من صيد الفكر المعاند صالح بن سعد اللحيدان |
لم يكن حال من سلف بحال سواء تقتفيها ترادفات النوازل على مثال واحد لا يزول لكنها مقتضاة بحالات اختلاف الأنفس بين: العالم والاديب والمفكر.
فكل يرى العبرة من حال حاضرة بما يقدره فيها من نفع ظاهر يتبين له من مظاهرها حساً ومعنى.
وقد أجمل ابن قيم الجوزية في كتابيه الجليلين بدائع الفوائد والفوائد ما أجمل من نوازل الحكمة وظواهر العبر والأمثال بما يظن معهما المطالع الظن كله أن دغدغة مكامن العقول لا تكون إلا بمثل هذا.
فهناك حيث طرق نوادر الحكم وتأصيلها وربطها بالمنزل الحكيم وحيث طرح الاعتبار بمعارج الفوائد يستلذ الناظر فيهما ما يحكيه ابن قيم الجوزية، وان كانت لي مآخذ في بعض ما رسمه هناك لكنه أجاد إجادة فذّ ونظر نظرة متمكن.
وإخالني أرى الكتابين من الجدارة بحيث لا يظن عاقل بصير بالأمور البخل على نفسه بهما، فقد كان الجلة من الكبار خلال القرون الثلاثة المفضلة يرحلون في طلب السند العالي، ويرحلون للقيا الكبار من الرواة ما بين: العراق، والشام، ومصر، وبخارى، واليمن، وكانوا يقدمون: مكة والمدينة بشوق كبير رغبة في اللقيا، وكانوا يتحينون: الحج لعله يجمع لهم الفحول من أهل الطبقات العليا في الرواية،
رحل: الذهلي، وقبله الزهري، والحمادان، والسفيانان، ورحل احمد، وابن معين، وابن المدني، ومعمر بن راشد، وعبدالرزاق.
ورحل: شعبة، وابن المبارك، والأعمش: سليمان بن مهران والقعنبي، ومحمد بن المثنى، ومحمد بن سلام، وبندار، وغندر، وخَلق آخرون رحلوا ينشدون علو أسانيد الآثار إذ هي من الدين بمكان مكين.
وما برح كبار العلماء والنقلة يحدوهم أمل عريض باللقيا وطلب الصحة من أهلها بتجشم خطر الكسل وصده ورده، وبترك غير أهله لمن ينشد خفيف العلم من شوارد الآداب هنا وهناك.
وكم قد أضاف صاحب الكتابين من الحكمة، من شوارد كبار العقول وصيد الخواطر الملهمة النابتة منبت الخير والنابتة منبت الفلاح في أدب جم، وصدق مواف، وخلق حسن، ونور من هدي مبين.
وها هو المزي في تهذيبه للتراجم تراجم ابن عدي يعطر الأنوف بمسك الغالية من طيب طيب وروح وريحان يورد ويصدر ما يهنأ له بال حتى يشبع الجائع ويروي كبد العطشان ولو قلت لم يسبق في باب كتابه لم أخالف الحق على نهج مرسوم.
فبكتابه بصحبة: محمد بن اسماعيل وابن أبي حاتم وابن سعد يهنأ أهل هذا الحين ويرفلون بلباس مجد تليد بين حين وحين.
وقلت في هذا من صيد فكري المعاند وقد نظرته وأنظرته فتخادع لي كعادته عند الاصرار: فقلت في:
طريق هو نفسه ذلك الطريق
كانوا يسيرون
كانوا يقولون
وكانوا يعملون.
***
حداهم أمل عريض لبلوغ الغاية
لكنها غاية,, غاية في الكبر
والعظمة
كانوا: يقولون
كل شيء في سبيلها:
يهون.
***
لم يؤخرهم يوما ما: نزوة عبث.
بل كانوا يستسهلون الصعب
يسيرون من خلال منابت:
شوق،
وهطول أمطار الحياة.
في صحارى خضراء.
نبتها جمال الخلق
في ابداع:
مصون.
***
سروا فحمد جميعهم
المسرى
ونهلوا فارتووا من عبق:
العطر الدائم
هذه هي حياة الخلد مبشرة
بأخرى دائمة،
أليسوا كبارا
أليسوا حملة
للأثر
للسند العالي،
رحلوا
فأبقوا أسفارا تحكى المآثر
بطول نفس
فالخير: يبذلون،
إذاً هات عمرك،
بقيته
أوله،
آخره،
مدَّ يدك،
تعطّر بروائح القوم السالفين،
كن: وصلا موصولا،
تظفر بما ظفروا به،
قليلا, أو كثيرا
لايهون.
|
|
|