هل من مثنِّين؟ فوزية أبو خالد |
بما أن الصحافة: مجلات وجرائد تكاد تكون المنبر الوحيد الذي يتاح للمواطن من خلاله طرح بعض المطالب الوطنية والاحلام الحلال، لذا فإن هذا المنبر يظل - برغم تحفظات بعض رؤساء التحرير - هو المنبر الأكثر حيوية في تبليغ رأي المواطن لصاحب القرار.
غير انه نظراً لكثرة ما يطرح في الصحافة من آراء وقضايا وربما لعوامل اخرى لا مجال هنا لتقصّيها جميعاً، كثيراً ما تؤدي تلك الكثرة الى تبدد بعض الآراء رغم أهميتها او ضياع بعض الطروحات، رغم جدارتها بالحوار، خاصة اذا لم يتم الطرح بشكل مطلب محدد يتوجه الى جهة محددة، او اذا مرّ الموضوع او الرأي المطروح دون ان يتضح انه يعبر عن مطلب جمعي (ورأي عام وليس مجرد تعبير عن رأي كاتبه)، وعلى سبيل المثال لمثل هذا الموقف، أُشير الى ثلاثة اقتراحات هامة تم طرحها عبر صحافتنا المحلية خلال الاسابيع القريبة الماضية وأود في مقالي هذا ان اسجل تثنيتي على عموم ما جاء في كل منها، علّنا بفعل التثنية على الآراء النيرة فيها نمارس تقليداً حميداً في التأكيد على ما نراه مطالب وطنية وآراء طيبة إذ ان تعدد الاقلام واشتراكها في الكتابة عن موضوع ما او ابانة الرأي فيه عدا عن كونه يظهر الصورة الجمعية للمطلب او الرأي ويسهم في جعله مسموعاً او مقروءاً من قبل المعنيين، فإنه أيضاً يجوهر الرأي ويطور اشكالاً متعددة لكيفية تبنّيه.
* * *
الاقتراح او الرأي الأول جاء بقلم الدكتور تركي الحمد بمجلة (الاعلام) المتميزة 1/8/1420ه ففي ذلك العدد وتحت عنوان اليتيمة وان كان عنواناً غير موفق في رأيي، طرح د, حمد طرحاً موفقاً واحداً من أهم المطالب الوطنية الملحة للحركة الثقافية وللمجتمع وقد جاء هذا المطلب في شقين يكمل كلٌّ منهما الآخر.
الشق الأول من المطلب يقترح انشاء مؤسسة ثقافية رسمية تضطلع بمهمة دعم العمل الثقافي فكراً وإبداعاً عن طريق ايجاد البنية الاساسية - اذا جاز التعبير - لصناعة الثقافة من صناعة الكتاب، وهي من القضايا التي تقضُّ مضجع الكتّاب مما اثارته مجلة اليمامة في وقت لاحق الى ايجاد الصيغ القانونية الضرورية لحقوق الكتّاب من حقوق الملكية الفكرية وما إليه.
الشق الثاني من المطلب هو ايجاد كيان اهلي او مدني يلمُّ شتات الكتّاب والمفكرين والمبدعين في لحمة ثقافية تتيح لهم التفاعل العلني والحوار الواضح الصريح في شؤون وشجون الثقافة وقد طرح الزميل هذا الشق من عموم المطلب الثنائي الملح في صيغة سؤال بسيط ومشروع والسؤال هو: ما المانع ان يكون هناك نوع من الاتحاد او الجمعية او الرابطة لمثقفي المملكة؟
ان أخذ هذا الاقتراح بعين الاعتبار امر ضروري إذ إن العمل على ايجاد مثل هذه المؤسسات كما وردت في المقترح يعمق انتماء الكاتب الى وطن والى ارضية مهنية رحبة بما يساعد على دعمه مادياً ومعنوياً، وهذا المطلب ليس من قبيل المطالبة بقطعة من كعكة النفط بأثر رجعي ولكنه بعض حقوق الثقافة في عنق المجتمع، أما الاهم فلأن وجود مثل هذه المؤسسات الثقافية الرسمية والمدنية يشكل نوعاً من التواصل المؤسسي والتفاعل المثمر والدائم بين الدولة والمجتمع.
* * *
الاقتراح او الرأي الثاني قامت بطرحه الاستاذة المبدعة شريفة الشملان بعدد اليمامة الاسبوع الماضي وفيه طرحت اقتراحاً عملياً وهو ضرورة المطالبة للكفاءات الوطنية بفرصة العمل في المنظمات الدولية من خلال المطالبة بحصة المملكة في الوظائف التي تطرحها تلك المنظمات للدول الاعضاء فيها مثل منظمة اليونسكو/ الفاو/ اليونسيف/ الأوبك او سواها، وهو اقتراح أُثنَّي عليه لأهميته فهو عدا عن انه يعطينا كدولة دوراً في هذه المنظمات غير دور الممول فهو أيضاً ضمان لبضع وظائف للمواطنين لا لتفك ضائقة بطالة الشباب ولكن لتكسب المواطن خبرات جديدة في مجال عمل المنظمات الدولية.
* * *
الاقتراح او الرأي الثالث وإن لم يقدم بصيغة اقتراح محدد: هو ما طرحته ورقة العمل التي قدمها الزميل داود الشريان (قومه الله بالسلامة لمتابعي مشاغبات قلمه المشرطية الفظة) لقد جاء في ورقة العمل تلك اشارة مدروسة وذكية الى ذلك الدور الملتبس الذي تمارسه الصحافة على حساب دورها المهني من جراء عدم استقلالية العلاقة بين الصحافة وبين نظام الاتصال الحكومي وهو رأي أتمنى على مجلس الشورى أن يأخذه في الاعتبار كواحد من الاعتبارات الاساسية في مناقشة المجلس الموقر لنظام المؤسسات الصحفية.
كما نتمنى على مجلس الشورى أيضاً ان يضم جميع اوراق العمل الأخرى التي قدمت في ندوة معهد الادارة الصحافة والادارة الحكومية وما اعقبها من اقتراحات وآراء لتكون ضمن حيثيات دراسته ومناقشاته نحو صياغة النظام الجديد للمؤسسات الصحفية.
هذه كانت الاقتراحات التي اردت ان أُثني عليها وآمل فتح باب الحوار فيها وفي غيرها من الآراء الهادفة الى تطوير وطننا,, ولله الأمر من قبل ومن بعد.
|
|
|