ضوء سيناريو عبدالعزيز الصقعبي |
نتفق جميعا ان كتابة السيناريو تعد عملا خاصا لا يقرؤه الا ذوي العلاقة بالدراما، ولكن من خلال السيناريو وبعد تنفيذه يصل الى شريحة كبرى من المشاهدين وهنا تكمن اهميته، وكتابة السيناريو فن يقترب كثيرا من كتابة القصة والرواية ان لم يتداخل معه، وهو فن يعتمد على الصنعة كثيرا، ويحتاج كاتب السيناريو الى افق واسع لتخيل الحدث والمشهد بتفاصيله الصغيرة اضافة الى الحوار وكل ماله علاقة بتجسيد حادثة معينة امام اعين المشاهدين، هنا في المملكة لم يعرف بعد اي كاتب يمارس هذه الصنعة، وهذا لا يعني ان فن كتابة السيناريو صعب او غريب عن فنون السرد الاخرى فهنالك كثير من الكتاب والروائيين برعوا في كتابة السيناريو الى درجة ان بعضهم جعلها وسيلة لجلب المال وبالذات حينما يتعلق الامر بكتابة سيناريو لعمل سينمائي وحتما شاهدنا اعمالا كثيرة ورد فيها اسم نجيب محفوظ ليس صاحب القصة او الرواية بل ككاتب للسيناريو، وهنالك بعض الكتاب العالميين عرفوا ككتاب للسيناريو قبل ان يعرفوا كروائيين او مسرحيين او كتاب قصة منهم كمثال باتريك زوسكيند صاحب رواية العطر الشهيرة، والقارىء لتلك الرواية يلمس ذلك الوصف لبعض الاحداث التي تشبه الى حد كبير لقطة سينمائية، وبالنسبة لكتاب السيناريو العرب فهنالك من تمرس هذا العمل واصبح كصنعة تدر عليه الاموال الطائلة واكتسب كثيراً من الشهرة بسبب ذلك من هؤلاء اسامة انور عكاشة، اعود للحديث عن كتابة السيناريو في المملكة، اثق بأن هنالك عدد من الكتاب لديهم القدرة الجيدة لكتابة السيناريو ولكن غالباً لا يجرؤن على الخوض بذلك المجال لعدة اسباب ربما من اهمها عدم وجود صناعة سينما في المملكة سبب آخر عدم الثقة بالمؤسسات الفنية التي تقوم بانتاج المسلسلات والاعمال الدرامية واذكر ان احد الاصدقاء قدم مشروعاً لسهرة تلفزيونية لاحدى تلك المؤسسات لتنفيذها وبعد زمن ورده الرد بتعذر انتاج ذلك العمل وفوجىء بعد ذلك بعرض اعمال درامية مشابهة ومتقاربة بالفكرة والاحداث من النص الذي تعذر انتاجه، انا لا اعمم ولكن هناك امر ما تسبب في احداث فجوة بين المبدعين والمؤسسات الفنية وتسبب بعدم الثقة هذه، سبب آخر ويمثل مأزقاً الى حد ما للمؤسسات الفنية اضافة الى كاتب السيناريو وهو الممثل، للاسف هناك بعض الممثلين لا يهمه الدور الذي يتقمصه بقدر ما يهمه ان يكون الممثل الاول حتى وان كان الدور غير مناسب له واحياناً اخرى يكون سبباً في ضعف العمل الفني مثل ان يمثل دوراً مستخدماً نسقاً مستهجناً من قبل المتلقي او ان يمثل دوراً لا يتقنه عموماً هذه الامور قد تتغير عندما تكون هناك حركة فعلية للدراما في المملكة، وغالباً ما يكون شهر رمضان المبارك شهر الطفرة الدرامية حيث تعرض عدد من الاعمال التلفزيونية لن اتوسع في الحديث عن الاعمال الدرامية العربية لان بعضها وكما يراه المشاهد يمثل جهداً فنياً توافرت كل الامكانات لإنجاحه، ولكن نعود لدائرتنا الضيقة وهي الاعمال الدرامية المنفذة داخلياً، للأسف نجد خللاً في بناء بعضها الدرامي بل ان بعضها يطرح أفكارا مستهلكة ويقدمها بصورة تفتقد كثيرا المنطقية في تسلسل الاحداث او وقوعها، قد يتقبل المشاهد خفة دم بعض الممثلين ولكن هنالك من اخذ مقلبا كبيرا في نفسه فتوقع ان كل هيئة غريبة يخرج بها تضحك المشاهد والمؤكد أنها تجعل المشاهد يضحك عليه وليس منه، وهنا ايضا لا اعمم ولا احدد عملا بذاته وليس في هذه السنة بالذات ما رأيكم بصراحتي هذه انا اتحدث عن واقع الدراما في السنوات الاخيرة ومأزق عدم وجود السيناريو الذي يقدم بصورة جيدة، لذا فقد كانت الاعمال التي تقدم عبر التلفزيون عبارة عن اجتهادات لممثلين او مخرجين وتنطلق غالبا من خلال ورشة عمل يشترك فيها المخرج وبعض الممثلين يختارون فكرة معينة ويتخيلون طريقة تنفيذها، ربما ستبقى الدراما في المملكة على هذا المنوال حتى تردم الهوة بين الكاتب والمجموعة الفنية المنفذة وعندها سنجد حتما اعمالا درامية متميزة.
|
|
|