناً يعينه على خدمة دينه ومجتمعه وأهله ونفسه, والطموح لأن يصبح الشخص من خلال عمله أو موهبته عضواً فاعلاً في مجتمعه يفيد ويستفيد, والطموح أن يربي الشخص أبناءه على الخير والصلاح ليصبحوا أعضاء فاعلين في هذا المجتمع الطيب.
والطموح ان يكافح الشخص في عمله من اجل لقمة العيش الشريفة, والطموح أن يتقن الشخص عمله دون الركون إلى الكسل أو الإهمال, والطموح أن يحصل الخريج الحديث على وظيفة تناسب مؤهله العلمي في فترة زمنية وجيزة, والطموح أن يحظى خريج الثانوية على فرصة للالتحاق بأي جامعة سعودية مهما كان التخصص, والطموح أن يتم الاستفادة من اختراع شخص معين وتسجيله في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ويجد من يموله مادياً ويشجعه معنوياً خدمة لهذا المجتمع وأبنائه,والطموح أن يتزوج الرجل بزوجة صالحة تعينه على طاعة الله وتشاركه أفراحه وأتراحه, والطموح أن تزف المرأة لزوج صالح يقدر الحياة الزوجية, والطموح أن يصل الشخص بما يملك من وازع ديني وحنكة وعقل تجاري نظيف بتجارته إلى القمة, والطموح أن يسعد الشخص بفعله للخير وبما يقدمه لمن يستحق ذلك من أبناء هذا البلد، وهناك الكثير والكثير من ذلك في حياتنا والتي لا يتسع المجال لذكرها كاملة هنا, وعلى النقيض من ذلك ما نجده من مزاحمة لهذا الطموح بما يسمى بالأنانية أو الحسد من قبل فئة من الوصوليين أو محبي الكراسي المتحركة أو الجاه الزائف في محاولة منهم لطرده من اولويات وعقليات بعض الناس الطموحين بهدف ابقاء الفرصة لهم للبقاء على ما هم عليه مدة زمنية أطول يصولون ويجولون كيفما شاءوا, ولا يعلم هؤلاء المساكين أن الأرزاق والأقدار وحدها بيد الخالق سبحانه وتعالى.
من هنا أردت أن اوضح لقراء هذه الصحيفة بعضا من هذه السلوكيات المشبعة بالأنانية والحسد، والتي ربما يكون طرحها هنا وبشكل بسيط ومفهوم دافعا لتحول بعض من هذه الفئة أو أغلبها إلى عنصر ايجابي يحب الخير لأخيه المسلم كما يحبه لنفسه, وهذه السلوكيات او التصرفات أوجزها في النقاط التالية:
حسد وانانية بعض المدراء في أي قطاع حكومي أو شبه حكومي على مرؤوسيهم في العمل بحرمانهم من أبسط حقوقهم الوظيفية من ترقية أو تعديل وضع أو حتى تشجيع معنوي نظير ما يقدمونه في عملهم بقصد الإضرار بهم وإحباط معنوياتهم وطموحهم حتى لا يصلوا إلى كرسيهم أو مكانتهم الوظيفية.
حسد وأنانية بعض المدرسين لطلابهم بعدم شرح المنهج الدراسي لهم بالشكل المطلوب بهدف الاستفادة منهم ماديا عن طريق الدروس الخصوصية.
حسد وأنانية بعض المواطنين لمجتمعهم وأبنائه من خلال تسترهم الواضح والجلي على الوافدين مقابل أعطية يأخذونها نهاية كل شهر أو سنة، والشاهد على ذلك ما نراه من انتشار بائعي المساويك غير السعوديين في كل مكان ومنظفي السيارات المتجولين في الشوارع تحت انظار الجهات المسؤولة من دون سؤال أو تدقيق، اضافة إلى ما نراه وبشكل فيه من الاستهتار بأنظمة العمل والعمال والإقامة ما يسيء للمواطن الشريف، حيث نلاحظ افواجا من سيارات النقل التي تقودها عمالة ليست متخلفة في الإقامة ولكن متخلفة في العمل، حيث نجد أن هذا الوافد هو المالك الحقيقي للمؤسسة او الشركة أو البقالة أو الحلاق أو المطعم أو خياط الملابس الرجالية الوطنية وهو المتصرف في كل صغيرة أو كبيرة تتعلق بهذا والدليل على ذلك وجود ختم المؤسسة أو الشركة ودفاتر اتفاقيات العقود وغيرها معه، وأن هذا المواطن عديم الاحساس والوطنية هو الأجير لديه، ولا يعلم أنه لو قام على هذا العمل بنفسه لجنى من ورائه من المال والجاه أضعاف أضعاف ما يأخذه.
حسد وأنانية الأكثرية من ضعفاء النفوس بالمماطلة لدى شركات التقسيط أو عدم تسديد مبالغ مالية مستحقة عليهم لمن ساعدوهم وأنقذوهم من شدة أو ضائقة مالية ألمت بهم, مما يجعل هذا الشهم المسكين في وضع لا يحسد عليه مما يضطره في أغلب الأحوال لتسديد هذا المبلغ خوفا من الزج به في السجن، بذنب أنه وقف موقف الشهامة مع ذلك الشخص.
حسد وأنانية بعض الشركات الوطنية أو باسم وطني فقط مع وجود قلة قليلة من المواطنين السعوديين على وظائف دنيا، في العمل على تطفيش ابن البلد المتحمس الطموح من وظيفته عن طريق تقليل الراتب المستحق له أو إلزامه بدوام كامل خلال الأسبوع، وحرمانه من التمتع باجازة نظامية يكفلها له مكتب العمل والعمال.
حسد وأنانية بعض من لهم صلة بالتعليم العالي في وضع شرط التفرغ الكلي لراغبي الحصول على الدكتوراه من إحدى الجامعات السعودية، مع تيقنهم أن الغالبية من حملة الماجستير ربما لا تسمح لهم ظروفهم العملية بالتفرغ الكلي مما يحبط ذلك من معنوياتهم ويقتل طموحهم.
حسد وأنانية بعض الناس لمن هم بحاجة إلى السفر في وقت معين لقضاء عمل ملزم به أو رحلة علاجية ضرورية بعدم الابلاغ عن استخارتهم بعدم السفر في ذلك الوقت.
حسد وأنانية بعض المستفيدين من خدمات المكتبات الجامعية او المدرسية أو المتخصصة لبعض القراء وذلك بعدم إعادة الكتاب أو المادة المستعارة إلى المكتبة في الوقت المحدد، ليفوت بذلك الفرصة والفائدة على مستفيد آخر، كذلك قيام البعض منهم بتغيير مكان الكتاب على الرف إلى مكان آخر حتى يصعب مع ذلك الحصول عليه بيسر وسهولة والاستفادة منه.
حسد وأنانية الأكثرية من شركات الانتاج الفني الخاصة لبعض الوجوه الجديدة الطموحة بعدم اعطائهم الفرص المناسبة لهم لنمو مواهبهم وصقلها، والغالبية منهم ترفض اعطاءهم ما يستحقون من مكافآت نظير عملهم، بحجة أنه يكفيهم عن ذلك الظهور ككومبارس على شاشة التلفزيون.
ختاماً، أتمنى أن أكون قد وفقت في طرح هذه السلوكيات بالشكل الذي يرضى عنه كل قارئ كما أن في الجعبة المزيد ولكن لا يتسع المجال لذكرها كلها,,, والله ولي التوفيق,.
|
|
|